Al Jazirah NewsPaper Saturday  19/09/2009 G Issue 13505
السبت 29 رمضان 1430   العدد  13505
أستاذ الهندسة الكهربائية بجامعة الملك سعود.. د. الشعلان لـ(الجزيرة):
هناك علاقة بين التمديدات الكهربائية ولوكيميا الأطفال

 

الجزيرة - الرياض :

أكد أستاذ الهندسة الكهربائية بجامعة الملك سعود الدكتور عبدالله بن محمد الشعلان عدم خطورة المجالات الكهرومغناطيسية لأبراج الهواتف المتنقلة المنصوبة داخل الأحياء السكنية، فيما أشار إلى أن للهاتف المحمول ذبذبات عالية قد تنفذ لخلايا المخ، وبالتالي يكون لها أثر سلبي مع كثرة الاستخدام، وتحدث في لقاء مع (الجزيرة) عن نتائج لدراسات عالمية قارنت بين التمديدات الكهربائية ولوكيميا الأطفال، وعلاقة التعرض المهني للمجالات المغناطيسية والإصابات بأنواع من السرطانات، إلى جانب نقاط أخرى في هذا اللقاء.

مصادرها وكيفية حدوثها:

* ما هو تعريف ومصادر وكيفية حدوث الأشعة الكهرومغناطيسية؟

- مع انتشار المعرفة وزيادة الوعي بين الناس حول ظاهرة الإشعاعات الكهربائية والمغناطيسية (الكهرومغناطيسية) المنبعثة من المعدات والأجهزة الكهربائية التي نستخدمها ونتعامل معها في حياتنا اليومية، فقد بدأ هاجس الخوف والقلق والتوتر وعدم الراحة ينتاب الكثير من الناس من جراء ما يقرؤونه أو يشاهدونه أو يسمعونه عن الآثار الصحية الضارة التي يمكن أن تحدثها تلك الأشعة الكهرومغناطيسية.

ومن المعروف أن هناك مصادر متعددة للإشعاعات الكهرومغناطيسية منها: المحطات الكهربائية، وخطوط نقل الطاقة الكهربائية، ومحطات البث الإذاعي والتلفزيوني، والمحطات القاعدية لنظام الهاتف الجوال وشاشات الحاسب الآلي، وأجهزة العلاج الطبيعي المستخدمة في المستشفيات، كما اكتشف العلم الحديث أنواعاً أخرى من الأشعة تعرف بأشعة: (ألفا وبيتا وجاما) وهي أشعة عالية الطاقة سريعة النفاذ، كذلك دخلت الإشعاعات الناتجة من الموجات فوق البنفسجية والموجات دون الحمراء دائرة الاهتمام وتلتها الموجات الدقيقة والموجات عالية التردد التي تستخدم في كثير من أجهزة الاتصالات السلكية واللاسلكية والأجهزة المنزلية كالميكروويف ومجففات الشعر. وقد حظيت كل هذه الإشعاعات بما تستحقه من دراسات وأبحاث لتسخيرها لمصلحة الإنسان من جهة، وتجنب مخاطرها من جهة أخرى.

* نسمع عن ظاهرة الأشعة الكهرومغناطيسة التي تنبعث من الخطوط الكهربائية الهوائية التي تنقل القدرات الكبيرة عبر جهود عالية أو فائقة وأن ثمة أضراراً تسببها، فما هو -في رأيكم- مدى تلك الأضرار على صحة الإنسان والبيئة المحيطة؟

- أصبحت الأشعة الكهرومغناطيسية التي تنبعث من خطوط نقل القدرة الكهربائية تحظى باهتمام بالغ لدى المتخصصين والأطباء وشركات الكهرباء في مجال الأبحاث والدراسات وبخاصة مع تعاظم حجم القدرات الكهربائية المنقولة من المحطات الكهربائية إلى مراكز الأحمال (المستهلكين) وتباعد المسافات بينها مما يعني توليد جهود كهربائية أعلى تحسينا للأداء وتقليصاً للفقد وتقليلاً للتكلفة، ولذا ظلت الموجات الكهرومغناطيسية ذات الترددات شديدة الانخفاض (50 - 60 هيرتز) وهي المستخدمة في أنظمة القدرة الكهربائية بمنأى عن الشك فلم تلق أي اهتمام حتى توالت الإحصائيات التي كشفت عن زيادة معدل المصابين ببعض الأمراض بين العاملين في تمديد الخطوط الهوائية التي تنقل الطاقة الكهربائية عن المعدل العادي. وتقع الترددات (الذبذبات) المقننة لنقل وتوزيع الطاقة الكهربائية بدول مجلس التعاون في نطاق الترددات شديدة الانخفاض (50 - 60 هيرتز)، فالتردد المقنن لدينا في المملكة هو 60 هيرتز وفي باقي دول مجلس التعاون 50 هيرتز، وهذان الترددان هما الأكثر شيوعاً على المستوى العالمي، ولذلك تركزت عليهما الغالبية العظمى من البحوث والتجارب لمعرفة التأثيرات الصحية للموجات الكهرومغناطيسية بترددات شديدة الانخفاض. وتوالت البحوث والتجارب في كثير من البلدان والجهات وتم التوصل إلى نتائج متفاوتة من حيث النفي والإثبات للتأثيرات الصحية للترددات شديدة الانخفاض، إلا أن هناك شعوراً عاماً بتوجيه أصابع الاتهام إلى الموجات الكهرومغناطيسية ذات الترددات شديدة الانخفاض بمسؤوليتها عن إصابة بعض الماشية التي لوحظ أنها ترعى أعشاباً تقع تحت أو على مقربة من خطوط نقل الطاقة الكهربائية ببعض التأثيرات والأعراض الصحية. ولكن قبل الحديث والحكم عن التأثيرات الصحية للإشعاعات الناجمة عن الموجات الكهرومغناطيسية بتردد القدرة فلا بد من التنبيه إلى أنه لم يجزم أحد حتى الآن بأن التعرض لهذه المجالات لمدد طويلة وتحت ظروف أقل تحفظاً يمثل خطراً على الصحة، ولكن على الرغم من عدم انتظام وتواتر المعلومات المتوفرة وتناثرها حالياً وملاحظة أن الحصول على نظريات وشواهد مترابطة ومحكمة تشرح المشاهدات وتفسر الملابسات مازال بعيد المنال، فإن الوجود المتشعب والمتزايد لهذه الإشعاعات في البيئات الحديثة يجعل التأثيرات المحتملة لها على صحة الإنسان والكائنات الحية من الموضوعات ذات الأهمية الكبرى على المستويات العلمية والثقافية والاجتماعية والتي يجب أن تؤخذ في الحسبان.

علاقتها بلوكيميا الأطفال

* هل ثمة ملاحظات من جانب الأطباء حيال تلك التأثيرات؟

- بدأ القلق بملاحظات عفوية لبعض الأطباء ولكنها حثت العلماء على البحث في العلاقة بين التمديدات الكهربائية واللوكيميا، حيث لوحظ أن احتمال الإصابة يكون أكثر لدى الأطفال الذين يسكنون في منازل قريبة من المحولات ومحطات التوزيع، كما وجد في إحدى المدن الأوروبية بعد فحص لمدة 32 عاماً في سجلات الأطفال الذين توفوا بسبب اللوكيميا أن معظمهم ينتمون إلى أسر كانت تقطن في مساكن قريبة من تمديدات كهربائية تحمل تيارات عالية. أما بالنسبة إلى البالغين فقد كشفت الدراسات عن وجود ارتباط موجب -وإن كان ضعيفاً- بين سرطان المخ والتعرض المهني للمجالات المغناطيسية. وتوالت الدراسات والبحوث التي أظهر بعضها علاقة التعرض المهني للمجالات المغناطيسية بحالات السرطان بما في ذلك سرطان الجهاز الهضمي والبروستاتا والمخ واللوكيميا، بينما نفى البعض الآخر في دراسات أخرى وجود مثل هذه العلاقة.

* هل بالإمكان التعرف على كيفية تأثير الإشعاعات المغناطيسية على جسم الإنسان؟

- نقدم للقارئ تعريفاً مبسطاً للكيفية التي يؤثر من خلالها المجال المغناطيسي (مصدر الإشعاعات) على جسم الإنسان، فعند مرور تيار كهربائي في سلك ينشأ حوله مجال مغناطيسي تتناسب شدته طردياً مع شدة التيار المار في السلك، وعكسياً مع البعد (المسافة) عن السلك ويكون تردد هذا المجال هو نفسه تردد التيار (التردد المقنن 50 أو 60 هيرتز)، وهذا المجال المتردد يُحدِث في الأجسام غير العازلة (ومنها جسم الإنسان) الذي يتعرض له تيار حثي متردد بنفس تردد المجال وتتناسب شدته مع شدة المجال وتردده. وهذه التيارات الحثية هي المسؤولة عن التأثيرات الصحية للمجال المغناطيسي في جسم الإنسان وإن لم تعرف بعد الكيفية التي يتم بها هذا التأثير.

* ظلت تطالعنا دراسات متضاربة تتحدث عن الأضرار التي تلحقها الكهرباء بمستخدميها وذلك من خلال خطوط النقل الهوائية، حيث تشكل أحياناً مصدراً للأخطار المميتة، فما هو تعليقكم حول هذا الموضوع؟

- قد تكون تلك الخطوط الهوائية مصدراً للخطر باعتبارها أسلاكا عارية (أي بدون مواد عازلة) كما وأنها تعمل عند مستويات جهود عالية أو فائقة الجهد تصل أحياناً إلى عشرات ومئات الكيلو فولتات، ولهذا تكون خطرة بل ومميتة إذا تم الاتصال بها بشكل مباشر أو بشكل غير مباشر (أي عن طريق جسم موصل آخر). ولدرء تلك المخاطر وتوفير أكبر قدر من السلامة والأمان فيها فإن تلك الخطوط يتم تصميمها على أحدث الطرق الفنية والاعتبارات الأمنية، وتحمل على أبراج عالية بعيدة عن الأحياء السكنية أو الطرق العامة، كما يتم تسويرها ووضع علامات إرشادية لتجنبها وعدم التعرض لها. وبالنسبة لشبكات الجهد العالي (380 ك ف -220 ك ف -120 ك ف) وكذلك الحال بالنسبة للجهد المتوسط (66 ك ف - 33 ك ف - 13 ك ف)، يتم الابتعاد عمرانيا عنها كلما أمكن ذلك (لا يقل عن 50 متراً)، وهي لدينا موضوعة على أبراج عالية ومثبتة بقواعد خرسانية قوية بعكس بعض الدول الأخرى التي تكون على ارتفاعات منخفضة وتأتي أحياناً محاذية للجدران والمنشآت، فهي إذن عندنا آمنة بمشيئة الله. أما بالنسبة للجهد المنخفض (أي جهد التوزيع لدى المشترك) فلا خوف منه بإذن الله.

تأثير الهاتف الجوال

* كثر الحديث في الآونة الأخيرة عن التأثيرات الصحية للهاتف الجوال فهل ثمة من تأثيرات ضارة من جراء استخدامه سيما وقد أضحى وسيلة الاتصال الشائعة والمنتشرة بين الناس في وقتنا الحاضر؟

- يعتبر الهاتف الجوال تقنية حديثة في الاتصالات الهاتفية بالقياس إلى وسائل الاتصالات الهاتفية التقليدية (أي الهواتف الثابتة المعروفة والمستخدمة منذ وقت طويل)، ومن الملاحظ بأنه بات يستخدم في الوقت الحاضر بشكل واسع ومكثف جدا لدرجة أن المرء أصبح لا يستغني عنه أو يعيش بدونه بل زاد ارتباطه به واعتماده عليه في قضاء الكثير من أعماله وحوائجه؛ بل صار الكثير من الناس يحملونه معهم حيثما ذهبوا وأينما حلوا، وأصبح هذا الجهاز لا يفارق صاحبه فهو في يده أو داخل جيبه أو مرافق له محمول في سيارته، لذا أصبح وسيلة مهمة بل ضرورية في الحياة العصرية لربط الناس بعضهم ببعض لما فيه من الإمكانيات التي يفتقر إليها الهاتف العادي الذي يكون عادة في مكان ثابت لا يبارحه، وتختلف موجات التلفون الجوال عن موجات مثيله الثابت، حيث إن موجات الأول عالية التردد تصل إلى ملايين الذبذبات ونتيجة لكبرها فإن لديها القدرة على الاختراق والنفاذ داخل خلايا المخ البشري، لذا التزمت الشركات المنتجة (في البلاد المتقدمة) بضرورة تدوين نسبة الإشعاع الصادر على كل جهاز أسوة بما تفعله شركات إنتاج التبغ والسجائر.

* هل لأبراج الهاتف التي نراها منصوبة في الأحياء وبجوار المنشآت السكنية وفوقها أية أضرار صحية؟

- تتكون في تلك الأبراج (هوائيات الهاتف) مجالات كهربائية وأخرى مغناطيسية (مجالات كهرومغناطيسية) والأولى متعامدة على الثانية، وتأتي موجاتها على شكل دوائر كأن تلقي مثلاً حجراً في الماء، ويضعف تأثيرها مع توسع تلك الدوائر (أي البعد عنها). ويمكن أن تتصور أنها مثل اللهب فكلما اقتربت منه أحسست بحرارته وكلما ابتعدت عنه يضعف تأثيره حتى يتلاشى وينعدم أثره. ومن المعروف أن الإشعاعات الكهرومغناطيسية المنبعثة من تلك الأبراج لا تتجاوز 60 وات (أي بقوة الإشعاع الضوئي والحراري المنبعث من مصباح كهربائي منزلي قدرته 60 وات)، كما أن هذا الإشعاع يتناقص بسرعة كبيرة مع المساحة من الهوائي في أعلى البرج، كما أن اتجاه الإشعاع شبه أفقي يميل قليلا نحو سطح الأرض بحيث يصل أعلى قيمة له على بعد 200 متر من البرج ويكاد يكون معدوماً تماماً تحت البرج مباشرة أي داخل العقار المقام عليه البرج (أي أن وضوح الإشارة على بعد 200 متر أفضل من شخص يقف تحت البرج مباشرة). وحتى عند أعظم نقطة للإشعاع فإن مستوى الإشعاع لا يتجاوز واحداً من عشرة من الميكروات لكل سنتيمتر مربع وهو أقل من واحد في العشرة من المائة (1.%) من الحد المسموح به للتعرض للأشعة الكهرومغناطيسية في نطاق ترددات الجوال. والله أعلم.




 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد