Al Jazirah NewsPaper Wednesday  23/09/2009 G Issue 13509
الاربعاء 04 شوال 1430   العدد  13509
المملكة الحبيبة وعرسها الوطني

 

إن النظر للذكرى الـ79 لليوم الوطني للمملكة العربية السعودية الحبيبة الذي يصادف 4-10-1430هـ الموافق 23-9-2009م، يعتبر وبكل حق محل فخر ورمز لصمود هذا الوطن العزيز وتاج عزة لأبنائه الذين صمدوا من 79 عاما بقيادة المؤسس العظيم الملك عبدالعزيز بن عبدالرحمن آل سعود- يرحمه الله- الذي أصبح رمزاً تاريخياً مؤثراً في حركة التاريخ فأرسى أركانه ووضع بنيانه وأنشأ وحدته ووضعه في مصاف الدول الرائدة في هذا العالم فتحقق التقدم والازدهار والتطور في كل المجالات المختلفة وحتى يومنا هذا.

فما من شك أن ذكرى هذا اليوم عظيمة وعزيزة بكل تأكيد على قلب كل مواطن سعودي وعربي على حد سواء لما تحمله هذه الذكرى العظيمة من معاني عظيمة في الوحدة الراسخة التي جسدت بين أبناء الشعب الواحد والأمة الواحدة على أساس من الحرية والمساواة بين أبناء المملكة من شمالها إلى جنوبها ومن شرقها إلى غربها، مستمدة ذلك من شرع الله الحنيف القائم على التعاون والتسامح والمساواة في الحقوق والواجبات لجميع مواطنيها، هذه الوحدة التي وضع قواعدها الملك المؤسس طيب الله ثراه وصولاً إلى عهد خادم الحرمين الشريفين عبدالله بن عبدالعزيز يحفظه الله وولي عهده الأمين والنائب الثاني الذين يواصلون مسرة الوحدة والتوحيد والبناء والتقدم لهذا الكيان الشامخ الذي أصبح مفخرة للعرب والمسلمين ونموذجا يحتذى به في الأمن والوحدة والاستقرار والتنمية والنماء والرفاه والتقدم في مختلف المجالات والميادين التعليمية والصحية والصناعية والزراعية والتجارية، ولم تقف المملكة عند حدود سياستها الداخلية الرشيدة ولكن امتدت المنطقة العربية والإسلامية والعالم أجمع من أجل بناء علاقات إقليمية ودولية أكثر توازناً وعدلاً، تحفظ حقوق الشعوب وكرامة الإنسان أينما وجد، وتسعى من خلال ذلك إلى ضمان الأمن والسلم الدولي.

لقد انطلقت المملكة في سياستها الدولية في الدفاع عن قضايا العرب والمسلمين والقضايا العادلة للشعوب الأخرى وفي مقدمتها القضية الفلسطينية مستلهمة مبادئ وشرع ديننا الإسلامي الحنيف الذي نبذ العنف والتطرف والتسلط على الآخرين، وتدعو إلى بناء أوثق العلاقات بين مختلف الدول على أساس الاحترام المتبادل لسيادة هذه الدول ومصالح شعوبها، فحظيت المملكة وسياستها على احترام وتقدير جميع الدول والشعوب الأخرى، وخصوصا الدول العربية والإسلامية التي وجدت فيها الحكمة والرشد، والناصح الأمين والمعين في كل الملمات والمدافع عن قضاياها ومصالحها، ونحن أبناء فلسطين أكثر من يدرك هذه السياسة الحكيمة للمملكة وقيادتها الرشيدة، فكانت العون الدائم لشعبنا ولقضيتنا في مختلف مراحلها منذ عهد التأسيس وحتى يومنا هذا، فوجد فيها شعبنا الفلسطيني الدعم المادي الكبير والمتواصل والمتعدد الأشكال والجوانب وكذلك الدعم السياسي والمعنوي المستمر والمتواصل بدون كلل أو ملل من أجل تمكين شعبنا الفلسطيني من استرداد حقوقه الوطنية المشروعة كاملة غير منقوصة ومن هنا كانت علاقات المملكة الدولية ودبلوماسيتها الحصيفة تسعى دائماً لتحقيق هذه الأهداف المشروعة، والمتابع لمبادرة الملك فهد يرحمه الله عام 1982م ومن بعدها مبادرة الملك عبدالله حفظه الله عام 2002م والتي جرى التأكيد عليها في القمة العربية المنعقدة بالرياض في آذار 2007م كمبادرة سلام عربية تضمن الحقوق العربية وفي مقدمتها الحقوق الوطنية الفلسطينية للشعب الفلسطيني في وطنه فلسطين، عندها يدرك مدى إخلاص وجدية المملكة العربية السعودية وقياداتها المخلصة في الدفاع عن الحقوق العربية عامة والفلسطينية خاصة وإنها تمثل الشغل الشاغل لسياسة المملكة وقياداتها على المستوى الدولي، والتي قد عرضت مصالح المملكة للخطر في كثير من الأحيان وجراء هذه المواقف المبدئية والثابتة في دعم الشعب الفلسطيني دون تدخل في شؤونه الداخلية إلى مظهراً آخر من مظاهر الدعم والوفاء للشعب الفلسطيني ولقضيته، وفي هذا المجال نذكر الجهد الذي بذلته قيادة المملكة وعلى رأسها خادم الحرمين الشريفين في إنجاز (اتفاق مكة) الذي كان أساساً صالحاً لصيانة وحماية وحدة الشعب الفلسطيني ولكن الذين غاظهم مثل هذا الاتفاق وهذا الدور التاريخي للمملكة هم من سعوا للانقلاب عليه وضرب الوحدة الوطنية لشعبنا، وإننا واثقون من القيادة الحكيمة للمملكة ورغم كل ذلك تواصل جهودها الدبلوماسية بحكمتها ورصانتها المعهودتين من أجل استعادة الوحدة الوطنية الفلسطينية التي لا بديل عنها للشعب الفلسطيني، كما لا ننسى للمملكة الحبية وقوفها المشرف خلال العدوان الأخير الذي شنه الجيش الإسرائيلي على غزة والدور البارز الذي تمثل بوضع جسراً جوياً لنقل الجرحى وعلاجهم في مستشفيات المملكة وكذلك المساعدات الطبية والغذائية لتخفيف معاناة أهلنا في غزة.

ولهذا فمن حقنا نحن أبناء فلسطين داخل الوطن وفي الشتات أن نشارك إخواننا وأشقاءنا وأحبائنا في المملكة العربية السعودية ملكاً وأسرة حاكمة كريمة وحكومة رشيدة وشعباً كريماً في فرحتهم واحتفائهم بذكرى اليوم الوطني، هذه الذكرى الخالدة التي مثلت أول نواة لوحدة عربية معاصرة راسخة وثابتة ومستمرة إن شاء الله حتى تتحقق الوحدة العربية.

أما فيما يتعلق بدور المملكة الحبيبة على المستوى الإقليمي والدولي فهو ثابت وعلى كل المستويات الدولية، ومعالجتها للأمور والقضايا المختلفة والمشاكل العالقة، تتعامل المملكة مع هذه الأمور بكل حنكة وشجاعة بما فيها رأب الصدع والتقارب بين الأديان ونبذ العنف والتطرف والتصدي للإرهاب بكافة أشكاله وإن دل هذا الشيء فإنه يدل على تمسك القيادة بمبادئ الدين الحنيف الذي عرفناه ويعرفه كل العالم.

وبهذه المناسبة العظيمة والعزيزة على قلوبنا جميعا يشرفني أن أتقدم بالأصالة عن نفسي ونيابة عن أبناء شعبنا الفلسطيني وقيادتنا وعلى رأسها السيد الرئيس محمود عباس بأجمل التهاني للمملكة ملكاً وحكومة وشعبا سائلين المولى عز وجل أن يديم على المملكة عزها وتقدمها وازدهارها وأمنها وأمانها في ظل خادم الحرمين الشريفين يحفظه الله وولي عهده الأمين والنائب الثاني لرئيس مجلس الوزراء كما لا أنسى أن أجدد شكر وتقدير الشعب الفلسطيني لهذا البلد الكريم المعطاء على دعمه المتأصل ماديا وسياسيا ومعنويا وعلى جميع المستويات العربية والدولية وعلى كافة الصعد وحتى التحرير بإذن الله تعالى، وكل عام والمملكة العربية السعودية بألف خير.

جمال عبداللطيف الشوبكي
سفير دولة فلسطين ممثل السلطة الفلسطينية بالمملكة العربية السعودية



 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد