Al Jazirah NewsPaper Friday  02/10/2009 G Issue 13518
الجمعة 13 شوال 1430   العدد  13518
الخنزير ومساوئه«3»
د. محمد بن سعد الشويعر

 

وتأكيداً لما وراء الخنزير من مصائب وآفات، وأنه رجس، أجد من المناسب مشاركة الطب والأطباء بالرأي الصائب، فيما تكشف لهم، حول أضرار هذا الحيوان على الصحة، وهذا ليس استقصاء، ولكنه جزء مما بان لذوي الاختصاص من الأطباء.. لأنّ رأيهم أقرب لأذهان الناس، وأحاسيسهم.

وهذا أيضاً مما يعطي مؤشراً مخيفاً، ينفع من يريد معرفة، ما ينفر من هذا الحيوان، ويتوقّى أضراره، والحكمة تقول: الوقاية خير من العلاج، مع أنّ المسلم يكتفي بأمر الله، في استجابته للاجتناب مما حرّمه الله، لكن الخوف من العدوى لأنّ العالم أصبح مترابطاً، وأبناء الأمم متواصلون، مما يهيئ فرصاً للعدوى. وإنّ من الوقاية الاستئناس بقول الأطباء فقد وصلني قبل فترة، كتاب صغير في حجمه، قليل في عدد ورقاته، التي لا تزيد عن (37) سبع وثلاثين صفحة. وأكتفي به نموذجاً من أقوال الأطباء، لأنّ الموضوع، لا يحتمل الاستقصاء، وإيراد كل ما قيل عنه. وهذه الرسالة الصغيرة مليئة بمعلومات، عما تكشف من أسرار في (تحريم الخنزير) اليوم عند المسلمين خاصة، وغيرهم عامة: في لحمه وشحمه، وتربيته والتجارة فيه، وغير ذلك، لأنّ ما حرم فمنافعه محرّمة أيضاً.

ومن ذلك استمد المؤلف لهذه الرسالة الصغيرة المفيدة، الدكتور: فاروق مساهل اسم الكتاب، وبعد أن قرأته أحببت مشاركة القارئ في موضوعه، وما طرح من فوائد، لتوقعي محدودية النشر له، مع ما فيه من إيضاحات ذات أهمية. فهو فيما ظهر لي دكتور طب متمكن.

بان ذلك من تحليله لمضار (الخنزير) الصحية، بقرينة استرعت انتباهي، فقد ذكر الدكتور فاروق مساهل: عشرين مرضاً يتسبب (الخنزير) في نقلها للإنسان، فإذا أصابته تنتقل أغلبها لغيره بالعدوى، وأغلبها من خصوصيات (الخنزير وتعاطيه) ومستوطنة فيه.

أما الباقي فإنه يشترك فيها، حيوانات أخرى، ومخلوقات أخرى.. وهذا كافٍ في تحديد خطورة (الخنزير) وقذارته، وما يجب على الجنس البشري الحذر منه، ولما ينقله له من آفات ومصائب، إذ قد يكون (الخنزير) هو المسبب الأول لتلك الأمراض.. وسأذكر باختصار، الحالات التي يسببها (الخنزير)، وتجلب الأضرار الصحية والفزع في المجتمعات، والتحرك مع الاهتمام من الهيئات ذات العلاقة، بالوقاية والعلاج، وسأصرف النظر عن الجانب الآخر، الذي يشترك فيه الضرر ضد الإنسان مع (الخنزير) جهات وحيوانات أخرى، ومما ذكره الدكتور فاروق، خشية الإطالة:

1- مرض الشعرية أو التّرخينيّة، وتسبّبه ديدان تعيش في لحم الخنزير، وهذه الديدان تستقر في عضلات آكل لحم الخنزير وعلى الأخص عضلات التنفس، حيث تتسبّب في تسمّم تلك العضلات، وتنتشر في عضلات الجسم كله، والمخ وهذا أخطر شيء على الإنسان. وقدّر الدكتور فاروق المصابين بهذا المرض في أميركا وحدها بـ(47) مليوناً والوفيات 30%.

2- دودة (الخنزير) الشريطية التي تستقرّ في الأمعاء، وطولها عدة أمتار، مكوّنة من رأس به ما بين 22 - 32 خطّافاً تتشبّث بها في جدار الأمعاء، وتهرب يرقاتها لمجرى الدم، لتستقر في الكبد والقلب والعين والعضلات، فإذا استقرت في المخ وهو مكانها المفضّل، تسبّبت في مرض الصرع، كما أنّ يرقاتها تتحوصل في العضلات.

3- الالتهاب السحائي المخي، الخنزيري، الذي اكتشف عام 1968م وكان وراء حالات الوفيات الغامضة التي حدثت، في هولندا والدانمارك، حيث تبيّن أنّ هذا الميكروب الخنزيري، متعطّش لإصابة الإنسان والفتك به، ويتسبّب في حدوث التهاب في الأغشية الملاصقة للمخ، وبإفراز سموم معينة في دم المصاب، ومن كتب الله لهم الإفلات من آثاره والحياة، فإنهم أصيبوا بالصم الدائم مع فقدان التوازن.

4- الدوسنتاريا الخنزيرية، وهي أكبر الميكروبات ذات الخلية الواحدة التي تصيب الإنسان، ويوجد في براز الخنازير، وينتقل للإنسان بعدّة طرق في طعامه، وتستقر الميكروبات في الأمعاء الغليظة محدثة إسهالاً مصحوباً بمخاط ودم، مع ارتفاع في الحرارة، ومع التهاب بالرئة، وبعضلة القلب، وقد يتثقب القولون ليعقبه الموت.

5- إنفلونزا الخنازير، الذي ينتشر على هيئة وباء يصيب الملايين من الناس، ومضاعفاته خطيرة، ويحدث التهاباً بالمخ، ومن ثم تضخماً بالقلب يليه هبوط مفاجئ في وظيفته، وفي عام 1918م مات به 20 مليوناً من البشر.

6- التسمّم الغذائي الخنزيريّ، وينتج من سرعة الفساد في شحم ولحم الخنزير، حيث تتكاثر الجراثيم بسرعة، وقد أدى هذا التسمّم، إلى موت كثير من الناس، في مناسبات عديدة، وبأعداد كثيرة.

7- ثعبان البطن الخنزيريّ المعروف باسم (الأسكارس) وقد اكتشف الإصابة به في صيف عام 1982م، في المناطق الجنوبية الملوثة ببراز (الخنزير).

8- دودة المعدة القرصيّة، وهي تصيب الخنزير، ومنه تنتقل للإنسان بسرعة وتصيب الأطفال خاصة.

9- دودة الرئة الخنزيرية، التي تعيش في رئة الخنزير، وتنتقل منه للإنسان.

10- الدوسنتاريا (الأميبيّة الخنزيريّة)، وهذه تنتقل بالعدوى من الخنزير للإنسان.

فهذه العشرة التي ذكر الدكتور فاروق مُساهِل كافية للحذر من هذا الحيوان، أو الاقتراب منه ولم نذكر البقية خشية الإطالة. والأيام حبلى، وسينكشف مصائب أخرى عن هذا الحيوان، وعداوته الصحية للإنسان، فهو عقاب من الله.

ومن يتابع تاريخ اكتشاف هذه الأمراض، التي ذكرها الدكتور مساهل، يلاحظ أنّ بعضها حديثة الاكتشاف، فماذا سيكتشف الإنسان عن الآثار السيئة، والأمراض الأخرى وآثارها حول هذا الحيوان الذي لا نفع فيه، لأنّ الله حرّمه.

ومع الأطباء، يدرك علماء النفس وعلماء الاجتماع، يدركون أيضاً أسراراً أخرى عن طبائع هذا الحيوان، ومن يحلّل ما وراء طباع هذا الحيوان السيئة وما به من علل كالخور وعدم الغيرة، والجبن وعدم المبالاة، بالحفاظ على الشّرف، وطريقته في الاتصال الجنسيّ، من أمور مُستكرهة وما يتولّد عنها من آثار متغشية في بعض المجتمعات، يقول: لعلّ هذا من الخنزير نفسه غريزيّاً، وطباعاً جُبِل عليها يتأثر منها آكل الخنزير، وهذا غيض من فيض مما أدركه الإنسان عن هذا الحيوان، وما ورد قتله من نبيّ الله عيسى عليه السلام، وكسر الصليب إلاّ لعلّة عظيمة، نستنتج منها أمرين: صحيّة بقتل الخنزير واجتثاث نوعه من الأرض، والثانية عَقَديّة، بتطهير الأرض من الشِّرك بالله ومنازعة الله في العبودية والاعتقاد.

حيث أعطى رسول في حديث نزول عيسى، النتيجة بالرّخاء في الأرض بصورته الكاملة، ولو أنّ الناس استقاموا لفتح عليهم الله بركات السماء والأرض، والذي تكرر هذا المعنى في كتاب الله أكثر من مرة، لمن يريد أن يتذكّر ويتّعظ.

وسوف يتولّد من الاكتشافات، والدراسات، ما يزيد قائمة الأضرار عن هذا الحيوان سوءاً في أمور كثيرة، مما يجعل المسلم الحريص، يحمد الله على ما أحلّ الله من الطيِّبات ليستأنس بها وما حرّم عليه من الخبائث لكي يجتنبها، لما وراء ذلك من مصالح لنفسه، وآثار في مجتمعه، فضلاً من الله وإحساناً، ولا شك أنّ الخنزير من الخبائث ويصرف سبحانه عن المسلم الملتزم آثار ومصائب كل أمر محرّم، بحسن الالتزام: عقيدة وعملاً.

والخنزير محرّم على الأمم قبلنا، وعند اليهود والنصارى، ولكن النصارى لضلالهم وجهلهم كما جاء في سورة الفاتحة لضلالهم ممّا أباحوه لأنفسهم وغيره، كما جاء في مؤتمرهم الكبير عام 385 الميلادية، في مدينة (نيقيا) قبل بعثة رسول الله صلى الله عليه وسلم، بما يقرب من (200) مئتي عام، مخالفة لليهود، مع غيره من أمور بانت من نتائج مؤتمرهم. ومن باب إفادة القارئ نضع أمام المتلقي بعض المصطلحات والمسمّيات، للحوم الخنزير وشحمه، ومشتقّاته ممّا يدخل في الطعام فقط، للاستئناس والحذر، وهي تكتب على بعض المعلّبات، التي يهتم صانعوها في بلاد الغرب، بتوضيحها للمستهلك، لأيِّ سبب، والمسلم يجب أن يعرفها للحذر واجتناب أكلها: Pig. Hog. Swine

1- لحم الخنزير عامة Bork

2- لحم الخنزير المملّح والمقدّد عامّة Balon

3- لحم فخذ الخنزير Ham

4- معدة الخنزير Maws

5- أمعاء الخنزير Chitterling

6- أما شحم الخنزير فيُسَمّى Lard، ولونه أبيض، وهو كثير جداً لدى كلّ فرد من أفراد الخنازير صغيراً أو كبيراً، ذكراً أو أنثى، لشراهته في الأكل وكثرة دهنه ورخصه، وهو واللحم سريع التسمّم وبروز الجراثيم عند إخراجه من الثلاجة، والوقاية والاحتراس من مضار الخنزير واجبة لأنّ الوقاية خير من العلاج. وهذه المسمّيات ذكرها الدكتور مساهل، لكي يعرّف بها بعض المسلمين في ديار الغرب، إخوانهم المسلمين في كل مكان عندما يرونهم، في المراكز التجارية في جناح الأطعمة، حرصاً منهم في توعية المسلم وتحذيره مما حرّم الله، وقد حصل معنا هذا في تلك الديار، ومع غيرنا فجزاهم الله خيراً، لأنّ ثقافة المسلم لنفسه ثم لإخوانه من ألزم المهمّات، دينياً أولاً، ثم صحياً.

وفي موضوعنا هذا، فإنّ علماء الإسلام، قديماً وحديثاً قد تحدّثوا عن الخنزير وخبثه ونجاسته وحرمته كثيراً، كما تحدّث الأدباء أيضاً، ومنهم الجاحظ في كتابه الحيوان، والدّميري في كتابه الحيوان كثيراً، ومما جاء عند الجاحظ في الجزء الرابع قوله: فلولا أنّ في الخنزير معنى مشتركاً ومتقدّماً سوى المسخ، وسوى ما فيه من قُبْح المنظر، وسماجة التمثيل، وقُبْح الصوت، وأكل العذرة، مع الخلاف الشديد، واللواط المفرط، والأخلاق السّمجة، ما ليس في القرد، الذي هو شريكه في المسخ، لما ذُكِر دونه.

ونقول لعلّ هذا الوباء أن ينبّه من في قلبه، نبضة إيمان من قادة وعلماء وأدباء ومفكّرين، لنشر الفوائد والمصالح من امتثال دين الله الحق لما فيه من مصالح ومنافع وذلك بالتّوبة الصادقة مما يجري على وجه الأرض.. والله الهادي سواء السبيل.




 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد