Al Jazirah NewsPaper Wednesday  07/10/2009 G Issue 13523
الاربعاء 18 شوال 1430   العدد  13523
نقاد بلا وطنية
محمد المعدي

 

فرحتُ كثيراً عندما تلقيتُ رسالة على جوالي من أحد الأصدقاء يبلغني فيها بأن نادي الهلال السعودي استطاع أن يحقق لقبا باسم الوطن على مستوى القارة الآسيوية (نادي القرن)، ومصدر فرحي ليس لنادي الهلال، ولكن للمملكة العربية السعودية التي سجَّلت حضورها في كل المحافل العالمية والإقليمية.

كما زادت غبطتي وأنا أتخيل علم بلادي من خلال نادي القرن يقف شامخاً مع دول بقية قارات الأرض، ورغم وجودي في مهمة عمل في العاصمة السويسرية جنيف إلا أنني اقتطعت جزءاً من وقتي لأتابع أصداء هذا المنجز السعودي البحت، ولم يخلد إلى مخيلتي أن يكون هناك أصوات تشكك في منجز وطني فريد من نوعه قد لا تكتب لنا الأعمار لنعيش قرنا آخر لنرى هل حقق اللقب ناد سعودي أم غير ذلك. ما سمعت وما قرأت هو كارثة يجب ألا تمر مرور الكرام، فمن يشكك في منجز سعودي لا يمكن بأي حال من الأحوال أن نثق بأنه لا يسعى في الخفاء من أجل تراجع الكرة السعودية بل الفرح عند خسارتها، الذي يعتبر نفسه جزءا من الخسارة حال حدوثها.

وبعيداً عن هذا وذاك فقد جمعتني المصادفة بأحد المسؤولين الرياضيين الذي يعمل في مدينة لوزان في المحكمة الرياضية الدولية، وفور علمه بأنني سعودي بارك لي تحقيق الدوري السعودي المرتبة السادسة عشرة، كمرتبة حسب وصفه متقدمة جداً وتعتبر إنجازاً للكرة السعودية التي رغم عدم تأهلها لكأس العالم إلا أنها تشهد عملاً مؤسسياً سوف يؤتي ثماره في القادم من السنوات، وبارك لي ثانياً بتحقيق نادي الهلال السعودي لقب نادي القرن الآسيوي، وقال لي بالحرف الواحد:

The Saudi League's achievement and the acquiring of Hilal Club of the title (the Club of the Century) compensates for the Saudi National Team failure in making the World Cup .

وهو يعني (لقد عوّض تفوق الدوري السعودي في التصنيف العالمي وحصول نادي الهلال عل لقب نادي القرن إخفاق المنتخب السعودي في عدم تأهله لكأس العالم).

وأضاف أن ما يقوم به الأمير سلطان بن فهد من عمل لأجل رفع قيمة الدوري السعودي عمل جبار؛ فقد أصبح دوريكم محط أنظار الجميع خصوصا بعد التعاقدات التي أبرمتها الأندية السعودية مع نجوم بارزين في منتخبات بلادهم.

ولأنني كنت فرحا وحزينا في نفس الوقت، إلا أنني سألته وبشكل سريع لعلي أجد مخرجا لمن شكك في إنجازات بلده، سألته ما مدى شرعية هذه الجائزة، وما مدى شرعية الجهة التي منحتها؟ فنظر لي وهو يبتسم وقال: أنا كشفتك، أنت لست سعوديا، هذا السؤال لا يسأله سعودي. كم كنت خجلا بعد هذه العبارة, ولكنني بررت موقفي وقلت له: لا أنا سعودي, ولكن كما تعرف هناك دول في آسيا تنافس الكرة السعودية، وربما تشكك إذا لم ترض بالنتيجة، فأجاب: معك حق، ولكن يا عزيزي الاتحاد الدولي للتاريخ والإحصاء (IFFHS) هو الجهة الوحيدة المعتمدة في الإحصاءات، وجميع النتائج التي تخرج من هذا الاتحاد لا يستطيع أحد التشكيك فيها كونها تخضع لمقاييس محددة لا يمكن تجاوزها.

بعد هذا اللقاء القصير أحسست بكمية كبيرة من الإحباط، وكانت أول كلمة قلتها (الله يعينك يا سلطان, ويا نواف)، كم هما مظلومان بالعمل في هذه الأجواء غير الصحية, الموضوع هنا ليس تشجيعا، ليس تعصبا, ليس كرها, ليس حبا، الموضوع هنا وطن ومنجز للوطن سواء حققه زيد أو عبيد، في النهاية الإنجاز باسم المملكة العربية السعودية.

من ينظر لوضعنا يتعجب كيف يمكن أن نصل لكأس العالم وبيننا من يفكر بهذه الطريقة الجوفاء التي لا تزيده إلا كرها وحقدا واحتقانا ضد كل نجاح يحققه الوطن؟

من يكتب أو يقول كلمة ربما من الأفضل لو راجع نفسه مرارا فربما ندم يوما ما، العالم يقرأ ما نكتب ويسمع ما نقول، كيف نُري هذا العالم وجها ليس وجهنا.

كيف يمكن أن ينشأ أبناؤنا وبناتنا في بيئة صحية بعيدة عن الحقد والكره وهم يقرؤون ويسمعون ما يؤجج التعصب وكره الآخر بل احتقار منجز وطني عندما يأتي من شخص أو جهة لا نحبها. ختاما أبارك للوطن بلقب نادي القرن، وأدعو الله أن يصلح دواخلنا لتصلح ظواهرنا.

جنيف



 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد