Al Jazirah NewsPaper Saturday  22/08/2009 G Issue 13477
السبت 01 رمضان 1430   العدد  13477
صباح التفاؤل والأمل
دانة الخياط

 

ومضة:

كان هناك طفل يصعب إرضاؤه، أعطاه والده كيساً مليئاً بالمسامير وقال له: قم بطرق مسمار واحد في سور الحديقة في كل مرة تفقد فيها أعصابك أو تختلف مع أي شخص... اليوم الأول قام الولد بطرق 37 مسماراً في سور الحديقة، وفي الأسبوع التالي تعلم الولد كيف يتحكم في نفسه وكان عدد المسامير التي توضع يومياً ينخفض.. اكتشف الولد أنه تعلم بسهولة كيف يتحكم في نفسه، أسهل من الطرق على سور الحديقة... في النهاية أتى اليوم الذي لم يطرق فيه الولد أي مسمار في سور الحديقة.. عندها ذهب ليخبر والده أنه لم يعد بحاجة إلى أن يطرق أي مسمار..

قال له والده: الآن قم بخلع مسمار واحد عن كل يوم يمر بك دون أن تفقد أعصابك.. مرت عدة أيام وأخيراً تمكن الولد من إبلاغ والده أنه قد قام بخلع كل المسامير من السور..

فقام الوالد بأخذ ابنه إلى السور وقال له:

بني قد أحسنت التصرف, ولكن انظر إلى هذه الثقوب التي تركتها في السور لن تعود أبداً كما كانت، عندما تحدث بينك وبين الآخرين مشادة أو اختلاف وتخرج منك بعض الكلمات السيئة, فأنت تتركهم بجرح في أعماقهم كتلك الثقوب التي تراها.. أنت تستطيع أن تطعن الشخص ثم تخرج السكين من جوفه، ولكن تكون قد تركت أثراً لجرح غائر، لهذا لا يهم كم من المرات قد تأسفت له لأن الجرح لا زال موجوداً، جرح اللسان أقوى من جرح الأبدان..

***

هذا الصباح استيقظت باكراً كعادتي، ذهبت لإعداد قهوتي الصباحية، غلي الماء، أضفت إليه ملعقة من السكر وملعقتين من البن، ثم تذوقت الطعم اللذيذ للقهوة وسكبتها في الفنجان.. توجهت بفنجاني إلى الشُرفة، وبالطبع لم أنس قطعة الشوكولا..

يا له من صباح جميل مميز بنسماته المنعشة، كل ما فيه يشاركني فرحي وتفاؤلي، حتى عصفوراي الصغيران لا يتوقفان عن التغريد والرفرفة بأجنحتهما دليل السعادة، وفيروز تغني بفرح غامر (هالسيارة مش عم تمشي بدنا حدا يدفشها دفشه... يحكوا عن ورشة تصليح.. وما عرفنا وين هي الورشة)... نظرتُ إلى فنجان القهوة وساءلت نفسي: ما هو وجه الشبه بين حياتنا والقهوة؟

هل حياتنا تشبه القهوة؟

نعم...

فالقهوة أحياناً نشربها حلوة المذاق، وأحياناً أخرى نضطر رغماً عنا أن نشربها مُرة...

وأيامنا هكذا... فيوم لك ويوم عليك... قد تمر علينا لحظات نشعر بمرارة الأيام وقسوتها... ربما لأحداث مؤلمة أو مشاكل متفاوتة الحجم والتأثير... فتهطل علينا الأحزان... وقد تمر علينا لحظات نشعر فيها بلذة أيامنا... تماماً كما نستمتع بقهوة الصباح الحلوة.. نتذوقها بكل فرح... ونتمنى أن لا ينتهي فنجان القهوة.. كما نتمنى أن لا تنتهي تلك اللحظات...

وفي معظم الأحيان، نحن من نضيف السكر إلى القهوة... أو نفضل شربها مُرة دون سكر...

لازالت فيروز تغني، وعصفوراي يرفرفان، وأنا أقول: حياتنا من صنع أفكارنا، تماماً كالقهوة.




 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد