Al Jazirah NewsPaper Friday  25/09/2009 G Issue 13511
الجمعة 06 شوال 1430   العدد  13511
تاريخ العَلَم السعودي
الشعارات والشارات الوطنية

 

عبدالرحمن بن سليمان الرويشد :

العَلَم عنوان الأمم والشعوب ورمز تاريخها وحضارتها يرفع على منشآتها وفي الميادين العامة لها خلال المناسبات الوطنية والاجتماعية، داخل الوطن وفي المحافل.

ويأتي أهمية تاريخه كونه رصيداً للأمة وله صلة بإنجازاتها وما حققته من تحولات وأدوار، وعندما ترتفع الراية يعني أن العقيدة والوطن في لحظة ارتفاع وعز، وعندما تخفض الراية أو يتمكن منها الأعداء تكون لحظة ضعف وانكسار فهي رمز للعقيدة والوطن، ودون العلم وقف الأبطال الصناديد يذودون عنه بدمائهم وأرواحهم.

وإلى جانب كون الراية ترمز إلى الأمة والوطن فهي تمثل فكراً مذهبياً ودينياً وسياسياً.. وكثيراً ما تتغير الرايات والأعلام في الوطن الواحد بتغير النظام السياسي أو المذهب الديني.

والكتاب الذي أقدمه اليوم يسرد لنا بإيجاز تطور الراية على مدى حياة الحضارة ومسيرة الدولة السعودية في كل مراحلها، ومن ثم كيف أن مؤسسي الدولة حرصوا كل الحرص على تلك الراية خفاقة عالية، وعملوا على أن تكون تعبيراً عن عقيدتهم التي جاهدوا من أجلها، ونضال أبنائها في مختلف مراحلها حتى توج نجاحهم بتأسيس المملكة العربية السعودية بقيادة المؤسس الملك عبدالعزيز بن عبدالرحمن آل سعود.

وهكذا تأكد لنا أن الراية مع أنها مجرد قطعة من القماش - في أعلى سارية من الخشب- أصبحت رمزاً عظيماً للأمة والعقيدة والوطن.

وقد أصبح (العلم) لغة عالمية تتكلم بها الشعوب وتعرف كل أمة قيمة علمها وقيمة الأعلام الأخرى، لكنها مع ذلك تعتز بعلمها مهما يكن حجمها أو إمكاناتها، فهي ترفع علمها ورايتها في وطنها أو سفارتها عالياً أو بالتساوي مع كل الرايات الأخرى مهما يكن أصحابها أقوياء أو تكون بلادهم أكبر مساحة أو هم أكثر عدداً.

ولم يقف الأمر عند هذا الحد بل إنها إلى جانب كونها لغة عالمية معروفة على المستوى السياسي، أصبحت الأعلام أيضا على المستوى العسكري، بل إن للأجنحة العسكرية المختلفة في الجيوش برية كانت أو بحرية أو جوية أعلامها وراياتها الخاصة بها.

ومهما يكن الأمر، فإننا لسنا بصدد استقصاء ما يتصل بالأعلام وأنواعها وأغراضها.

ويبقى أن نقول: إن هذه الأعلام ليست مجرد لغة صامتة تعطي دلالات عامة، بل إنها في كثير من الأحيان تعطي دلالات خاصة تمثل الأركان الأساسية للعقيدة أو الوطن، فهذا هو علم الوحدة والتوحيد الذي تعتمده المملكة العربية السعودية، نموذجاً يدل على العقيدة، شهادة (لا إله إلا الله محمد رسول الله) ويدل على البيئة والأرض، وعلى الوحدة التي تمثلها المملكة العربية السعودية للجزيرة العربية.

وفي الولايات المتحدة الأمريكية نجد أن العلم الأمريكي يدل على الوحدة بين خمسين ولاية هي الولايات التي تتكون منها أمريكا.

فلكل شيء في العلم معناه ودلالته الرمزية.. فاللون له دلالته، والأبعاد والأحجام والأشكال والزخرفة والمحسنات لها دلالاتها.. ومعناها.

لذلك دخلت المملكة العربية السعودية هذا المجال وقدمت بوتقة رائعة من الأعلام في شتى المجالات بالإضافة إلى علمها الوطني بحيث لم تتخلف عن الركب، وحسبها أنها تتميز عن الأمم بأن رايتها لا تقبل التنكيس أبداً ما دامت تحمل جناحي التوحيد (لا إله إلا الله محمد رسول الله).

وتمتد آفاق هذا البحث ليعالج قضية (الشعار) والأوسمة والميداليات والرتب العسكرية، فهي كلها ركن من أركان العمل الوطني.

ولكل من الأعلام والرايات والأوسمة والرتب قوانينها التي تحدد سبل التعامل معها في الحالات المختلفة، بل وتحدد الأوصاف الفنية الدقيقة التي يجب أن تتكون الأعلام والرايات والأوسمة والرتب والميداليات على موازينها ومقاييسها، وتضع أساليب رفعها أو إنزالها أو ارتدائها.. وتنص على العقوبات لكل من يخالف تلك التعليمات أو ينتهكها، ناهيك عن أن تلك الإشارات كلها تخضع لضوابط في صناعتها وتحدد مستويات من يستحقها أو رتبته وفق أوامر وقرارات ملكية أو تنفيذية من الجهات ذات الاختصاص، ويخضع هذا الإجراء لمراقبة دقيقة منها.

ومن هنا وضعت كتيباً موجزاً عن تاريخ رايتنا السعودية وعن الأعلام والأوسمة والشارات الوطنية، ضمن معلومات موثقة، وقدمت نبذة وافية عن آل سعود وعن تاريخهم ونسبهم إلى المردة من عشيرة الدروع المنسوبة إلى حنيفة من قبائل بكر بن وائل، كما أشرت إلى الألقاب التي تطلق عادة على أمرائهم وملوكهم وصولاً إلى أشرف لقب يلقب به رأسهم اليوم خادم الحرمين الشريفين الذي تأكد استعماله عام 1407هـ - 1987م عندما أطلق الملك فهد هذا اللقب على نفسه وأنه أحب الألقاب إليه.

وأوجزت في هذا الكتيب شيئاً عن التطور التاريخي لهذه (الراية) عبر مسيرتها الأولى والثانية والثالثة وحتى عهد خادم الحرمين الشريفين والإشارة إلى أهميتها بصفتها رمزاً للدلالة على العمق الحضاري والبعد التاريخي ورمزاً متوارثاً مرت به تطورات في شكله وتصميمه، وقد استطعت بحمد الله رغم صعوبة هذا البحث وفقدان المصادر والنصوص التي تتعلق بتطوره أن أجمع مادة كافية موثقة لتحقيق هذا الغرض من خلال المشاهدة والوثائق التاريخية وما دونه الرحالة عن تاريخ هذا العلم العظيم، واعتمدت كأساس لهذا التوثيق على ما كتبه أقدم المؤرخين السعوديين ابن غنام وعثمان بن بشر في تاريخه، وعن عادة رفع هذا العلم في أيام الدولة السعودية الأولى، وأماكن نصبه ونشره عند الحاجة لغرض جهادي أو إطفاء فتنة.

كما أشرت إلى معلومات مفيدة عن حملة هذا العلم للدولة السعودية الأولى والثانية والثالثة لا سيما في عهد الملك عبدالعزيز وأوردت معلومات مهمة عن لون هذا العلم وصناعته وتطور سمته، ومن يتولون التحضير لرفعه وخياطته والعناية به وفي هذه الأثناء أوردت نظام رفع العلم الذي صدر في 12 محرم 1357هـ الموافق 13 مارس 1938م برقم 1-4-7 ونشر في صحيفة أم القرى في الوقت نفسه، ومن الإضافات المهمة عن هذا العلم الرصد التاريخي لتطوره وعن الرجال الذين كانوا يحملونه وعن طوله وعرضه ووصفه من خلال المواصفات الخاصة والمواد القانونية المنظمة لشكله واستعمالاته والأصول المتعلقة برفعه، وأخيراً أوضحت ما يتعلق بالشعار الوطني وتاريخه وشكله بالإضافة إلى أصول مهمة ذات علاقة بالعلم وآداب التعامل معه، والإشارة إلى الأوسمة والميداليات والرتب العسكرية في المملكة العربية السعودية، نظراً لأهمية ذلك بالنسبة لما نحن بصدده اليوم من الإشارة بذكرى يومنا الوطني المتجدد إن شاء الله.




 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد