Al Jazirah NewsPaper Wednesday  23/09/2009 G Issue 13509
الاربعاء 04 شوال 1430   العدد  13509
هدية خادم الحرمين الشريفين للمواطنين في يوم الوطن.. والافتتاح بحضور حاشد من قادة العالم وعلمائه ومفكريه
جامعة الملك عبدالله للعلوم والتقنية مشروع وطني رائد بصبغة عالمية

 

جدة - فهد المشهوري وعبدالله الزهراني :

يقدم خادم الحرمين الشريفين - حفظه الله - ضمن سلسلة مكرماته لشعبه ووطنه، وفي إطار اهتمامه بمصالح أمته العربية والإسلامية، ومن منطلق إيمانه العميق بالمبادئ والمثل الإنسانية والتواصل بين الحضارات والثقافات، ومع احتفالية المملكة بالذكرى الـ79 لتوحيد المملكة، (جامعة الملك عبدالله للعلوم والتقنية)، كمشروع وطني رائد كان يراود أحلام المليك منذ 25 عاماً، وها هو يبرز كحقيقة واضحة المعالم لخدمة العلم والعلماء في أنحاء المعمورة. وسيكون افتتاح هذه الجامعة العصرية الحلم هو مرتكز الاحتفاء بيومنا الوطني؛ فالاحتفالية التي تريدها القيادة الحكيمة المخلصة لشعب وفي، وفي أطر دينية إنسانية للعالم أجمع، ليست احتفالية منبرية لاستهلاك كميات من الورق والمداد بكلام يذهب أدراج الرياح، بل هي حقائق ومعطيات ومكرمات وتطور وتقدم يلمسه القاصي والداني؛ فمع كل إطلالة لمناسبة سعيدة أو احتفالية وطنية هناك قيادة مسؤولة تؤدي الأمانة وتفي الشعب حقه وتقدم له ما يسره وتحقق له الآمال، وكل ذلك من غير عجالة مربكة أو ضجيج فارغ، بل بتأن ودراسة ثم حقائق مثمرة على أرض الواقع.

البداية 400 طالب

بدأت الحياة العلمية البحثية في جامعة الملك عبدالله للعلوم والتقنية التي تعد جامعة عالمية للأبحاث على مستوى الدراسات العليا، في ثول منتصف شهر رمضان، وتدفق في شرايينها الدفعة الأولى من طلابها البالغ عددهم 400 طالب من كل أنحاء العالم ومن المملكة العربية السعودية ودول مجلس التعاون الخليجي والدول العربية ومن أوروبا وأمريكا وشرق آسيا والهند وجنوب إفريقيا في أول فصل دراسي؛ ليكرسوا جهودهم لانطلاق عصر جديد من الإنجاز العلمي في المملكة العربية السعودية والمنطقة والعالم في حين سيتم الافتتاح الرسمي للجامعة في الرابع من شوال.

وجامعة الملك عبدالله للعلوم والتقنية هي جامعة للدراسات العليا البحثية من طراز عالمي يجري إنشاؤها بمنطقة مكة المكرمة بمدينة ثول التي تبعد عن جدة مسافة 90 كيلو متراً، وتتطلع إلى عصر جديد من الإنجازات العلمية في المملكة والمنطقة والعالم. وبوصفها جامعة مستقلة ومؤسسة قائمة على الجدارة، فسوف تعتمد الجامعة العديد من أفضل الممارسات المتبعة في جامعات بحثية رائدة لتمكين صفوة الباحثين من أنحاء العالم ومن كل الثقافات من العمل معاً لإيجاد الحلول المناسبة للتحديات العلمية والتقنية. كما ستسهم شبكة البحث والتعليم العالمية في الجامعة في دعم المواهب المختلفة، سواء داخل الحرم الجامعي أو في الجامعات والمؤسسات البحثية الرائدة الأخرى من خلال اتفاقيات للتعاون البحثي والهبات والمنح الدراسية للطلاب. ويشغل الحرم الجامعي الرئيس للجامعة مساحة تزيد على 36 مليون متر مربع على ساحل البحر الأحمر بالقرب من مدينة رابغ، حيث ستكون هذه الجامعة نقطة تحول تاريخي في مسيرة المجتمع السعودي التعليمية لو سارت وفق التصور الذي خطط له؛ فبمثل هذه المشاريع يمكن تأهيل أجيال قادرة على خدمة بلادها ومشروعها التنموي والحضاري المأمول؛ فقد غدا ارتفاع نوعية التعليم أحد أهم الفوارق التي تميز الشعوب والأمم بعضها عن بعض.

ويجري إنشاء جامعة الملك عبدالله للعلوم والتقنية لتكون جامعة دولية للأبحاث على مستوى الدراسات العليا تكرس جهودها لانطلاق عصر جديد من الإنجاز العلمي في المملكة ويعود أيضاً بالنفع على المنطقة والعالم، وهي تحقيق لرؤية خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز آل سعود التي راودته منذ عشرات السنين.

استعدادات الافتتاح

توشحت جامعة الملك عبدالله هذه الأيام استعداداً لافتتاحها بـ11000 نخلة تم غرسها على طول شوارعها الرئيسية والفرعية وفي ملاعب الجولف وعند مداخل الجامعة وفي الساحات أمام المرافق في إطار الأعمال الإنشائية التي تتم حالياً في الموقع الذي كان بالأمس صحراء ليتحول اليوم إلى واقع حقيقي يعيشه كل من شاهد ورشة العمل القائمة هناك لإنجاز المشروع في موعده المحدد خلال شهر سبتمبر من العام الجاري؛ فهناك مبان اكتمل إنشاؤها بنسبة 100% مثل مراكز الأبحاث ومبنى الخوارزمي للعلوم والرياضيات ومختبرات البحوث وقاعة العلوم والهندسة ومبنى الإدارة، فيما يجرى العمل في التشطيبات وواجهة مباني الجامعة تم تشكيلها وترصيفها وزراعتها ووضع المجسمات فيها، وربطت بالطريق الرئيسي للجامعة وكذلك المباني المدرسية ومركز التسوق والأحياء السكنية. ويذكر أن المشروع يحتوي على ست مدارس وثلاث حاضنات وتم الانتهاء من الجزء الأول من القناة بنسبة 100% وتم إطلاق مياه البحر فيها وأخذت شكلها النهائي فيما يجري العمل في تجهيز الجزء الثاني الذي يمثل جزيرة الصفا السكنية. أما فيما يتعلق بالمشاريع الترفيهية فقد تم الانتهاء من الأعمال الإنشائية لخمسة مبان ترفيهية للسكن وأنجز ما نسبته 75% من الأعمال التشطيبية النهائية وتحوي تلك المراكز ثلاثة عشر مرفقاً ترفيهياً تقدم خدماتها مجاناً لمنسوبيها من أعضاء هيئة التدريس والموظفين والطلبة وأسرهم وموزعة في مواقع مناسبة بالمناطق السكنية الثلاث، والمرافق تشتمل على ثلاث برك سباحة كاملة التجهيز وجدر تسلق صخور وعدد من طاولات بلياردو وسنوكر وملاعب أسكواش وملاعب كرة مضرب وبادمنتون وكذلك مجمع بولنغ و24 حارة، إضافة إلى ملاعب بيسبول ومضامير ألعاب قوى وقاعات تدريب لياقة ورفع أثقال وملاعب تنس وملاعب كرة سلة، ويعد ملعب الجولف العشبي من طراز عالمي ويقع إلى الشرق من الجامعة بمحاذاة الأحياء السكنية من الشرق وقد تم الانتهاء من أعماله الإنشائية بنسبة 100% وتم تركيب شبكة أنابيب ري المساحات الخضراء والأشجار وقد تم الانتهاء من زراعة الأرضيات بالنجيلة الطبيعية، وتجميله بمئات من أشجار النخيل وتم إنجاز 90% من برك السباحة ورصفت جوانبها بالأحجار وعبدت ورصفت الشوارع المحيطة بملعب الغولف وتم الانتهاء من الأعمال الإنشائية لمبنى نادي الغولف ويحوي تسع حفر. وتهدف هذه المرافق إلى تمكين منسوبي الجامعة من ممارسة رياضات منوعة ومختلفة تناسب كل الأذواق والأعمار.

وتقف مآذن جامع الملك عبدالله شامخة والذي ربما يكون من أولى المنشآت التي سيتم تسليمها في غضون بضعة أشهر حيث اكتملت أعماله الإنشائية بنسبة 100% فيما يجري العمل للانتهاء من إضافة اللمسات الأخيرة وقد وصلت نسبة الإنجاز في الأعمال التشطيبية 95% الجدير بالذكر أنه يستوعب 1500 مصلٍ وتم تركيب النجف وتجهيز المحراب، ومن المؤكد أن يصل السجاد الخاص بفرش أرضية المسجد من تركيا، والمسجد مصمم على شكل قباب داخلية وكل قبة تحوي عدداً من النوافذ للإضاءة الطبيعية وبه ساحة خارجية تشرف على القناة المائية ويجري العمل حالياً لتركيب عدد من النوافير وأعمال الجبس والتبليط الخارجي، كما تم الانتهاء من المساجد الأربعة الأخرى. أما الاستاد الرياضي فقد تم الانتهاء من تشييد وبناء مدرجاته الجنوبية والغربية، وهو يتسع لـ5000 متفرج.

رؤية المليك ومجلس الأمناء

يحكم جامعة الملك عبدالله مجلس أمناء مستقل دائم ويدعمها وقف يبلغ عدة بلايين من الدولارات، وهي تقوم على أساس الجدارة وترحب بالرجال والنساء من جميع أنحاء العالم حيث إن أحد أهم شروط قيام صروح علمية وبحثية متطورة ومتميزة هو استيعابها مختلف الأفكار وإطلاقها العنان لحرية التفكير. وعلى هذا جاء تأكيد خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز آل سعود الرئيس الفخري لمجلس أمناء جامعة الملك عبدالله للعلوم والتقنية، عند استقباله أعضاء مجلس الأمناء بقوله: (إن هذه الجامعة ستكون مركز إشعاع حضاري يضيء بأسباب النهضة والتقدم لصياغة مستقبل أفضل للإنسان)، مؤكداً أن هذه الجامعة ستستوعب كل الأفكار والثقافات وفق رؤية تنسجم مع روح العصر ورسالة الدين، وأن الهدف من تأسيس هذه الجامعة قيام اقتصاد معرفي هدفه تنويع مصادر اقتصادنا الوطني؛ حيث بدأت الجامعة بداية صحيحة بتشكيل مجلس أمناء من شخصيات عالمية يشكلون الهيئة المستقلة التي تشرف على إدارة هذه الجامعة الجديدة ومراكز أبحاثها، ومنح هذا المجلس صلاحيات كاملة كهيئة مستقلة للارتقاء بالجامعة إلى مستوى الرؤية التي تأسست عليها حيث نجح المجلس في تعيين أعضاء هيئة التدريس من ذوي الخبرة العلمية وأصحاب التميز الأكاديمي في مختلف التخصصات للتدريس في الجامعة بما يتوافق مع طموحات هذه المنارة المشعة وأهدافها المثلى، وبما ينسجم أيضاً مع مجالات الدراسات فيها كجامعة معنية بالعلوم والأبحاث والتقنية نظرياً وتطبيقياً؛ حيث أطلقت برنامج (الشَّراكةَ البحثية العالميّة)، وذلك بتوقيع اتفاقيات شراكة مع خمسة مراكز بحثية، واثنَيْ عَشَرَ رئيس فريق بحث، وعشرين باحثاً يعملون في مجالات علمية وهندسية تعدّ محورية لرسالتها كبحوث تحلية المياه وعلوم الكمبيوتر والرياضيات التطبيقية، وعلوم الحياة الخاصة ببيئة البحر الأحمر، وأبحاث الطاقة والهندسة الحيوية، والنانوتكنولوجي.

وتهدف جامعة الملك عبدالله للعلوم والتقنية إلى تأسيس جامعة من طراز عالمي للبحث والتعلم في مجالات عدة هي: الطاقة كتوسيع نطاق كفاءة الاقتصاد النفطي، الاحتراق النظيف، عزل الكربون، النظم الهجين، علوم وهندسة المواد الجزيئية كالتطبيق على الطاقة، العلوم البيولوجية وغيرها من الصناعات المهمة للمملكة العربية السعودية والمنطقة، العلوم الحاسوبية والرياضيات التطبيقية كالتطبيق في مجال الطاقة، علم الأحياء، الصحة البشرية والبيئة والصناعة، علم الأحياء الجزيئي، علم الجينوم كالزراعة وتربية الأحياء المائية والصحة العامة.

ولم يكن اهتمام المليك بهذه الفكرة وليد الساعة، بل كان حلماً تطلع إلى تحقيقه منذ 25 عاماً. وقد أصبح هذا الحلم, بحمد الله, واقعاً يحمل الصفة العالمية والإنسانية. لقد قيض الله - عز وجل - هذا الملك بقلبه الكبير ونفسه الرفيعة ليكون خادماً لشعبه وللإنسانية؛ فمن يتأمل حديثه يجد خدمة الإنسانية حاضرة في أهداف مشاريعه، رأيناها في الطب ونراها في التعليم الآن. والملك يستمد هذا الشعور الإنساني الصادق من عقيدته الإسلامية، وظهر ذلك جلياً عند تأكيده على الهدف من إنشاء هذه الجامعة؛ فقد أكد أن الهدف: (هو التأسيس لقيام اقتصاد معرفي يهدف إلى تنويع مصادر اقتصادنا الوطني، ويكون جسراً للتواصل بين الحضارات).

ويضم المجلس الاستشاري لجامعة الملك عبدالله بن عبدالعزيز للعلوم والتقنية كلاً من: الدكتور خالد سلطان مدير جامعة الملك فهد للبترول والمعادن بالظهران، والبروفيسور أحمد زويل الحائز على جائزة نوبل ومدير مختبر علوم الجزيئات والفيزياء الحيوية بمعهد كاليفورنيا التكنولوجي بالولايات المتحدة الأمريكية، والبروفيسور فرانك رودز الرئيس السابق لجامعة كورنيل بالولايات المتحدة الأمريكية، والسير ريتشارد سايكس رئيس الكلية الملكية بالمملكة المتحدة، والدكتور أوليفيي أبير رئيس المعهد الفرنسي للبترول بفرنسا، والبروفيسور هيروشي كومي ياما رئيس جامعة طوكيو باليابان، والبروفيسور شيه تشون فونغ رئيس الجامعة الوطنية بسنغافورة، والدكتورة كارين هولبروك رئيسة جامعة ولاية أوهايو بالولايات المتحدة الأمريكية، والدكتور فقير كوهلي الذي عمل سابقاً بالمعهد الهندي للعلوم في بانجلور وحالياً في الإدارة التنفيذية في دار تاتا للاستشارات بمدينة مومباي في الهند، والدكتور فرانك بريس الرئيس السابق للأكاديمية الوطنية للعلوم بالولايات المتحدة الأمريكية.

اهتمام كريم

حظي مشروع جامعة الملك عبدالله للعلوم والتقنية الرائد برعاية خادم الحرمين الشريفين الشخصية المباشرة في مشهد يدل على حكمته وقناعته بأن العلم السبيل الوحيد لإحداث النقلة الحضارية التي ينشدها الجميع لأمتنا العربية والإسلامية. وها هو الحلم الذي ظل في مخيلة المليك المفدى منذ أكثر من ربع قرن يتحقق ليصبح واقعاً ملموساً وحدثاً عالمياً منتظراً يشهده القاصي والداني وذلك باستقبال الجامعة يوم السبت الخامس عشر من شهر رمضان 1430هـ في مقرها على ضفاف البحر الأحمر بمركز ثول بالقرب من مدينة جدة لأربعمائة طالب من المملكة العربية السعودية ودول مجلس التعاون الخليجي والدول العربية ومن أوروبا وأمريكا وشرق آسيا والهند وجنوب إفريقيا يمثلون الدفعة الأولى لأول فصل دراسي للجامعة حيث سيتم الافتتاح الرسمي للجامعة في الرابع من شهر شوال الموافق لذكرى اليوم الوطني التاسع والسبعين للمملكة.

شهرة غير مسبوقة

جامعة الملك عبدالله للعلوم والتقنية ذات التكاليف التي تلامس عشرة مليارات ريال حظيت قبل افتتاحها بشهرة إقليمية وعالمية واسعة قلما تظفر بها جامعات حديثة أخرى، وهذه الشهرة التي يراها الأكاديميون والباحثون مستحقة ولم تأت من فراغ؛ فالمتابع لمراحل التشييد والبناء لمرافق الجامعة يلمس بوضوح ضخامة وقوة الأعمال والمشاريع التي تم تنفيذها على مساحة 36 مليون متر مربع في طراز متناسق بين العمارة التقليدية والتصميمات العصرية وبسواعد 15 ألف عامل و240 مهندساً حولوا في وقت قياسي الحلم إلى حقيقة والأرض القاحلة إلى ميناء آخر مختلف لعروس البحر الأحمر بضاعته هي العلم والمعرفة، كما أن الدعم المالي الكبير لإنشاء معامل وورش ومراكز أبحاث عالمية المستوى جعل الجامعة رائدة ومتميزة فيما يختص بالبحث العلمي والتطوير التقني والابتكار والإبداع، وتم أيضاً استقطاب نخبة من العلماء والباحثين المتميزين والطلبة الموهوبين والمبدعين بهدف دعم التنمية والاقتصاد الوطني وتوجيه الاقتصاد نحو الصناعات القائمة على المعرفة.




 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد