Al Jazirah NewsPaper Tuesday  25/08/2009 G Issue 13480
الثلاثاء 04 رمضان 1430   العدد  13480
شهر رمضان ليس كبقية الشهور
محمود بن عبد الله القويحص

 

من نعم الله -التي لا تعد ولا تحصى- على عباده المؤمنين أن خصهم سنوياً بشهر عظيم فيه تصفد مردة الشياطين، وتغلق أبواب النار، وتفتح أبواب الجنان، وتضاعف فيه الحسنات وتكفر السيئات، وفيه الرحمة والغفران، فأوله رحمه وأوسطه مغفرة وآخره عتق من النيران، شهر كان النبي صلى الله عليه وسلم يبشّر أصحابه بقدومه لما فيه من الخصائص والمميزات والأجر العظيم، فشهر رمضان ليس كبقية الشهور، فالقرآن الكريم أنزل فيه قال تعالى: {شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِيَ أُنزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ هُدًى لِّلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ مِّنَ الْهُدَى وَالْفُرْقَانِ} البقرة 185، وفيه ليلة القدر أجرها وثوابها يعادل عبادة ألف شهر قال تعالى: {إِنَّا أَنزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ* وَمَا أَدْرَاكَ مَا لَيْلَةُ الْقَدْرِ* لَيْلَةُ الْقَدْرِ خَيْرٌ مِّنْ أَلْفِ شَهْرٍ} سورة القدر، وصح عنه أنه قال صلى الله عليه وسلم: (من قام ليلة القدر إيماناً واحتساباً غفر له ما تقدم من ذنبه) وأمرنا بصيام نهاره بالإمساك عن الطعام والشراب وسائر المفطرات عبادة وتقربا إلى الله عز وجل قال تعالى: {فَمَن شَهِدَ مِنكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ}، وقال صلى الله عليه وسلم: (من صام رمضان إيماناً واحتساباً غفر له ما تقدم من ذنبه، ومن قام رمضان إيماناً واحتساباً غفر له ما تقدم من ذنبه)، وفي الحديث القدسي يقول عليه الصلاة والسلام: (يقول الله عز وجل: كل عمل ابن آدم له الحسنة بعشر أمثالها إلى سبعمئة ضعف إلا الصيام فإنه لي وأنا أجزي به، ترك شهوته وطعامه وشرابه من أجلي، للصائم فرحتان: فرحة عند فطره وفرحة عند لقاء ربه، ولخلوف فم الصائم أطيب عند الله من ريح المسك).

ونهانا المصطفى صلى الله عليه وسلم عن كل ما يفسد هذا الصوم أو يجرحه أو ينقص من أجره فقد صح عنه أنه قال: (من لم يدع قول الزور والعمل به والجهل فليس لله حاجة أن يدع طعامه وشرابه)، وقال: (رب صائم ليس له من صيامه إلاّ الجوع والعطش) فالغاية السامية من شهر رمضان الكريم ربط المسلم بخالقه، ورجوعه والإنابة إليه، ومحاسبة النفس وتزكيتها والسمو بها عن سفاسف الأمور، ومجاهدة الشيطان ودحره، والتزود من الأعمال الصالحة لنيل الدرجات العالية، وهذا لن يكون إلاّ باستشعارنا قيمة هذا الشهر وما فيه من الفضائل والأجر العظيم ومضاعفته، فأداء نافلة برمضان كفريضة فيما سواه، وأداء فريضة فيه كسبعين فريضة فيما سواه، وعمرة فيه كحجة، فقد كان النبي صلى الله عليه وسلم مثالاً حياً لنا في ذلك فعن ابن عباس رضي الله عنه قال: (كان رسول الله صلى الله عليه وسلم أجود الناس وكان أجود ما يكون في رمضان حين يلقاه جبريل، وكان يلقاه في كل ليلة من رمضان فيُدارسه القرآن، فرسول الله صلى الله عليه وسلم أجودُ بالخير من الريح المرسَلة) فشهر رمضان مدرسة وجامعة لتربية النفس وتهذيبها، ومجاهدتها وكسر جماح شهواتها، وتحقيق معنى العبودية لله عز وجل، وليس شهر تبذير وإضاعة للفرائض وارتكاب لما حرم الله، فشهر رمضان ليس كبقية شهور السنة، ومن الغبن أن يمضي الشهر على المسلم دون أن يجد في نفسه تغيير وتحسن وإقبال على الطاعات، والسعي لرضا الرحمن، فقد صعد رسول الله صلى الله عليه وسلم المنبر فقال : ( آمين آمين آمين) فلما نزل قال : (أتاني جبريل عليه السلام فقال : رغم أنف امرئ أدرك رمضان فلم يغفر له، قل : آمين فقلت : آمين . ورغم أنف امرئ أدرك والديه أحدهما أوكلاهما فلم يدخلاه الجنة فأبعده الله قل : آمين فقلت : آمين . ورجل ذكرت عنده فلم يصلِ عليك فأبعده الله، قل : آمين، فقلت : آمين) .



malqwehes@gmail.com

 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد