Al Jazirah NewsPaper Wednesday  29/07/2009 G Issue 13453
الاربعاء 07 شعبان 1430   العدد  13453
اللغة العربية بين الآمال والتحديات
عبدالله بن حمد الحقيل

 

لقد خص الله اللغة العربية بالفصاحة والبيان اللذين يعدان من مميزاتها وعوامل نموها، فاللغة العربية نزل بها كتاب سماوي خالد وسعته لفظاً وغاية، واتسعت لمختلف العلوم والآداب والفنون، حملت إلى الإنسانية علماً وتراثاً وآداباً ومثالية، وحفلت بالماضي المشرق والمجد المتألق، وامتلأ تاريخها بالمآثر والمفاخر والأمجاد. ولست في حاجة إلى بيان وتعداد الأدوار التي أدتها اللغة العربية في مختلف مجالات العلم، وميادين المعرفة، وضروب الآداب، وفي كونها أداة للتخاطب، ووسيلة للتعبير عن أدق المشاعر والعواطف والإحساسات، ولو ألقينا نظرة على معاجم اللغة لرأينا ذلك التراث اللغوي الذي عز نظيره في شتى اللغات.

وإنه لمن دواعي الغبطة أن بلادنا -حرسها الله- تظهر أعظم الاهتمام بكل ما يتصل باللغة العربية، وقد بلغ من ذلك الاهتمام أن مناهج اللغة العربية في مدارسنا وجامعاتنا تحظى بمزيد من العناية والرعاية، وهذا - بلا شك- مما يغتبط به كل غيور على اللغة العربية الفصحى، فإن احترام الأمة للغتها وغيرتها عليها هما أقوى ما يحفظها وأكبر ضمان لقوتها وحيويتها وتأدية وظيفتها، ولست في حاجة إلى البرهان على أن اللغة العربية الفصحى كان لها دور رائد وقدرة وقابلية حين واجهت النهضة العلمية في العهدين الأموي والعباسي، ومعارف الأمم الأخرى.

ومن هنا يجب أن نحرص على الاهتمام باللغة العربية التي نزل بها الكتاب الخالد، وأن نبذل مزيداً من الجهود للعناية بها، والغيرة عليها، لأنها مقصد أعداء الإسلام والمسلمين، ولنا عظيم الأمل وكبير الرجاء في دعوة علماء اللغة وأساتذتها في جامعاتنا، ومراكز البحوث إلى أن ينهضوا جاهدين بشطر من المسؤولية، ويولونها جانباً من اهتمامهم، وبذل الجهد والعطاء في سبيل خدمة اللغة العربية وتبسيط تعليمها لمتعلميها، ونقل العلوم والفنون إلى العربية، والصبر على هذا العمل الشاق ليستحقوا الثناء وجميل الدعاء. فشأنها في ذلك شأن كل لغة حية تكون دائماً في تطور مستمر، وتفي بحاجات العصر، ومعرفة علومه، فهي ما ضاقت في تاريخها، ولن تضيق، وهي قادرة على أن تتسع وتشمل وسائل الحياة في هذا العصر، وتتمشى مع مقتضيات الحضارة الراهنة بما لا يبتعد عن أصول اللغة وقواعدها. ولقد ترجم أسلافنا علوم الأوائل، وإنه لجدير بنا أن ننقل علوم المعاصرين، وتعريب اللفظ الأجنبي في مقدور المشتغلين بمراكز البحث ومجامع اللغة العربية، وكذلك إفساح المجال للقياس والاشتقاق اللذين يعينان على إمداد العلم والحضارة بما يحتاجان إليه من ألفاظ جديدة.

فهي -أي اللغة العربية- لا تزال- بحمد الله- لغة حية في هذا العصر الذي بهرنا بمخترعات لا تنقطع وبعلوم ومصطلحات جديدة، مما يجعلنا نبتهج ونغتبط بذلك، برغم العداء المستحكم لها من جانب أعدائها، وضروب التحدي الذي تواجهه.

أدام الله لها العزة والقوة والحيوية والرفعة في شتى مظاهر الحياة، والقدرة على مواكبة علوم العصر، وتعاون أبنائها على كل ما ينهض بها ويعز من كيانها.

فاللغة هي مرآة للمجتمع -كما يقال - بل أصدق سجل لتاريخ الأمم.. وبالله التوفيق.




 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد