Al Jazirah NewsPaper Wednesday  23/09/2009 G Issue 13509
الاربعاء 04 شوال 1430   العدد  13509
أنت
وزارة الداخلية وقيادة الحرب الفكرية على الإرهاب
م. عبد المحسن بن عبد الله الماضي

 

الحرب على الإرهاب حرب غير ملموسة في معظم جوانبها .. ويكتنفها الغموض لسرية خططها من الطرفين وغياب المؤشرات والمعايير التي تبيّن للمجتمع مدى تقدمنا في القضاء على الإرهاب فكراً وفعلاً .. نعم نرى مظاهر هزيمة الإرهاب المادية في بلادنا، ولكن كلما اعتقدنا أنّ الحرب قد بدأت تضع أوزارها نتفاجأ بقوائم المطلوبين الجديدة التي تقول إنّ مجتمعنا لا يزال يدفع بشبابنا ليكونوا حطب هذه الحرب المستعرة، مما يشير إلى أن التقدم في المسار الفكري دون المأمول بكثير.

لا شك أنّ لدى وزارة الداخلية إستراتيجية للحرب على الإرهاب .. وأن هذه الإستراتيجية تتكون من إستراتيجيات فرعية تعالج أسباب الإرهاب ومظاهره ونتائجه .. وبكل تأكيد أنّ المسار الفكري أحد هذه المسارات وهو مسار يستدعي التواصل بكافة أشكاله المباشرة وغير المباشرة، بهدف التأثير الجمعي الإيجابي على أفراد المجتمع من أجل بناء تفاهم مشترك حول الإرهاب وأسبابه ونتائجه وكيفية معالجته لتتكامل جهود أفراد المجتمع مع الجهود الرسمية لاجتثاث الإرهاب من جذوره.

ما أعتقده كمتخصص اطلع على كافة الوسائل الاتصالية (فضائيات، إذاعة، صحف ومجلات، مواقع إلكترونية) أنّ مسار الحرب الفكرية غير مفعل بالصورة التي تجعله مؤثراً .. وأرى أنّ هذه المهمة رغم أهميتها عشوائية تعتمد على اجتهادات شخصية لا تنضوي تحت مسار إستراتيجي بتصدي للإرهاب .. نعم فلا يوجد جهة واحدة أعلنت اليوم أنها معنية بتخطيط وتنسيق الجهود والطاقات للتواصل مع أفراد المجتمع لتوعيتهم من الوقوع في براثن التطرف والإرهاب الفكري حتى يؤدوا دورهم المنشود في محاربة الإرهاب.

العلاقات العامة الحديثة القائمة على التفكير والتخطيط الإستراتيجي والمعنية بإيجاد التفاهم المشترك بين من يخطط لمحاربة الإرهاب الفكري وينسق لهزيمته وبين أفراد المجتمع .. لم تعد وسيلة لتحسين الصورة والدفاع عنها .. بقدر ما أصبحت إدارة إستراتيجية فاعلة في كافة أنواع الحروب العسكرية والفكرية والتسويقية وغيرها .. وبالتالي فإنه لا يجوز أن تستخدم بطريقة عشوائية من جهات عدة .. بل يجب أن تستخدم كأداة إستراتيجية موجهة من جهة واحدة معنية بالقضية كمسار إستراتيجي يتكامل مع بقية المسارات في الحرب على الإرهاب، وعلى نفس المستوى من الأهمية مع بقية المسارات بما في ذلك المسار الأمني والذي يعني مطاردة الإرهابيين والقبض عليهم وتقديمهم للمحاكمة العادلة ومناصحة من هو قابل بالرجوع إلى جادة الحق منهم.

أعتقد بأنه قد حان الوقت أن تقوم وزارة الداخلية بتفعيل العلاقات العامة كأداة مخططة ومنظمة في محاربة الإرهاب الفكري وتنسيق كافة الجهود الرسمية والأهلية للتكامل في مكافحته باعتباره المغذي الرئيسي للإرهاب المادي .. وذلك من خلال التحليل العملي الدقيق للوصول للتشخيص السليم دون أي مجاملات .. ومن ثم إعمال الأذهان الابتكارية لطرح الحلول العلاجية وتطبيقها ومتابعة مدى التقدم في الخطة ومدى التزام كافة الأجهزة المعنية بهذه الحرب، وتحديد الانحرافات ومعالجتها في الوقت المناسب.




 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد