Al Jazirah NewsPaper Tuesday  18/08/2009 G Issue 13473
الثلاثاء 27 شعبان 1430   العدد  13473
لماذا المجتمع السعودي؟
محمود بن عبدالله القويحص

 

أمر ملفت للنظر، وداعي إلى الحيرة والقلق، ما إن تتابع بعض القنوات الفضائية التي عجت بها السماء إلاّ ويشد انتباهك كثرة الحديث حول قضايا المجتمع السعودي وعاداته وتقاليده وخصوصياته من قبل سعوديين وغير سعوديين بمناقشات حادة ومداخلات لاذعة، ناهيك عن أسلوب النقد والتجريح، والغمز واللمز.

وما إن تشاهد برنامجاً حوارياً إلا وللسعوديين حضور مرموق وقوي فيه، بل هناك بعض البرامج لا يحييها إلا السعوديون، وأي برنامج ليس للسعوديين فيه نصيب فهو إلى الزوال أقرب، بل متى ما أراد المذيع أو المخرج أن يعلو صيته ويصبح من عداد المشهورين فلا بد له من الحديث عن السعودية ومجتمعها بأي شكل من الأشكال، بل القناة الفضائية متى ما أرادت الكسب المادي والحصول على أكبر عدد من المشاهدين خصصت برامج عن السعودية ومجتمعها.

والأغرب من ذلك تلك القنوات التي تبث من بعض الدول المجاورة لا هم لها إلاّ مناقشة قضايا المجتمع السعودي أكثر من مناقشة قضاياهم وأحوالهم وما هم فيه - مع أنهم يعيشون في أزمات لا حصر لها - ومع ذلك فالبرامج الخاصة التي تتحدث عن المجتمع السعودي والموجهة إليه أكثر بكثير من البرامج التي تتحدث عن أوضاعهم وقضاياهم، مما يجعل الحليم حيران، ويتبادر إلى ذهن كل مشاهد سؤال لماذا المجتمع السعودي بالذات؟ ولماذا التركيز عليه ببرامج تحاول نشر الرذيلة بين أفراده؟ ولماذا كل هذا الزخم الإعلامي لقضاياه الخاصة والعامة؟ وكأنّ مجتمعنا السعودي يعاني الأمرين في أسلوب حياته ومعيشته؟ وكأن تلك القنوات الفضائية تؤدي دور المحامي عن أفراد المجتمع السعودي؟ وليس لدينا قنوات خاصة بنا لديها القدرة على إثارة الحوار والحديث حول قضايانا بكل صراحة وشفافية؟ وكأننا بحاجة إلى مذيعين غير سعوديين يناقشون قضايانا بأسلوب تمجه الأنفس الأبية؟. وبنظرة فاحصة دقيقة يتبن أن خلف هذا الأمر سببان:

الأول: البحث عن المادة، والسعي للحصول عليها بأيّ طريقة كانت حتى لو على حساب إثارة الفتن والقلاقل، أو بنشر الرذيلة والإباحية والانحلال الخلقي، فالهدف لصاحب القناة جمع الأموال وكسبها عن طريق الرسائل والاتصالات متجاهلاً النظرة الشرعية لها، وهذا لا يتم إلاّ ببرامج تخص مختلف شرائح المجتمع وتنوع اهتماماته ولديه الإمكانيات على دفع تكلفة الرسائل والاتصالات دون تفكير أو حساب، فنرى معظم البرامج تحاول إثارة ودغدغة مشاعر المشاهد السعودي كي ينجرف خلفها فيشارك بجهل منه دون تأمل عن مدى فائدة ما أقدم عليه.

الثاني: يتبين من مقولة أبو جهل وما حمله على عداوة النبي محمد صلى الله عليه وسلم وعدم الإيمان به عندما قال: تنازعنا نحن وبنو عبد مناف الشرف، أطعموا فأطعمنا، وحملوا فحملنا، وأعطوا فأعطينا حتى إذا تجاثينا على الركب وكنا كفرسي رهان قالوا: منا نبي يأتيه الوحي من السماء فمتى ندرك هذه؟ والله لا نؤمن به أبدا ولا نصدقه، فما منعه من الإيمان به إلا الحسد والكبر، فكل صاحب نعمة محسود، والحسد يعمي ويطم، ونحن ولله الحمد نعيش في هذا الوطن برغد من العيش وكثيراً من الدول افتقدت ذلك مع وجود ثروات فيها، وموارد متعددة ولكن سوء التدبير والبعد عن منهج الله عز وجل حرمهم لذة التمتع بما في أرضهم من خيرات، فما نحن فيه من نعمة الأمن والأمان، والراحة والاستقرار، والألفة واللحمة والتماسك بين أفراد المجتمع، والالتفاف حول ولاة الأمر - وفقهم الله - ليس بمجرد وجود الثروة البترولية فحسب، فخصوصية المجتمع السعودي والذي ميزته عن كثير من دول العالم بسبب التمسك بالشريعة الإسلامية منهجا وسلوكا، وبالمحافظة على الأخلاق والأعراض، وعدم وجود مظاهر الانحلال والمنكر علانية، وهذا ما دفع بالحاقدين الحاسدين بالخارج من أعداء الملة والدين وبمعاونة من بعض ضعاف النفوس الجهلة من أفراد المجتمع يسعون جاهدين لإزالة تلك الخصوصية، وينظرون إلى المجتمع السعودي بنظرة يعلوها الحقد والحسد والغل، فأصبحنا نشاهد ونلمس ونعاني من تلك الموجة الشرسة الموجة خاصة لأفراد المجتمع السعودي المسلم صغاراً وكباراً شباباً وبناتاً كي يبتعدوا عن مصدر قوتهم وعزتهم وخصوصيتهم، وكلا السببين غابا عن كثير من أفراد مجتمعنا السعودي، ممن قصرت نظرتهم، وغلبت عليهم أهوائهم وشهواتهم، فيا ليت قومي يعلمون بأننا مقصودون وكل ذي نعمة محسود، ولهذا فالمسؤولية باتت مضاعفة على الإعلام السعودي بشتى وسائله المرئية والمسموعة والمقروءة، وعلى المؤسسات التعليمية والتربوية، وعلى رجال الأعمال والممولين للقنوات الفضائية للتصدي بخطط مدروسة وبرامج مكثفة ومركزة لهذا الخطر المحدق، فإنّ إدراك المواطن السعودي بمجريات الأحداث التي تدور حوله من أهم الأسباب للحفاظ على ما هو فيه من نعمة.



malqwehes@gmail.com

 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد