Al Jazirah NewsPaper Friday  25/09/2009 G Issue 13511
الجمعة 06 شوال 1430   العدد  13511
رؤية الملوك وحلم الأجيال
اللواء الدكتور/ محمد بن فيصل أبو ساق

 

من يتصفح أعداد صحيفة أم القرى التي سبقت إعلان توحيد المملكة وتسميتها باسمها الراهن في عام 1351هـ ثم يحلل تلك الأحداث التي واكبت فعاليات إعلان المملكة العربية السعودية يعلم حق اليقين بعظمة شخصية الملك المؤسس وزعامته التي لا تنافس. كانت أم القرى تصدر كل يوم جمعة وتحمل أهم الأخبار الرسمية وتتصدرها أخبار جلالة الملك عبد العزيز وبرنامج تنقلاته وتنشر خطبه وتوجيهاته للحكومة وللمواطنين. وحين تقوم بتحليل مضامين تلك الأعداد وما احتوت من أخبار وكلمات ومنجزات للملك عبد العزيز تشعر وأنت تنظر لها بعدما يزيد عن ثلاثة أرباع القرن أنها أحداث مجيدة تستحق استمرار الإشادة بها وتستحق العودة إليها ودراستها واستخلاص العبر منها عاما بعد عام.

إن كل ما يتحقق لبلادنا اليوم ليس إلا نتيجة طبيعية في المقام الأول لما قام به الملك عبدالعزيز بن عبد الرحمن آل سعود في كفاحه لتأسيس وبناء وتوحيد هذه البلاد الغالية. وإنني بعد عودتي لقراءة أهم ما نشر في جريدة أم القرى في مرحلة التأسيس لهذه البلاد أزيد احتراما ومحبة للملك المؤسس الذي كانت رؤيته السياسية وزعامته الشخصية سببا في أهم مكتسبات وطننا وعلى رأسها الاستقرار السياسي المتميز.

ويحل موعد اليوم الوطني السعودي هذا العام والمملكة على موعد جديد لكشف حسابات الوطن في كافة الأوجه التي سوف يسجلها التاريخ. فلم يعد مجرد يوم نتذكر ما حدث فيه قبل عدة عقود ونفتخر بما صنع فيه من أمجاد. إنها مناسبة وطنية سعيدة نتوقف عندها لنقيس حالة البلاد خلال عام مضى. وهو يوم أيضا تنطلق خلاله آمالنا ورؤانا نحو غد مشرق لصالح المملكة ومجتمعها. إنها رؤية القائد المؤسس تتفاعل من عهد إلى آخر حتى عهد خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز, وهذه الرؤية صاحبها حلم أجيال مجتمعنا نحو غد يتجدد نهضة وإشراقا.

وإذا كانت سنوات المؤسس قد حققت لرؤيته -يرحمه الله- نجاحات وانتصارات بتوحيد البلاد وبنائها ووضع أسس استقرارها فإن السنوات في بداية عهد خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز - حفظه الله - تتسارع فيها الأحداث لتضيف سجلا زاخرا بالمنجزات يضاف إلى تاريخ ما سجله تاريخ الملوك السعوديون. فلكل حقبة زمنية تحدياتها وفرصها ومعطياتها ونتائجها. والملك عبدالله بن عبد العزيز يقود البلاد اليوم في وسط مستجدات وتحديات عالمية غير مسبوقة ويحقق لبلاده أروع النتائج ويجعل البلاد على بوابة واعدة نحو غد مشرق، إن شاء الله تعالى.

ويعلم مجتمعنا أن بلادنا تعيش ورشة عمل كبرى في شتى مجالات التنمية تحقيقا لرؤى واستراتيجيات الملك عبدالله بن عبدالعزيز للقفز بالمملكة وجعلها تحتل مكانة تليق بها في صفوف الدول الأكثر تقدما. وقد سخر الملك عبدالله بن عبدالعزيز الميزانيات الكبرى وجعل رؤيته العليا أن ينتقل المجتمع السعودي ليصبح مجتمع معرفة قادرا على التأهيل والتدريب والإبداع والإنتاج الصناعي لسد ثغرات كبيرة في حاجة البلاد.

ولم تستثنِ رؤية الملك عبدالله المستقبلية أي مجال له علاقة بالانتقال إلى مجتمع واعد صناعيا ومعرفيا حيث كان التعليم بكل مستويات في الأولوية إضافة إلى دعم البنى التحتية للصناعات والقفز بها إلى الأمام بميزانيات سخية. ومن المفرح لنا أن يتزامن افتتاح جامعة الملك عبد الله للعلوم والتقنية مع مناسبة اليوم الوطني في هذا العام 1430هـ, لتؤكد إصرار الملك عبدالله نحو المستقبل المبني على التخطيط العلمي والمساهمة العالمية لتحقق رؤية قائد وحلم أجيال.

ومن يقارن حالة البلاد -سنة بعد أخرى- يلمس هذه القفزات التي لا تخطئها العين في البناء التنموي في مجالات كثيرة مما يعد مكسبا للوطن بعمومه. وها نحن اليوم نشهد ثمار برنامج خادم الحرمين الشريفين للابتعاث الخارجي ببدء تخرج دفعات أبناء المملكة المبتعثين للدراسة في البلدان المتقدمة. وفي ظل هذه التوجهات الملكية التي تسابق الزمن فإن المجتمع مطالب أن يكون عند مستوى التحديات التنموية ومستوى الآمال. فلا يمكن لهذه الرؤى والاستراتيجيات والمنجزات التي يدفعها الملك عبدالله بن عبدالعزيز ويقود دفتها نحو المستقبل أن تحقق ثمارها إلا بتعاون وطني شامل كل في مجاله واهتمامه على المستوى الجماعي والفردي. فالقطاع العام عليه مسئوليات تنفيذية كبرى, وعلى القطاع الخاص كذلك مسئوليات اجتماعية وتنموية كبرى, وعلينا كمواطنين أدوار فردية كبرى. فإذا تضافرت الجهود وعملنا جميعا بهمم عالية وفي إطار رؤية وطنية واحدة فإننا سوف نقدم لبلادنا خدمة لا تقدر بثمن وسوف نضع لأجيال المستقبل بصمات مضيئة.

ومن المعول عليه اجتماعيا أن نسهم بالعمل الجاد وبذل قصارى جهودنا ليؤدي كل منا دوره، كما ينبغي وزيادة وفي إطار يصب في مصلحة خطط البلاد ومشاريعها وآمال قادتها.

ويعول على مؤسسات التعليم في المقام الأول أن تضيء طريق المجتمع وتشحذ همم الناس لتدفعهم نحو العلا بأساليب ترقى إلى عالم المستقبل المعتمد بإذن الله على صناعات المعرفة. فالتعليم العام والجامعي والمهني يشكل قاعدة عريضة للتغير الاجتماعي الإيجابي. وعلى وسائل الإعلام أدوار موازية بنشر الثقافة والارتقاء بفكر الناس عبر برامج تنويرية تتماشى ورؤى بلادنا لنرتقي فوق كل التحديات وتسارع في تحقيق آمال الجميع.

فإذا تعاونا جميعا مؤسسات وأفراد في ظل رؤية واحدة وغايات واحدة فإن اليوم الوطني القادم سوف يشهد قفزات تنموية أخرى بإذن الله تعالى.

نهنئ خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز وسمو ولي عهده الأمين وسمو النائب الثاني والأسرة المالكة الكريمة والشعب السعودي الوفي بمناسبة يومنا الوطني متمنين لبلادنا مزيدا من العزة والتطور والسؤدد.

رئيس لجنة الشئون الأمنية بمجلس الشورى


mabosak@yahoo.com

 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد