تنتظم البلاد ثلاث مناسبات فرح هي: عيد الفطر واليوم الوطني وافتتاح جامعة الملك عبدالله للعلوم والتقنية في ثول في المنطقة الغربية من المملكة العربية السعودية.

فعيد الفطر مناسبة دينية يفرح فيها المسلمون بإتمام صومهم وعبادتهم في شهر رمضان المبارك، وسكان المملكة العربية السعودية جزء من العالم الإسلامي، ففرحة المسلمين واحدة في أرجاء المعمورة. واليوم الوطني مناسبة تخص الوطن المملكة العربية السعودية، فالمواطن السعودي يفرح في هذا اليوم أن من الله على هذه البلاد بالأمن واتساع الرزق وتيسير سبل العيش وسبل التعليم وسبل الصحة، فالأمن الذي أرساه المؤسس الملك عبدالعزيز هو أساس ما نحن فيه من رخاء وعلم ورغد عيش.

لقد أطلق اسم (المملكة العربية السعودية) على البلاد في العام (1351هجرية) فهذا التاريخ هو تاريخ الحسم وتوقف المعارك التي وحدت البلاد ونبذت الفرقة والشقاق، فهو تاريخ مجيد جلب الإخاء والمحبة ونقاء القلوب، لأن الألفة جمعت الشمال بالجنوب والشرق بالغرب فالاجتماع خير وبركة. له فوائد إيجابية يلمسها كل مواطن، ومن إيجابياته أن نفط شرق البلاد فتح عقبات في غربي البلاد، كانت الحمير تتعثر فيها، أما اليوم فالسيارة تمرق في العقبة مروق السهم في الرمية. ومن إيجابيات الاجتماع تنقل سكان شرقي الجزيرة ووسطها في مصائفنا المعتدلة في غربي البلاد والجنوب الغربي من بلادنا العزيزة.

إن هذه المملكة التي يغسل شواطئها الشرقية الخليج، وشواطئها الغربية البحر الأحمر بلد الخير والنماء والإخاء والعلم، فقد شهد لها الجميع بذلك. وكيف لا يكون ذلك وملكها خادم الحرمين الشريفين ملك الإنسانية، فقد عم خيره أرجاء المعمورة بما فيهم المسلم وغير المسلم. ففصل التوائم مكرمة إنسانية عمت القارات. ولم تفضل المسلم على غير المسلم، وقد أبرزت طب المملكة على رؤوس الأشهاد، كما أبرزت طبيبها وزير الصحة الدكتور عبدالله الربيعة علماً بارزاً من علماء العالم في العصر الحديث. ومكرمات الملك عبدالله كثيرة ومتعددة فهو لا يعلم بكارثة بسبب الحروب أو الزلازل أو الجوائح التي تصيب المحاصيل في أي بلد إلا ويأمر بمساعدة ذلك البلد، فتحط طائرات الإغاثة السعودية أو سيارات الإغاثة السعودية في ذلك البلد، فقد وصلت مساعدات المملكة الصين والبوسنة والهرسك والصومال وفلسطين وأندونيسيا وغيرها. والملك عبدالله داعية سلام وعدل وحوار، فالحوار الوطني على مستوى الوطن أدى نتائج طيبة، والحوار الذي دعا إليه خادم الحرمين الشريفين بين الإخوة الفلسطينيين كان له صدى طيب في أرجاء الوطن العربي.

إن أعمال خادم الحرمين الشريفين أعمال جليلة، فقد أنشأ جامعات في أبها والباحة والجوف والقصيم والطائف والمدينة المنورة وحائل وجازان وتبوك، وأمر بإنشاء جامعات في الدمام والخرج والمجمعة وشقراء. وبنى جسر الجمرات الذي يؤمل فيه صيانة أنفس الحجاج بعد اكتماله إن شاء الله، ووسع المسعى مما أتاح للحجاج والمعتمرين أداء هذا النسك في يسر وسهولة. إن الملك عبدالله خادم حرم مكة وخادم حرم المدينة، فهو يتابع مشاريع الحرمين متابعة تامة، لا يتراخى فيها ولا يتوانى في إنجازها، فالملك عبدالله يعلم أن المملكة مؤتمنة على قبلة المسلمين، ولذلك سعى بكل جهده في سبيل خدمة مكة والمدينة.

إننا إذ نحتفل بهذا اليوم، فإنما نحتفل بالوطن الذي نعيش على ترابه ونأكل من خيراته، نفط يمدنا بنقود ووقود، وزراعة وصناعة. وعلاقة وطننا ولله الحمد مع جيراننا ومع العالم على خير ما يرام، واقتصاد الوطن ثابت، فالهزات المالية التي أصابت العالم بأسره كان نصيب الوطن منها أقل من غيره، فالحمد لله والشكر له.

وفي اليوم الوطني تفتتح جامعة الملك عبدالله للعلوم والتقنية في ثول في المنطقة الغربية وسيشهد الافتتاح ملوك ورؤساء الدول، ومديري كبريات الجامعات العالمية، مثل هارفارد وإكسفورد وكامبردج وغيرها، بالإضافة إلى حضور ستة وثلاثين عالماً من حملة جائزة نوبل. وآمال الملك عبدالله في هذه الجامعة يمثلها قوله حفظه الله: (وإنني أرغب أن تصبح هذه الجامعة الجديدة واحدة من مؤسسات العالم الكبرى للبحوث، وأن تعلم أجيال المستقبل من العلماء والمهندسين والتقنيين وتدربهم، وأن تعزز المشاركة والتعاون مع غيرها من جامعات البحوث الكبرى ومؤسسات القطاع الخاص على أساس الجدارة والتميز). وتختص الجامعة بالدراسات العليا (الماجستير والدكتوراه) ومجالاتها: علوم الأرض وعلوم وهندسة البيئة، والعلوم والهندسة الفيزيائية والكيميائية. إن آمال خادم الحرمين آمال طموحة هدفها نقل المملكة العربية السعودية من العالم الثالث إلى العالم الأول، حقق الله آماله وأثابه على سعيه الحثيث في الرقي ببلاده.

وفي اليوم الوطني ينتظر شعب المملكة العربية السعودية عودة ولي العهد إلى أرض الوطن بعد أن من الله عليه بالشفاء، فمنذ أن غادر أرض المملكة والأسماع تلتقط أخبار علاجه، والعيون تقرأ ما يكتب عنه، فالدعاء له متواصل من الأفواه لأن محبته في القلوب وقد استجاب الله لدعاء محبيه فمن الله عليه بالصحة التي ينشدها، فوطنه في أشد الشوق إليه، فمتى تطل علينا تلك الطلعة البهية بابتسامة الصحة مع لقاء الوطن، إن لقاء الوطن بسلطان بن عبدالعزيز هو لقاء المحبة والغبطة والسرور، فقد أسدى سلطان للوطن جهده المبذول وجاهه وماله في سبيل رفعة الوطن وعز أبنائه، فمكرمات سلطان بن عبدالعزيز معروفة وأياديه مشتهرة وحبه للخير طبع وسجية، إن الشعب بأسره في انتظار سلطان ابن عبدالعزيز فلعل اللقاء قريب إن شاء الله.

ويمر بنا اليوم الوطني في هذا العام ونايف بن عبدالعزيز النائب الثاني وهو جدير بما خصه به خادم الحرمين الشريفين، فجهود الأمير نايف في حفظ الأمن في هذه البلاد معروفة للقاصي والداني، فقد كان حارساً للأمن وهو في سن العشرين، وقد تتابعت السنون وجهد الأمير نايف في حفظ الأمن بارز وواضح، فمتابعته أمن الحجاج في مكة ومنى ومزدلفة وعرفات ليس بالأمر السهل ومع ذلك يضاعف - حفظه الله - الجهد ويشرف على كل صغيرة وكبيرة، وحفظ حدود المملكة أمانة في عنقه. والمملكة مستهدفة بالمخدرات والمتسللين والمخربين، فهذه الحدود الطويلة تحتاج إلى يقظة ومتابعة، فمن لها غير نايف. وقد ابتليت المملكة العربية السعودية في السنوات الأخيرة بالمخربين والمفجرين، فهم يعملون ليل نهار، فإذا كان شرهم قد نال من أمن بلادنا مرة، فإن نايف بن عبدالعزيز قد أوقفهم عند حدهم وردعهم، وشر تلك الفئة متواصل، وآخر ما أنبأنا به نايف بن عبدالعزيز ضبط الأربعة والأربعين ضالاً وأسلحتهم، وكان ذلك في آخر أيام شهر شعبان ، وفي أول رمضان فوجئنا باستهداف الأمير محمد بن نايف وقد نجا من شرهم ولله الحمدكفانا الله شرهم وأدام الأمن على بلاد الحرمين. إن جهود الأمير نايف في حفظ الأمن لا تقف عند حد، فقد كون لجان المناصحة وعارض الفكر بالفكر، فأثر الفكر في تلك الفئة حين تبين لهم الحق، ولكن بعضهم لا يزال سائراً في طريق العناد والخلاف، ونحمد الله على يقظة رجال الأمن التي تستبق شرهم فترصدهم من حيث لا يعلمون وتبطل ما يبيتون. إن نايف بن عبدالعزيز جهد متواصل وعمل دؤوب، أعانه الله وسدد خطاه في سبيل الخير وحفظ أمن الوطن.

إن هدية شعب المملكة العربية السعودية من رجل الأمن كبت شر تلك الفئة التي تسعى إلى تعكير صفو الأمن في اليوم الوطني.. أدام الله أمن بلادنا في يومها الوطني وفي سائر الأيام.