Al Jazirah NewsPaper Thursday  27/08/2009 G Issue 13482
الخميس 06 رمضان 1430   العدد  13482
لما هو آت
أدب اللسان والجنان..
د. خيرية إبراهيم السقاف

 

ولئن أخطأك أحد فقل: (إني صائم)..{وَإِذَا خَاطَبَهُمُ الْجَاهِلُونَ قَالُوا سَلَامًا}.

منطلقان للتدريب على صوم الوجدان، واللسان.. فأكثر الناس نجاة أعلاهم خلقا وأقدرهم كظما..

وأكثر الناس خلقا من تخلَّق في طاعة الله تعالى ومعه سبحانه، فما أحلمه وأعظمه صبرا على سوء من خَلق، يدَّعون له ولدا فيرحمهم ويرزقهم ويمدهم في الوقت ليهتدوا..

وأنتم، كما حلم عليكم ربكم فخلقكم وأنبتكم، ورزقكم، وكساكم، وآواكم، وعلمكم، وربَّاكم، وجعلكم من خير أمة أخرجت للناس، من أصلاب وبطون طاهرة، وجعل لكم معقد الهدى كتاب الله، ومشعل الطريق سنة رسوله صلى الله عليه وسلم، ما الذي عليكم في هذا الشهر، الذي هو لله وحده، خصَّ عملكم فيه له دون سائر أيامكم؟ أتطيعونه فتصومون جوعا وعطشا؟ أم تصوِّمون جوارحكم وألسنتكم دون الخوض فيما يجرح هذا الصوم ويخرجه عن نقائه؟ وصفائه؟ وخلوصه لله تعالى؟..

فالصبر في سائر الأيام على أذى الناس يورثكم الرحمة، والمغفرة والدرجة العليا في الجنة كما وعد تعالى، فقال جلَّ من يقول :{وَالْكَاظِمِينَ الْغَيْظَ وَالْعَافِينَ عَنِ النَّاسِ}، {وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ الَّذِينَ إِذَا أَصَابَتْهُم مُّصِيبَةٌ قَالُواْ إِنَّا لِلّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعونَ}، }أُوْلَئِكَ عَلَى هُدًى مِّن رَّبِّهِمْ وَأُوْلَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ}.. ذلك الحد الأعلى للصبر, والمنتهى الأبعد للجزاء.., فإن كنتم لله صائمين يا صغاري، فإذن تعودوا على السلام عبورا بالسفهاء، تجاوزا عن الناس، وامتثالا لطاعة الله، فأنتم موقوفون في رمضان للعمل له وحده لا شريك له في صومكم ولا أنفسكم...

ولئن وهبكم التغاضي عن جهل الآخرين فيكم السكينة والمقدرة على كبح جماح النفس، وضبطها علوا في الخلق، وارتفاعا عن الوضاعة, فإنه يورث المغفرة وعفو الله وما هما إلا مفاتيح الجنان.., فما يريد بشر أجمل وأنجح وأطيب من هذه النتيجة؟..

فتخلقوا بخلق الله تعالى في صبره على خلقه السفهاء الجهلاء، وهو أول قدوة لكم (عن أبي موسى رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ليس أحد، أو (ليس شيء) أصبر على أذى سمعَه من الله، إنهم ليدَّعون له ولدا وإنه ليعافيهم ويرزقهم)، فيا لعظمة حلمه تعالى، كذلك تخلقوا من ثمَّ بخلق رسوله عليه وصحابته وآل بيته الصلاة والسلام، فقد قال أنس بن مالك رضي الله تعالى عن خلقه في التعامل معه وقد كان ملازما له رضي الله تعالى عنه في خدمته ما قال: (خدمت النبي صلى الله عليه وسلم عشر سنين فما قال لي أفٍّ, ولا لمَ صنعتَ، ولا ألا صنعت).. ما أرحب صدره وألين جانبه عليه الصلاة والسلام، وفي أدبه أسفار وأسفار مع الناس فكيف مع ربه تعالى..؟

وأولى بكم الاقتداء به، والتأدب في صومكم بأدبه لتكون مسيرة جوارحكم وألسنتكم عند رطوبتها في فطركم... تلك هي ومضات معا نتدارسها في هذه المدرسة الشاسعة عالية الشجر وارفة الزهر عبقة الطيب.. وفقكم الله.




 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد