Al Jazirah NewsPaper Wednesday  29/07/2009 G Issue 13453
الاربعاء 07 شعبان 1430   العدد  13453
الملك عبدالله .. طموح الشباب وهمة الكبار
منصور صالح اليوسف

 

يتمتع الملك عبد الله بشخصية متميزة استأثرت بمحبة المواطنين واحترام المقيمين. إنه محب للدين ومكارم الأخلاق، ويتمتع بمصداقية عالية ورحابة صدر نادرة. ويحب البساطة في العيش إلى جانب الكرم، ويكره الكبر والتعالي على الآخرين. اشتهر بالبشاشة مع جالسيه والعدل مع مواطنيه والعفو عمن زلت به أقدامه عن الخط المستقيم. يرحم الضعيف ويعطف على الكبير ويحب الصغير. يتسم حديث الملك عبد الله بالصراحة والوضوح حتى أنه يأسر النفوس ويملك القلوب.

ومما يدل على تواضع خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله وكريم أخلاقه توجيهه لعامة الشعب السعودي بعدم مناداته بالمولى أو صاحب الجلالة وذلك لدى استقباله عدداً من الأمراء والعلماء والمشايخ وكبار المسئولين من المواطنين المبايعين في المدينة المنورة حيث قال -حفظه الله: (يا إخوان أحب أن أنقل للأخ وللإخوان كلهم أن الجلالة للربِّ عزَّ وجلَّ، والمولى هو الربُّ عزَّ وجلَّ لا يقال لأي فرد، وشكراً لكم).

وفي موقف آخر طلب خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله من المواطنين عدم تقبيل يده مؤكداً أن هذه العادة أمر دخيل على تقاليد المملكة. وأضاف - حفظه الله- لدى استقباله جموعاً من المواطنين: (إخواني إن تقبيل اليد أمر دخيل على قيمنا وأخلاقنا ولا تقبله النفس الحرة الشريفة إلى جانب أنه يؤدي إلى الانحناء وهو أمر مخالف لشرع الله والمؤمن لا ينحني لغير الله الواحد الأحد، لذلك أعلن من مكاني هذا عن رفضي القاطع لهذا الأمر وأسأل الجميع أن يعملوا ذلك ويمتنعوا عن تقبيل اليد إلا للوالدين براً بهم).

ومن هوايات الملك عبد الله محبته للقراءة، فقد عرف عنه أنه جليس للكتاب. كما يحب الجلوس مع الأدباء والمفكرين والكتاب من المواطنين وغيرهم. ويركز الملك على قراءة كتب العقيدة والثقافة والتاريخ والأدب والسياسة. ومن أجل ذلك فقد عني بنشر العلم والثقافة حيث قاده هذا الهاجس إلى تأسيس مكتبة الملك عبد العزيز العامة بالرياض وجامعة الملك عبد الله للعلوم والتقنية في ثول. إضافة إلى ذلك فقد أنشأ المهرجان الوطني للتراث والثقافة بالجنادرية عام 1405هـ. كما أن الملك عبد الله مغرم بالفروسية والصيد والرحلات.

وتجدر الإشارة إلى أن الملك عبد الله قد عني عناية فائقة بتفقد أحوال المواطنين وخدمتهم والعمل على تحسين ظروفهم المعيشية على اختلاف مستوياتهم. وقد قال في هذا المجال: (ليعلم كل مواطن كريم على أرض هذا الوطن الغالي بأنني حملت أمانتي التاريخية تجاهكم واضعاً نصب عيني همومكم وتطلعاتكم وآمالكم فعزمت متوكلاً على الله في كل أمر وطني وأهلي مجتهداً في كل ما من شأنه خدمتكم فإن أصبت فمن الله وتوفيقه وسداده وإن أخطأت فمن نفسي وشفيعي أنه اجتهاد المحب لأهله الحريص عليهم أكثر من حرصه على نفسه).

كما كان يستقبل المواطنين من جميع طبقات المجتمع ويستمع إلى آرائهم وطلباتهم ومشكلاتهم ويوجه المسئولين بتنفيذ ما يراه حيال هذه الموضوعات. كما ويطلع المواطنين على سياسته في الحكم وتوجهاته في الإصلاح والتحديث وغير ذلك. ومن جهة أخرى فإن الملك عبد الله حريص على حضور المناسبات المختلفة التي تقام في المملكة سواء كانت مؤتمرات أو ندوات أو حفلات ويلقي خطابات موجزة ومهمة تطرح بعض التساؤلات وتعالج بعض القضايا. ولا شك أن هذه الخطب تعكس جانباً من شخصية خادم الحرمين الشريفين. كما أنها تمثل رؤاه وتطلعاته تجاهها.

وفي مجال التنمية في هذه البلاد فقد قام بإصلاحات كبيرة شملت تحديث الأنظمة وإعادة هيكلة الأجهزة الحكومية المختلفة مما نتج عنه إحداث عدد آخر من المؤسسات. كما شملت هذه الإصلاحات أيضاً افتتاح عدد كبير من الجامعات والمستشفيات في مختلف مناطق المملكة وإنشاء الطرق والجسور وسكك الحديد والمدن الاقتصادية وغيرها. إضافة إلى ذلك فقد أمر بتوسعة الساحات المحيطة بالحرمين الشريفين وتوسعة المسعى ومرمى الجمرات.

ولا شك أن لخادم الحرمين الشريفين مواقفه المعتدلة من عموم قضايا العرب والمسلمين. حيث قال في لقائه بالسفراء العرب المعتمدين لدى كوريا لدى زيارته لها عام 1998م: (إن المملكة العربية السعودية منذ عهد الملك عبد العزيز - رحمه الله - وعهد أبنائه من بعده لا يمكن أن تبحث قضايا المملكة دون بحث قضايا الأمتين العربية والإسلامية. وهذا مبدأ أساسي راسخ لا يمكن أن تحيد عنه سياسة المملكة).

وعن رؤيته عن الوحدة الإسلامية عبَّر عنها -حفظه الله- حيث قال: (إن الوحدة الإسلامية ليست هدفاً مستحيلاً ولا أمنية خيالية بل مطلب مشروع.. قادرون - بمشيئة الله - أن نحوله إلى حقيقة ملموسة إذا استطعنا أن نغلب مصلحة الكل على مصلحة الجزء وسعينا جميعاً لتكون كلمة الله - عزَّ وجلَّ - لا كلمة كل منا بمفرده هي العليا وليس ذلك على همم المؤمنين المخلصين بعزيز).

وفي هذا المجال فقد طرح الملك عبد الله مبادرته الشهيرة في قمة التضامن مع الشعب الفلسطيني في غزة التي عقدت في الكويت 22-1- 1430هـ الموافق 19-1-2009م للمِّ الشمل العربي وتجاوز مرحلة الخلاف وفتح باب الأخوة العربية والوحدة لكل العرب دون استثناء أو تحفظ ومواجهة المستقبل صفاً واحداً كالبنيان المرصوص. وأعلن الملك أمام القمة عن تبرع المملكة باسم الشعب السعودي بمبلغ ألف مليون دولار لإعادة إعمار غزة.

كما دعا خادم الحرمين الشريفين إلى حوار بين الأديان السماوية للاتفاق على ما يكفل صيانة الإنسانية من العبث بالأخلاق والتفكك الأسري والإلحاد. وقد جاءت هذه الدعوة بعد لقائه مع العلماء والمفكرين المسلمين عقب انتهاء اللقاء السادس لحوار الحضارات الذي عقد في الرياض. وقد لاقت هذه الدعوة الإشادة من عدد كبير من علماء المسلمين ورجال الدين في المسيحية واليهودية في أنحاء مختلفة من العالم.

ولا شك أن خادم الحرمين الشريفين تولى مقاليد الحكم في البلاد في ظروف محلية وإقليمية ودولية حساسة. وقد لعب خادم الحرمين الشريفين دوراً مهماً في تذليل هذه الصعوبات نظراً لحكمته وخبرته في التعامل مع الأحداث الداخلية والخارجية بفاعلية مما أكسبته حب المواطنين واحترام القادة والشعوب الآخرين.

وبالرغم من قصر الفترة التي قضاها الملك عبد الله في الحكم إلا أن الإنجازات التي تحققت في عهده للوطن والمواطنين تعدّ كبيرة. وقد استخدم عوائد البترول المرتفعة لخدمة أهداف التنمية في المملكة. حيث عمل على تحسين المستوى المعيشى للمواطنين وبناء المشروعات الكبيرة للوطن. إضافة إلى ذلك فقد حرص على تعزيز سبل التعاون الاقتصادي والاستثماري مع عدد من الدول الصناعية الواعدة كالصين والهند وماليزيا وغيرها.




 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد