Al Jazirah NewsPaper Saturday  15/08/2009 G Issue 13470
السبت 24 شعبان 1430   العدد  13470

المعتمد وإشبيلية
د. خليل إبراهيم السعادات

 

إشبيلية عاصمة منطقة الأندلس ومحافظة إشبيلية في جنوب إسبانيا وتقع على ضفاف نهر الوادي الكبير، عدد سكانها عام 2007 حوالي 699.145 نسمة ويجعلها رابع أكبر مدينة في السكان في إسبانيا بعد مدريد وبرشلونة وبلنسية اشتهرت أيام الحكم الإسلامي لاسبانيا وقد فتح المسلمون إشبيلية في شعبان سنة 94هـ بقيادة موسى بن نصير بعد حصار دام شهراً وأقام عليها عيسى بن عبد الله الطويل وهو أول ولاتها من المسلمين وفي سنة 95هـ خلف عبد العزيز بن موسى بن نصير أباه والياً على الأندلس واستقر في إشبيلية واتخذها عاصمة له، وكان عبد الرحمن الثاني قد أمر ببناء أسطول بحري ودار لصناعة الأسلحة فيها أواسط القرن التاسع الميلادي وبنى فيها المسجد الجامع الأول، وقد أغار النورمان على إشبيلية وأحرقوا جامعها ولكن القوات الأندلسية أنزلت بهم هزيمة حاسمة عند طليطلة شمال إشبيلية.

وفي سنة 414هـ بدأ عصر الطوائف حيث استبد أبو القاسم محمد بن عباد قاضي إشبيلية بحكومتها وأنشأ دولة بني عباد ومن أشهر حكامها المعتمد بن عباد فقد ولد في باجة إقليم في البرتغال حالياً وتوفي في أغمات 431 - 488هـ اسمه محمد بن عباد بن محمد بن إسماعيل اللخمي أبو القاسم المعتمد على الله.

كان شاباً فارساً شاعراً مجيداً يحب الأدب فاجتمع في بلاطه نجوم ساطعة من أرباب ونوابغ القصيد من أمثال أبي بكر بن عمار وابن زيدون وابن اللبانة وابن حميس الصقلي، وكما كان المعتمد شاعراً مجيداً كانت زوجته اعتماد الرميكية شاعرة كذلك وكانت إشبيلية حاضرة دولته آية في الروعة.

كان المعتمد بن عباد حين آل إليه حكم إشبيلية سنة 461هـ في الثلاثين من عمره امتلك قرطبة وكثيرا من المدن الأندلسية واتسع سلطانه إلى أن بلغ مدينة مرسيه. عاش ابن عباد في أيام ملوك الطوائف وهم ملوك تقاسموا الدولة الأموية في الأندلس وحكم كل واحد منهم جزءاً أو دويلة حتى بلغ مجموع تلك الدويلات إحدى وعشرين دولة لكل دولة منها عرش وملك وجيش ضعيف ولما رأى ضعفهم وتفرقهم الفونسو السادس ملك ليون وقشتاله هجم على طليطلة فاجتاحها واستردها ثم أرسل له رسولاً ومعه خمسمائة فارس يحمل رسالة تهديد من الفونسو بأن على المعتمد أن يتنازل عن حصون معينة وحشد الرسالة بالتهديد فثار المعتمد وجمع العلماء فاتفقوا على الاستنجاد بزعيم المرابطين يوسف بن تاشفين في الشمال الافريقي وتم القرار في الحال فأمر المعتمد بقتل الفرسان المسيحيين جميعاً وضرب الرسول وبصق في وجهه وفي الحال أصدر بن تاشفين نداء بالجهاد فتسابق شباب المسلمين إلى الساحة وأقبل المتطوعون من أرجاء البلاد حتى ازدحمت البلاد بالمجاهدين المسلمين وأقبل الفونسو في أربعين ألف جندي وكتب إلى أمير المسلمين ابن تاشفين يتهدده فكتب له على ظهر خطابه جوابك هو ما سوف ترى ثم التقى الجمعان في مكان قريب من بطليموس على حدود البرتغال في سهل واسع من الأرض يقال له الزلاقة كانت استجابة ابن تاشفين سريعة مذهلة فقد أقبل في قرابة مئة سفينة ونيف وعشرين ألف جندي واندفع إلى الزلاقة فوجد المعتمد بن عباد قد سبقه وقضى ليلة كاملة يهاجم وتنهشه الجراح وفي اللحظة المناسبة وصل المرابطون وقائدهم إلى قلب المعركة وتكامل عدد الإسبان خمسين ألفاً هرب القائد الفونسو في بضعة رجال وكانت الواقعة في يوم الجمعة الأولى من شهر رمضان حيث قتل عدد كبير من جيش الفونسو وانتصر المسلمون انتصاراً ساحقاً على قوات الملك القشتالي وكان للمعركة تأثير كبير في تاريخ الأندلس الإسلامي إذ إنها أوقفت زحف الإسبان المطرد في أراضي ملوك الطوائف الإسلامية، وقد أخرت سقوط الدولة الإسلامية لمدة تزيد عن قرنين ونصف كان أمير المسلمين يوسف بن تاشفين في أول الأمر يحترم المعتمد بن عباد ويقول هو ضيفنا ولكن ملوك الطوائف عادوا بعد المعركة إلى تناحرهم وتقاتلهم وترفهم وانتهى أمر المعتمد أن وقع في قبضة يوسف بن تاشفين بعد أن استولى على إشبيلية فحبس المعتمد في سجن أغمات فقيراً مجرداً من ماله ومقيداً وأظله عيد وهو في السجن فقال يصف هذا المشهد.

فيما مضى كنت بالأعياد مسروراً

فجاءك العيد في أغمات مأسوراً

ترى بناتك في الأطمار جائعة

يغزلن للناس ما يملكن قطميرا


 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد