Al Jazirah NewsPaper Thursday  08/10/2009 G Issue 13524
الخميس 19 شوال 1430   العدد  13524
هل الانتفاضة الثالثة قادمة؟
مأمون شحادة (*)

 

لم تعد الخيارات ممكنة إلى درجة أن وصل الشعب إلى حالة الإحباط واليأس، هذا هو حال الشعب الفلسطيني في الانتفاضتين التي خاضها (1987 و2000).. من الملاحظ أن الانتفاضتين قد حملتا نفس الحلم الشعبي في بناء الدولة، ولكن النتائج متفاوتة في المرتين، ففي المرة الأولى، خاض الشعب الفلسطيني انتفاضته بسبب حالة الإحباط واليأس من الاحتلال الإسرائيلي ومن أجل إيجاد دولة فلسطينية واحدة ونظام سياسي واحد لشعب واحد. وفي المرة الثانية، خاض الشعب الفلسطيني انتفاضته بسبب الاستهتارات الإسرائيلية بالقضية الفلسطينية وانهيار عملية السلام، ذلك لأن قضية القدس أصبحت مصيرية، وليثبت للإسرائيليين أن الشعب الفلسطيني لن يتهاون في قضية القدس، ولكن الناتج أنها أفرزت بغير قصد (غزة والضفة) وبنظامين سياسيين ولكن!! لشعب واحد. إن على الشعب الفلسطيني أن يعرف أن جلاده واحد، فالكل مستهدف من الجانب الإسرائيلي لأن العرب هم أخطر شيء على الصهيونية وأن صموده على تلك الأرض أكبر سلاح موجه ضد المشروع الصهيوني، وأن معادلة الوحدة الوطنية تلعب دورا هاما في صراعه مع الصهيونية، لأن الوحدة والصمود أكبر رسالة موجهة إلى الجانب الإسرائيلي. أما الانتفاضة الثالثة فيبدو أنها ستكون (سلمية) على طريقة انتفاضة (غاندي) لترميم البيت الداخلي بعكس الانتفاضتين السابقتين، ذلك، لأن الشعب الفلسطيني لا يقوى على خوض انتفاضة مسلحة جديدة وهو منهك القوى داخليا، فالوضع الاقتصادي في تدهور، والوحدة الوطنية مفقودة في ظلمة الانقسام، أما في حالة اندلاع انتفاضة جديدة على شاكلة الانتفاضة الثانية فالمتوقع أنها ستكون عكسية على الشعب الفلسطيني يشوبها اقتتال داخلي أكثر من السابق وسط شعارات (الاتهام واتهام الآخر)، فبدون ترميم البيت الفلسطيني من الداخل، لن يستطيع الشعب الفلسطيني خوض انتفاضة مسلحة جديدة، ما يعني أن الاحتقان الداخلي سيؤدي إلى انتفاضة جديدة ولكن بشكل (سلمي) لتقوية أعمدة البناء الفلسطيني، حيث إن أسبابها كثيرة: (الانقسام الفلسطيني، وقضية القدس، والانتماء البيولوجي لهذا الوطن)، فالانقسام يشكل معادلة متجذرة تجتمع فيها كل العناصر ما بين حيرة وتعجب ليخرج الناتج من تلك المعادلة دماء تسيل من أبناء هذا الشعب الذي ينتمي بيولوجيا إلى هذه الأرض، حيث إن الوطن أغلى مما نسميه انقساما، ولكن الانقسام ينخر بنية الشعب الفلسطيني فهم الآن منقسمون ما بين (ضفة وغزة) متناسين أن عدوهم وجلادهم واحد سيما ونحن نعرف أن الوطن نوع من الانتماء البيولوجي لا حيله لك فيه ولا إرادة وهو نوع من قوانين الفيزياء الجبرية.

إن الشعب الفلسطيني الذي ضحى وما زال يضحي من أجل حماية هذا الوطن لكي يتمم بناء قواعد الدولة الفلسطينية ومن أجل حماية معادلة الشعب الفلسطيني التي تجمع كل أطيافه فيها، ولكن الناتج بما نشاهده اليوم ونسمعه إنما هو انقسام وتشتت يشتت أطياف الشعب الفلسطيني مبعثرا عناصره هنا وهناك ما بين الضفة وغزة!! حيث إنه من الواجب عليه أن يضع الكف في الكف ويسير نحو هدف واحد وليس أن يسير في طريق الانقسام والتي لا يجني منها إلا الشوك وغزارة الدماء.

إن انقسام الأرض الفلسطينية ضمن حدود 67 ما بين (غزة والضفة) إنما يعني انهيار القضية الفلسطينية وضياعها وافتقادها إلى الجوهر النضالي وأن اندلاع انتفاضة ثالثة (سلمية على طريقة غاندي) من أجل الوحدة الوطنية وتصفية القضايا العالقة ستزيد الشعب الفلسطيني تمسكا بالقضية الفلسطينية نحو طموح يطمح إليه الشعب الفلسطيني لبناء دولته المستقلة.

* مختص بالدراسات الإقليمية
الخضر - بيت لحم - فلسطين


wonpalestine@yahoo.com

 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد