Al Jazirah NewsPaper Wednesday  23/09/2009 G Issue 13509
الاربعاء 04 شوال 1430   العدد  13509
بيت الحكمة
د. عيسى الأنصاري (*)

 

تجسد جامعة الملك عبدالله للعلوم والتقنية إرادة خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز في توطين التقنية، بحيث تغدو المملكة شريكاً في إنتاج المعرفة لا مستهلكاً لها فحسب، وتصبح قادرة على المشاركة الفاعلة في تطوير العلوم دون التوقف عند حدود استهلاك ما تقدمه العلوم من منتجات في مختلف قطاعات وجوانب الحياة.

ولعل ما يميز جامعة الملك عبدالله للعلوم والتقنية الأفق الإنساني الشامل الذي يجعل منها مضمارا علميا للعقول المفكرة بصرف النظر عن البلد الذي تنتمي إليه، أو المعتقد الذي تؤمن به ما دامت العلوم البحتة تمثل الجانب المعرفي العقلي المجرد من الأهواء والأيديولوجيات والمذاهب، ولا يمثل غير تطلع الإنسان لخدمة البشرية عن طريق استثمار المعرفة استثمارا أمثل يصب في صالح الإنسان في أي زمان ومكان.

ومن شأن جامعة الملك عبدالله أن توفر للباحثين المتصلين بها من العلماء والأساتذة والطلاب الأجواء المعينة على البحث والمساعدة على الدرس، وأن تشكل أروقتها بيئة علمية تتسم بالقدرة على إثارة العصف الذهني والحراك الفكري، الذي تلتقي فيه العقول وتتلاقح فيه الأفكار وتحرض بعضها بعضا على مزيد من الإنتاج والكشف العلمي، وبذلك تكرس للحوار أفقا مثاليا حين يغدو حوارا بين علماء ومختصين يهدف إلى تطوير ونشر المعرفة.

إن هذه الأرض التي شهدت مهبط الوحي ورسالة خاتم الأنبياء وحملت مشعل الهداية إلى أرجاء المعمورة لا يمكن لها أن تتخلى عن هذا الدور، وجدير بها أن تكون مخلصة لتاريخها العظيم ورجالها العظماء وتتطلع لأن تلعب دورا عظيما في سياق المنجز الإنساني المعاصر، ومثل جامعة الملك عبدالله خير معين لها كي تسترد دورها التاريخي وتنهض برسالتها الخالدة تجاه البشرية جمعاء.

لقد أنشئت جامعة الملك عبد الله للعلوم والتقنية لتكون منارة للعلم. وكما قال مؤسسها خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز آل سعود -حفظه الله- فقد تم تأسيسها رغبة في إحياء ونشر فضيلة العلم العظيمة التي ميزت العالمين العربي والإسلامي في العصور الأولى، ولتمثل بيتاً جديداً للحكمة على غرار بيت الحكمة الذي أسسه الخليفة العباسي المأمون، ولتكون منارة للسلام والأمل والوفاق، ولتعمل لخدمة أبناء المملكة ولنفع جميع شعوب العالم.

إنها بحق، كما قال خادم الحرمين الشريفين، حفظه الله، نموذج دائم للتعليم الراقي والبحث العلمي المتقدم. وكل ذلك بهدف تعزيزالتنمية الاقتصادية والرفاهية الاجتماعية لشعب المملكة ولشعوب العالم كله، ولأستعير كلمات المليك التي تقاس بميزان من ذهب حينما قال: (آمل أن تكون هذه الجامعة منارة للإشعاع العلمي من أرض الرسالة المباركة وأن تكون بعون الله وتوفيقه قناة حضارية يستمد منها جميع أبناء البشرية قيم العلم والتسامح وتبادل المنافع الحضارية التي تعود بنفعها على خير البشرية جمعاء)... هنيئا لنا بجامعة المستقبل وبمليك يزرع فينا بذور الأمل كل طلعة شمس.

(*) مدير جامعة الأمير محمد بن فهد



 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد