Al Jazirah NewsPaper Thursday  08/10/2009 G Issue 13524
الخميس 19 شوال 1430   العدد  13524
بين الغذامي والعرابي.. حول قضية استخدام اللاتينية بديلاً عن بعض الحروف العربية

 

الجزيرة الثقافية - سعيد الدحية

نشرت الزميلة النشطة خلود العيدان في (الثقافية) تحقيقاً مهمّاً يتناول قضية (العربيزي) أي العربي - الإنجليزي.. وهي تحديداً كتابة الكلمات العربية بحروف أو أرقام لاتينية.. هذا الشكل الكتابي الجديد متداول فيما بين مستخدمي شبكة الإنترنت بصورة واسعة إذ تشكل نسبة مستخدمي الإنترنت وفق مفهوم (العربيزي) -بحسب تحقيق الزميلة خلود- للتواصل باللغة العربية نحو 84% فيما تشكل نسبة المستخدمين العرب الذين لا يتقنون الطباعة العربية 78%.

التحقيق استطلع آراء الشارع الإنترنتي وعدداً من المهتمين والمختصين الفنيين إلى جانب إيراد رأي الدكتور عبدالله الغذامي في هذه القضية بوصفه الثقافي.. وهنا أشير إلى أهمية تدعيم التحقيق برؤية الجانب الإعلامي العلمي كون القضية أصلاً تدور في حقل ما يعرف ب(الإعلام الجديد) هذا المجال الذي وُلد باشتراطات جديدة ومحددات مختلفة وأدوات ومعطيات تقفز عالياً أمام جل عوائق الثابت والمألوف.. وهنا تعرض (الثقافية) لمجتزآت من رأي الدكتور الغذامي في التحقيق المشار إليه (يتبعه رؤية مخالفة) طرحها الإعلامي الدكتور فهد العرابي الحارثي ضمن ورقة علمية نشرتها (الثقافية) تحت عنوان الثقافية الأفقية .. وموت النخبة!.

حملة لإعادة القيمة والمكانة

للحرف العربي

يقول الدكتور الغذامي:

(إنني أتعجب كيف ينصرف الشباب والشابات إلى الحرف اللاتيني مع أن المتفق عليه عالمياً هو جمالية الحرف العربي حتى على مستوى الفنون التشكيلية وعلى مستوى الجماليات، الحرف العربي جميل جداً حتى أنه يشكل مدرسة فنية وكل الغربيين سواء منهم الأوروبيون أو الأمريكييون يعجبون بمرأى ومنظر الحرف العربي فهي ناحية جمالية أولاً، مثلما أنها أيضاً ناحية حضارية وثقافية لأن اللغة هي (انتماء)، وهي صورتنا أمام العالم وأول وجوه اللغة هو الحرف. فالانتماء إلى هذا الحرف والعودة إليه مسألة أساسية.

لكن لابد أن نشير طبعاً وبكل وضوح أن الناس كانوا معذورين في البداية حينما كانت لوحة المفاتيح لا توفر اللغة العربية سواء في الحاسوب أو في الجوال لكن بعد أن توفرت بالحروف العربية فحينئذ لا عذر لأحد أن يستمر بالكتابة بحروف لا تينية أو ما هو أدهى وأمر الجمع بين لغة عامية من جهة وحروف لاتينية من جهة أخرى مما يعني أننا نفقد العلاقة مع لغتنا ومع ثقافتنا ومع تاريخنا!).

ويضيف الدكتور الغذامي: (الموضوع الآن وكما تثيرونه أنتم في (الجزيرة) يصبح موضوعاً حضارياً وتاريخياً، بمعنى أن الوقفة الآن تستدعي أن نعيد القيمة والميزان لرمزنا الثقافي، طبعاً سأسجل تقديري التام ل(الجزيرة) - الثقافية- على إثارتها هذا الموضوع. وأهيب بكل إنسان وإنسانة يتابع هذا الموضوع أن يجعل هذه القضية جزء من الحملات واللحظات التي يتخذ فيها المرء قراراً فيه أن ينتصر لثقافته وأن ينتصر لنفسه وللغته وينتصر الجميع لتاريخهم سواء من الشباب أو الشابات وهم الجيل الذي تعلم وتثقف ونحن نفاخر بأن جيل المتعلمين والمتعلمات الآن يشكل نسبة عالية جداً في بلدنا، وبما إنهم كذلك فإنهم أيضاً يجب أن يتعلموا المسؤولية الأخلاقية أمام ثقافتهم وحضارتهم. وأنا على يقين أن هذا الموضوع كبير وممتد وأرى أنه يجب أن يمتد كحملة إلى أن تحقق الحملة أهدافها بأن نعيد للحرف العربي قيمته ومكانته).

مزاج جيل التقنية الجديد.. المواصفات والاشتراطات

هنا نورد رؤية الدكتور العرابي حيث يقول: (ذكرت إحدى الشاعرات أنه يمكن للتكنولوجيا أن تفرض شروطها في هذه الحالة، فإضافة إلى المساحة، يمكن أن يتم استبعاد مفردات، والاستعانة بأخرى، لمجرد أنها ستصبح أكثر وضوحاً في رسائل الجوال. فالنص الشعري راضخ هنا لإملاءات التقنية، وهو بمعنى ما رهينة لها. ومثل هذا الوضع يذكرنا أيضاً بظهور فكرة استخدام الحروف اللاتينية في كتابة النصوص العربية لرسائل ال SMS أو لأي استعمالات أخرى في أجهزة التقنية. وقد نتج عن ذلك اصطلاحات للتعبير عن بعض الحروف العربية مثل الحاء والخاء والعين والغين والضاد وسواها من الحروف غير المتيسرة في لغات أخرى، فقد كانت تستخدم بعض الأرقام اللاتينية على سبيل المثال، للتعبير عن تلك الحروف. والفكرة في ذاتها تستلهم تنازلات أخرى تتوافق مع هدف السرعة والسهولة والتبسيط، وتنسجم في الوقت ذاته مع (المزاج) الجديد لمستهلكي التقنية، وهو مزاج (رياضي) ثوري، متمرد، يميل إلى التسهيل ولا يتشبث بالتفاصيل. وقد اقتضت التقنية أن يعمد مستخدموها إلى اللجوء إلى بعض المختصرات في اللغة الإنجليزية على سبيل المثال، فلا حاجة إلى كتابة بعض الكلمات كاملة، بل يرمز إليها ببعض الحروف مثل: (u) في مكان you ومثل R في مكان are وهكذا. وهذا يعيدنا إلى موضوع تأثيرات التقنية على اللغة، وعلى الكتابة، وهي عندما تحكم بالإعدام على مفردات معينة سيكون من الصعب إعادة الحياة من جديد إلى من أضحى في اللحد تحت التراب.

إن مما تسببه مثل هذه الثورات، أو الهزات العنيفة لقيم الكتابة، وتقاليد النشر، ما يسمى بسقوط السلطات اللغوية، حتى أن ما كان يسمى تراجعاً أو انهياراً للغة بدا مقبولاً ومرحباً به اليوم. والواقع الذي لا مراء فيه أن تحول اللغة (المحكية) إلى لغة مكتوبة؛ هو انحدار إعلامي وثقافي يتحقق بصمت).




 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد