Al Jazirah NewsPaper Tuesday  01/09/2009 G Issue 13487
الثلاثاء 11 رمضان 1430   العدد  13487
عمل شنيع ومنكر
د. عبدالله بن عبدالرحمن الشثري

 

عمل شنيع ومنكر ذاك الحدث الذي نجا الله منه سمو مساعد وزير الداخلية الأمير محمد بن نايف، في محاولة بشعة تستنكرها العقول السليمة على يد أحد المطلوبين المجرمين الإرهابيين الذي أعلن كذباً رغبته في تسليم نفسه.

وتأتي شناعة هذا العمل الإجرامي من وجوه:

1- أنه وقع في شهر رمضان، وهذا يعد انتهاكاً لحرمة الصيام وحرمة رمضان وتَعدياً على حدود الله وولوغاً في العصيان وبلوغاً في الشر والانحراف وخيانة لله ورسوله وللمؤمنين، اجتمع فيه الظلم والخيانة والكذب والجبن والغدر.

2- فيه مخالفة صريحة لأمر الله في النهي عن الاعتداء وقتل النفوس المعصومة. فحرمة دم المسلم دلت عليها نصوص كثيرة في الشرع لأن هذا المعتدي بيَّت النية وقصد الإرادة إلى القتل الذي حرمه الله في قوله: (وَمَن يَقْتُلْ مُؤْمِنًا مُّتَعَمِّدًا فَجَزَآؤُهُ جَهَنَّمُ خَالِدًا فِيهَا وَغَضِبَ اللّهُ عَلَيْهِ وَلَعَنَهُ وَأَعَدَّ لَهُ عَذَابًا عَظِيمًا). وحرمه رسوله صلى الله عليه وسلم بقوله فيما أخرجه مسلم: (كل المسلم على المسلم حرام دمه وماله وعرضه)، وقال عليه الصلاة والسلام فيما أخرجه البيهقي في سننه: (من أعان على قتل امرئ مسلم ولو بشطر كلمة كتب الله بين عينيه يوم القيامة آيس من رحمة الله).

3- أن هذا المعتدي الآثم تعمد قتل نفسه مع محاولته الشديدة لقتل غيره، وهذا مخالف لقوله تعالى: (وَلاَ تَقْتُلُواْ أَنفُسَكُمْ إِنَّ اللّهَ كَانَ بِكُمْ رَحِيمًا)، ومتوعد عليه بقوله تعالى: (وَمَن يَفْعَلْ ذَلِكَ عُدْوَانًا وَظُلْمًا فَسَوْفَ نُصْلِيهِ نَارًا وَكَانَ ذَلِكَ عَلَى اللّهِ يَسِيرًا). قال ابن كثير في التفسير: (أي ومن يتعاطى ما نهاه الله عنه متعدياً فيه ظالماً في تعاطيه)، أي عالماً بتحريمه متجاسراً على انتهاكه فسوف نصليه ناراً، وهذا تهديد شديد ووعيد أكيد.

وتوعد النبي صلى الله عليه وسلم قاتل نفسه عمداً بقوله: (من قتل نفسه بحديدة فحديدته في يده يتوجَّأُ بها في بطنه يوم القيامة في نار جهنم خالداً مخلداً فيها أبداً)، وهذا الحديث ثابت في الصحيحين. وفي مسند الإمام أحمد قال النبي صلى الله عليه وسلم: (من قتل نفسه بشيء عذب به يوم القيامة).

4- أن هذا الأمير الشهم ورجل الأمن الفذ سمو الأمير محمد بن نايف، الذي رحب بضيوفه في بيته، وأعطى سموه هذا المعتدي الأمان ثم قلب عليه ظهر المجن وفعل فعلته، وهذا أمر تنفر منه العقول وتمجه النفوس وتأبى أن تقابل الإحسان بالإساءة. وسمو الأمير محمد عضد سمو النائب الثاني وزير الداخلية الأمير نايف بن عبدالعزيز، وعضد سمو نائب وزير الداخلية الأمير أحمد بن عبدالعزيز في نشر الأمن والاستقرار وحراسة البلاد والعباد، ومكافحة الإرهاب ومطاردة المفسدين المعتدين، وحقق الله على أيديهم خيراً كثيراً في إبطال كثير من المؤامرات ضد البلاد والعباد. بل كان الأمير محمد بن نايف رجل العطف والإحسان والإصلاح والمناصحة لكل من وقع في شراك الإرهاب ومواقفه في ذلك مشهودة وغنية عن الذكر والبيان وإيمانه بربه وتوكله عليه وثقته به جعلته كالجبل الشامخ فكان الله حافظه وحاميه وهو حسبه وكافيه.

5- إن الذين مردوا على الفساد والعدوان وسلكوا طريق الظلم والعصيان سخروا عقولاً فارغة وجعلوها أدوات تحمل السلاح وتصنع الدمار ودبروا لهم المؤامرات وخططوا لهم كيف ينفذون ليدمروا ويفسدوا، إنها أصابع خفية تخطط في الخفاء ومن وراء الستار وتجعل من الشباب أدوات للإرهاب والإفساد. إن عمل هؤلاء منكر عظيم ينكره العقل والشرع وتنكره الفطر وكل المسلمين ينكرونه، ولكن يجب التقصي والبحث عن جذور هذه النبتة الخبيثة حتى تجتث من أصلها وتقطع عروقها ويستريح المسلمون من شرها.

6- أن الله تعالى حفظ بحفظه هذه البلاد وحفظ قادتها وشعبها وعلماءها من كيد كل مفسد ومخطط للفساد، فكثير من هذه المحاولات تبوء بالفشل الذريع، وهذا وعد الله الصادق في قوله سبحانه: (إِنَّ اللَّهَ يُدَافِعُ عَنِ الَّذِينَ آمَنُوا). وسوف يسقط بإذن الله كل تدبير ماكر ويفشل كل تخطيط غاشم على يد حماة الديار والذابين عن الذمار، وسيعود مكر كل ما كر عليه، ومن أراد الشر وسعى في طريق الباطل ودخل لجة الفساد فمآل فعله ومكره سيعود عليه: (وَلَا يَحِيقُ الْمَكْرُ السَّيِّئُ إِلَّا بِأَهْلِهِ).

7- إن الإقدام على هذا الفعل الشنيع والعمل البشع بني على معتقد فاسد جر على المسلمين الكوارث والمصائب وعانت منه الأمة ويلات من قديم الزمان، وأصل هذا المعتقد الضال هو (بدعة التكفير)، والذين سقطوا في هذه البدعة أطلقوا حكم التكفير على المجتمعات الإسلامية وعلى المسلمين ثم خرجوا من هذه الأحكام إلى التصرفات الإجرامية من القتل وسفك الدماء والتدمير والإتلاف.

- وكيل جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية



 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد