Al Jazirah NewsPaper Thursday  08/10/2009 G Issue 13524
الخميس 19 شوال 1430   العدد  13524
يحدث في القاهرة الآن: خلافات حول ترجمة (الأدب الصهيوني) للعربية

 

عندما مر بي خبر في شريط إحدى الفضائيات يقول أن وزارة الثقافة المصرية سمحت بترجمة الأدب الصهيوني إلى اللغة العربية لم أجد في هذا الخبر ما يثير الاستغراب، إذ أن هذا ما يجب أن يحصل وقد حصل من قبل لا في مصر وحدها بل وفي بلدان عربية أخرى.

ما زلنا نتذكر تلك الترجمة المبكرة لرواية (غبار) ليائيل ديان ابنة مجرم الحرب موشيه ديان، وهي أحد مشاهير كتاب الرواية في إسرائيل ولكن مترجم الرواية وهو أيضاً روائي كبير المرحوم هاني الراهب أستاذ الأدب الانجليزي في جامعة دمشق لم يكتف بترجمة الرواية بل وكتب لها تقديماً لابد منه لإضاءة ما حملته هذه الرواية وأذكر أيضاً من الترجمات الروائية (خربة خزعة) التي ترجمها عن العبرية صديقنا توفيق فياض، هذا عدا نماذج لا تحصى من القصص والقصائد.

ولم يعترض أحد على هذه الترجمات بل وجدت ترحيباً لأن هناك حاجة لمعرفة هذا الآخر الذي اختار موقع العدو سواء بسيطرته على أرض شعب آخر، أو بتحويل كيانه لمعسكر مدجج بكل الأسلحة بما فيها النووية ثم شنه مجموعة حروب واحتلاله للمزيد من الأرض العربية في فلسطين وسوريا ولبنان ومصر.

نعم، نريد أن نعرف ماذا يدور بين أولئك البشر المهاجرين وراء حلمهم التوراتي، وأي علاقات نشأت بينهم وهم الخليط من أوروبا إلى آسيا ومن إفريقيا إلى أستراليا وأمريكا؟

لا أحد يشك في مواقع د. جابر عصفور رئيس هيئة الترجمة الذي تبنى هذا المشروع، ولكن كما بدا لي أن التوقيت هو السبب في هذا الخلاف والأخذ والرد، لأنه جاء متزامناً مع ترشيح وزير الثقافة المصري الحالي فاروق حسني لمنصب مدير عام اليونسكو فاعتبر هذا خطوة نحو التطبيع، وهو أبعد ما يكون عنه.

ان هيئة الترجمة بصفتها هيئة رسمية تابعة للدولة لها آليات في العمل الثقافي ولا يمكنها أن ترتجل الترجمات وتأخذ ما شاءت لأن هناك قانوناً دولياً يضمن حقوق التأليف للأشخاص ولدور النشر وقد وقف هذا أمام مشروع هذا النوع من الترجمات، إذ ليس في نية هيئة الترجمة الاتصال بدور النشر داخل إسرائيل لإتمام الاتفاقات وقد ذكر د. عصفور أن النية متجهة للتعامل مع دور النشر الغربية التي أخذت هذه الحقوق.

هذه التفاصيل لا تعنينا بالمرة فهي تعني آلية العمل ولا تعني العمل المرشح للترجمة كما أن هذا كله لا ينسينا أن معظم الكتاب الإسرائيليين لا يكتبون باللغة العبرية بل بالانجليزية بمن فيهم يائيل ديان وروايتها التي أشرنا إليها (غبار) المكتوبة باللغة الانجليزية، وليس بالضرورة أن كل أدي يكتبه أدباء يحملون الجنسية الإسرائيلية هو أدب صهيوني فهناك مثلاً عدد من يهود العراق كتبوا روايات بالعربية وأصروا على أن يكتبوا على غلافها (رواية عراقية) مثل سمير نقاش، أو كتب عن العلاقة بين اليهودي والمسلم في المجتمع العراقي مثل رواية (فريدة) لنعيم قطان التي ترجمها إلى العربية صديقنا آدم فتحي ونشرت في بيروت، علماً أن كاتبها مقيم في كندا ويكتب باللغة الفرنسية على حد علمي.

هذا يقود إلى القول بأن هناك تجارب أدبية اقترنت بمحاولات تطوير وتحديث اللغة العبرية التي رافقت نشوء دولة إسرائيل إذ لابد من لغة ذات مرجعية دينية وليس هناك غير العبرية باعتبارها لغة التوراة.

أنا هنا لا أريد أن أقحم نفسي في موضوع لا يدخل ضمن اهتماماتي لكنني أردت أن أقول خلاصة بأننا محتاجون فعلاً للاطلاع على ما يكتبه الآخر - الإسرائيلي الذي كان يهتم بنا، ويقرأ ما لم نتوقع أنه سيكون مثار اهتمامه.

من يتصور أنهم معنيون بما ينشر من نعي في الصحف لشخصيات معروفة خاصة وأن هذا النعي هو بمثابة استعراض عائلي فيجري الربط؟

ذات يوم وفي أواسط الستينات كانت الإذاعة الإسرائيلية باللغة العربية تسمح في العراق وقد فاجأني حديث عن قاص عراقي شاب ثم قراءة لعدد من نصوصه القصصية، فكيف اهتدوا إليه؟!

أنهم يتابعون ونحن نتابع كذلك.

نتابع جهد الإمكان.

* * *

عبد الرحمن مجيد الربيعي



 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد