Al Jazirah NewsPaper Tuesday  25/08/2009 G Issue 13480
الثلاثاء 04 رمضان 1430   العدد  13480
شهر الخير والقرآن
محمود أحمد مُنشي

 

للصيام معان كبيرة تهدف إلى تذكير الناس بضرورة الإحساس بحاجات وأحوال الآخرين وخصوصاً الأهل وذي القربى، وضرورة البذل والعطاء، كما أنه يعود النفس على كبح جماحها والتسلح بالصبر، وضبط الرغبات الملحة، إضافة إلى التسامح والإحسان.

المسلم المتطلع إلى رضوان ربه وسلامة آخرته، يحرص على أعمال الخير التي تقربه للمولى عز وجل ومن أعظمها صلة الرحم في كل الأوقات وخصوصاً في هذا الشهر الفضيل. فقد جاء في الحديث القدسي: (أنا الرحمن وأنا خلقت الرحم واشتققت لها من اسمي فمن وصلها وصلته ومن قطعها بتته) وهناك آيات كثيرة وأحاديث نبوية شريفة تحثنا على صلة الرحم وتحذرنا من مغبة قطيعة الرحم وما تسبب لصاحبها من عقوبات في الدنيا والآخرة، ففي الحديث الشريف أن قطيعة الرحم تحجب الرحمة، ترد الدعاء وتحبط العمل وهي من الذنوب التي يعجل الله لصاحبها العقوبة في الدنيا والآخرة.

وفي هذا الشهر المبارك تصفد مردة الشياطين وتفتح أبواب الجنة وتغلق أبواب الجحيم وفي الجنة باب اسمه الريان لا يدخله إلا الصائمون فإذا دخلوا أغلق ولم يدخله غيرهم، من عطاء المولى عز وجل، كما جاء في معنى الحديث الشريف: (أن الفريضة بسبعين فريضة فيما سواه والنافلة بفريضة فيما سواه والحسنة بعشرة أمثالها إلى سبعمائة ضعف) والواجب علينا في شهر القرآن الكريم أن نتعهد كتاب الله بتلاوته آناء الليل وأطراف النهار ومعرفة أحكامه لنزداد من نفحات النور العظيم، كما قال تعالى: {قَدْ جَاءكُم مِّنَ اللّهِ نُورٌ وَكِتَابٌ مُّبِينٌ} الآية. ولنا في رسول الله صلى الله عليه وسلم أسوة حسنة، إذ كان صلى الله عليه وسلم يعتكف العشر الأواخر من رمضان تحريا لليلة القدر التي هي خير من ألف شهر. قال عز وجل: {إِنَّا أَنزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةٍ مُّبَارَكَةٍ} الآية. وقوله تعالى: {لَيْلَةُ الْقَدْرِ خَيْرٌ مِّنْ أَلْفِ شَهْرٍ} الآية. وأن نقبل على طاعة الله وذكره مُلتمسين مزيدا من الأجر العظيم في العشر الأواخر منه والتي كان صلى الله عليه وسلم يشد فيها المئزر ويوقظ أهله ويُحيي الليل في صلاة وتلاوة وذكر ودعاء. ويستحب إخراج الزكاة في شهر رمضان لمستحقيها وللذين لا يسألون الناس إلحافاً، لنمسح دموع من استطعنا من فقراء ومعوزين ولنعش مجتمعاً مسلماً متحاباً مترابطاً كما جاء في الحديث الشريف: (المؤمن للمؤمن كالبنيان يشد بعضه بعضاً).

ولا يفوتني أن أنوه على ظاهرة تفشت في مجتمعنا وهي الإسراف والإقبال على شراء معظم ما تقع عليه أعيننا من مواد غذائية في الأسواق أو في داخل المراكز التجارية تتعدى ما هو مسجل ومدون في قائمة الأغراض المطلوبة المعدة من ربة البيت وهذا يدل على ضعف الوازع الديني عند البعض منا وقلة الوعي وانسياقنا خلف شهواتنا دون مراعاة أن هناك فئة هي في أمس الحاجة إلى شراء ما تحتاجه وهي لا تستطيع ذلك. وقد يؤدي ذلك إلى تكديسها وتعريضها للتلف بانتهاء صلاحيتها حيث مع مرور الوقت ينسى منا الواحد تلك الأغراض الزائدة عن حاجتنا، ناهيك عما يحدث قبل الإفطار ترى الكثير يصابون بنهم البطون في شراء المأكولات المعروضة في الأسواق يتم اقتناؤها في معظم الأحيان بداع بل وبدون داع ويصبح مصيرها براميل الفضلات لأن الموجود في المنزل يكفي وزيادة، وتصبح وجبات دسمة للقطط وغيرهم من الذين ينبشون تلك النفايات.

وهذا وأيم الله الإسراف والتبذير بعينه واننا محاسبون على هذا التفريط والتبذير حيث جاء في محكم التنزيل: {وكُلُواْ وَاشْرَبُواْ وَلاَ تُسْرِفُواْ}.

علينا أن نتقي الله في المال الذي بين أيدينا وأن ننفقه على الوجه الصحيح فهناك أمم كثيرة تتمنى أن تحظى بما أنعم الله به علينا من نعم وخيرات، ملتزمين المنهج الرباني بقوله تعالى: {وَلاَ تَجْعَلْ يَدَكَ مَغْلُولَةً إِلَى عُنُقِكَ وَلاَ تَبْسُطْهَا كُلَّ الْبَسْطِ فَتَقْعُدَ مَلُومًا مَّحْسُورًا}.الآية. سائلين المولى عز وجل أن يتقبل من الجميع صالح الأعمال وأن يجعلنا من المقبولين في هذا الشهر الكريم إنه سميع مجيب.




 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد