الاكتئاب: مصطلح طبي (Depression) يشمل نطاقا واسعا من الاضطرابات النفسية.
في أخف حالاته: يتسبب الاكتئاب في مزاج هابط لا يمنعك من السير في حياتك الطبيعية، لكنه يصعّب عليك القيام بالأمور ويجعلها تبدو أقل قيمة.
في أعنف حالاته: فإن الاكتئاب قد يهدد الحياة، وقد يدفعك إلى التفكير في قتل نفسك أو التوقف عن الرغبة في الحياة.
للاكتئاب نوعان:
1 - النفسي (العصابي).
2 - والعقلي (الذهاني).
الاكتئاب يؤثر في أناس مختلفين بطرق مختلفة، وقد يتسبب في طيف واسع من الأعراض التي
قد تكون عاطفية أو جسدية.
1 - الأعراض النفسية العاطفية:
- يشعرون بهبوط الروح المعنوية معظم الوقت.
- يشعرون بأنه ليس هناك شيء يفيد.
- يشعرون بعدم الرضا عن أنفسهم وقد يفتقدون الثقة بالنفس.
- يكونون منشغلين بأفكار سلبية.
- يشعرون بالعجز والخواء واليأس.
- يكون لديهم نظرة يائسة ومتشائمة للمستقبل.
- كثيرا ما يعانون من القلق كذلك.
- الشعور بالخوف.
2 - أعراض سلوكية:
- يفكرون في أو يرتكبون أفعال إيذاء النفس أو الانتحار.
- يلومون أنفسهم ويشعرون بالذنب تجاه الأمور دون ضرورة.
- يجدون من الصعب عليهم أن يركزوا أو يتخذوا قرارات.
- يكونون سريعي الانفعال بشكل غير اعتيادي أو يفقدون الصبر.
- اضطرابات في النوم، الاستيقاظ المبكر، الأرق أو كثرة النوم.
- يأكلون أكثر من المعتاد فتزداد أوزانهم أو لا يأكلون جيدا فتنقص أوزانهم.
- لا يتمتعون بالأنشطة المبهجة عادة.
- يعانون من الضعف في النشاط والطاقة.
- يبتعدون عن الآخرين بدلا من أن يطلبوا منهم المساعدة أو الدعم.
- عدم التركيز في التفكير والاسترخاء.
3 - أعراض جسدية من مثل:
- الصداع.
- آلام العضلات.
- التعرق.
- الدوار.
- الإرهاق والضعف العام.
بعض تلك الأعراض قد تمر على الإنسان العادي في كثير من الأحيان وهذا لا يعني أنه مصاب بالاكتئاب، لأن مجرد ظهور تلك الأعراض لا يكفي بل يجب أن تكون مستمرة ولفترة طويلة حتى يكون التشخيص صحيحا.
ليس هناك سبب واحد بعينه للاكتئاب، حيث يختلف الوضع من شخص إلى آخر.
ويمكن أن نقسم الأسباب إلى:
- أسباب نفسية عاطفية.
- أسباب سلوكية من ذات الشخص.
- أسباب جسدية.
- أسباب اجتماعية.
1 - الأسباب الاجتماعية: منها:
- ما قد حدث في مرحلة الطفولة قد يكون له أثر بالغ في كيفية إحساسك نحو نفسك الآن.
- الأحداث المأساوية مثل: الاعتداء الجسدي أو الاغتصاب، وفاة أحد الأقارب أو الأصدقاء.
- الاضطهاد.
- الترهيب في التربية دون الترغيب (سددوا وقاربوا).
- مشكلات الأبوين أمام الأبناء.
- الطلاق الفاشل.
2 - الأسباب السلوكية:
منها:
- العجز.
- الكسل.
- كيفية التعامل مع التجارب السيئة.
- كتم التجربة وعدم الفضفضة.
- قلة النوم وكثرة السهر.
- الفشل. (عدم الإنجاز في الأعمال).
- شدة الغضب.
- التطلع إلى ما عند الآخرين (من أصبح والدنيا همه).
- العزلة.
- الحزن الشديد.
- الحركة وعدم الاستقرار وتباطؤ يلاحظه الآخرون.
- الاهتمام المفرط بملاحظة الناس.
3 - الأسباب الجسدية:
منها:
- الغذاء الفقير في محتواه.
- أو فقدان اللياقة البدنية.
- أو الأمراض مثل الإنفلونزا.
- الولادة.
- التعاطي المتكرر لبعض المخدرات التي تتعاطى للشعور بالبهجة.
- الغربة.
- عدم التوازن في الموصلات العصبية في الجهاز العصبي.
4 - الأسباب النفسية:
منها:
- ضعف الإيمان بالقضاء والقدر.
- عدم الرضا.
- شدة الخجل.
- تحطيم المعنويات.
- الخوف من المستقبل.
- عدم الجرأة في اتخاذ القرار خشية الآخرين.
- الشك والوسواس.
* ومن طرق العلاج.
- من المهم جدا أن تتذكر أنه ليس هناك في الحياة حلول فورية للمشكلات.
- حل المشكلات يستغرق وقتا وطاقة وجهدا.
- في العلاج لا ينبغي أن ننظر إلى العقل والنفس والبدن كوحدات منفصلة بعضها عن الآخر، بل ينبغي أن ننظر لها كوحدة واحدة.
فلا يمكن معالجة العقل بعيدا عن معالجة - الروح - النفس، ومن العبث أن نسعى لإصلاح الجسد والروح خاوية خربة!
لقد توصل الطب الحديث (والحمد لله) إلى علاج أكثر من 80% من حالات الاكتئاب، وهناك أكثر من طريقة لعلاج الاكتئاب، منها أنواع عديدة من الإرشاد والعلاج النفسي، وكذلك أنواع من العلاجات الدوائية، تسمى تلك الأدوية مضادات الاكتئاب، التي تعمل على تصحيح بعض المواد الكيميائية في مخ الإنسان.
أولاً: العلاج الذاتي.
وهو علاج ذاتي يطبقه من يشكو من مثل هذه الأعراض بإلحاح، وأنجح ما يكون هذا العلاج حين تكون:
- الإرادة القوية بتوفيق الله.
- والهمة العالية.
- والعزم والتصميم:
1 - تقوية الإيمان بالله.
فَقوتُ الروحِ أَرواحُ المَعاني وَلَيسَ بِأَن طَعِمتَ وَأِن شَرِبتا
إذا اطمأن القلب اطمأن سائر الجسد، وحتى يتحقق الاطمئنان لابد من تحقق الإيمان بالله.
إذا الإيمانُ ضاع فلا أمان ولا دنيا لمن لم يحي دينا
جاء في الحديث الشريف عند أحمد في المسند: (إن الإيمان إذا دخل القلب انفسح وانشرح)
وتحقيق الإيمان بالله جل وتعالى. يتحقق بأمور:
- معرفة الله بأسمائه وصفاته. تعلّما وتدبرا وتحقيقا لآثارها في الأرض.
إن اسم الله (الصبور) يورث العبد الصبر.
واسمه (الحكيم) يورثه الاطمئنان لأنه يؤمن أن الله حكيم بما يقدره عليه.
واسم الله (الرحمن الرحيم) يورث اللذّة وانشراح الصدر.
واسم الله (المانع المعطي القابض الباسط) يورثه الرضا والقناعة.
وهكذا حين يتحقق الإيمان الحق بأسماء الله - جل وعلا - فإن العبد يزول ما يجد في قلبه من الهم والاكتئاب والحزن.
- الصبر والاحتساب.
- الأذكار والتحصينات الشرعية.
- قراءة القرآن.
- البعد عن الفواحش والآثام.
- مجاهدة النفس.
2 - الابتسامة.
أثبتت إحدى البحوث العلمية مؤخراً أن الابتسامة تؤثر في الشرايين التي تغذي المخ بالدم، فيزداد تدفق الدم إليه مما يبعث في النفس الهدوء والسكينة والطمأنينة والإحساس بالبهجة والسرور
3 - التفاؤل.
تفاءلوا بالخير تجدوه!!
وكان - صلى الله عليه وسلم - يعجبه الفأل.
ومن الفأل:
- الكلمة الطيبة.
- الاسم الحسن.
- حسن الظن بالله.
يذكرون أن أحدهم سقط من الطابق العاشر، وفي أثناء سقوطه قابله رجل على شرفة النافذة في الدور الرابع فسأله: كيف أنت؟!
فأجاب الساقط: لا زلت بخير والحمد لله حتى الآن!!
4 - المواجهة وعدم التهرب (تحمل المسؤوليات).
5 - عدم التطلع إلى ما في أيدي الآخرين.
6 - تغيير الروتين الممل (السفر - تغيير المكان - تغيير العمل.. التجديد في الزيارات..)
تَغَرَّب عَنِ الأَوطانِ في طَلَبِ العُلى وَسافِر فَفي الأَسفارِ خَمسُ فَوائِدِ
تَفَرُّجُ هَمٍ وَاِكتِسابُ مَعيشَةٍ وَعِلمٌ وَآدابٌ وَصُحبَةُ ماجِدِ
وإن قيل في الأسفار ذلة ومحنة..
وتأملوا في ذلك قصة قاتل المائة.. الذي وصّاه العالم بأن يغيّر بيئته ومكانه..!!
وهكذا نجد أن سنّة تغيير الحال والموطن واردة في أكثر من موطن في السنة النبوية:
- عند الغضب.
- عند الرؤى المنامية المحزنة.
- عند الاستسقاء.
وهكذا نجد أن تغيير الحال في هذه المواطن يؤثر في سلوك المرء وحاله، ويصرف عنه ما يجد.
7 - هجر العوائد وقطع العلائق.
8 - الترفيه المباح.
9 - إذا لم تستطع شيئا فدعه.
يذكر أن الأصمعي، لازم الخليل بن أحمد الفراهيدي ليتعلّم منه العروض، ومع شدة ملازمته للفراهيدي إلا أنه عجز عن أن يتعلّم العروض.. فأصابه من ذلك اكتئاب شديد..!!
فكتب إليه الخليل بن أحمد ينصحه ويُسلي عنه ويلاطفه بأدب:
إِذا لَم تَستَطِع شَيئاً فَدَعهُ وَجاوِزهُ إِلى ما تَستَطيعُ
فترك الأصمعي تعلّم العروض وانخرط في اللغة فصار إماما من أئمة اللغة!!
10 - الانخراط في أنشطة بدنية جسدية: أظهرت الدراسات أن رياضة الجري تعادل في فاعليتها فاعلية العلاج النفسي في معالجة حالات الاكتئاب البسيطة والمتوسطة.
11 - عدم الاسترسال مع الأفكار السلبية. الاكتئاب له صفة واحدة رئيسية وهي أنك يجب أن تكون على حذر عندما تفكر فيما يكمن عمله لهزيمته فالاكتئاب بإمكانه أن يغذي نفسه. بكلمات أخرى، قد تصاب بالاكتئاب ثم تكتئب أكثر لكونك مصابا بالاكتئاب. الأفكار السلبية تصبح أمرا يحدث من تلقاء نفسه ومن العسير عليك أن تقاومها. كونك في حالة من الاكتئاب قد يكون عندها في حد ذاته مشكلة أكبر من الصعوبات التي تسببت في حدوثه في البداية.
12 - الخلطة والمجالسة:
أظهرت إحدى الدراسات التي نشرت مؤخرا في مجلة "اسينشيالز" البريطانية أن الصداقة الصالحة تحميك من الاكتئاب.
كما أن الأصدقاء الصالحين يساعدون أيضاً في التقليل من خطر الإصابة بأمراض القلب ويعملون على تعزيز نظام المناعة. فالأصدقاء الصالحون يشكلون حماية من الإجهاد والاكتئاب.فخالط من يذكرك بالله ويعينك في ضيقك ويفرح لفرحك ويحزن لحزنك، جالس كل من يقربك إلى الله لأن القرب من الله يزيل الهم والغم والبعد عنه يزيد ذلك.
ويوصي الأطباء النفسانيون في هذا بمخالطة من لهم مشكلات نفسية وتغلبوا عليها: فقد يكون من المفيد أن تلتقي مع آخرين ممن يعانون من الاكتئاب. قد يساعد هذا على إزالة مشاعر الانعزال، وفي الوقت نفسه تريك كيف تمكن الآخرون من التغلب على مصاعبهم. أن تجد أن بإمكانك أن تساعد الآخرين قد يساعدك أنت أيضا. هذه المجموعات عادة ما يقودها أناس قد تغلبوا على الاكتئاب هم أنفسهم.
فسبحان الله الحكيم الذي جعل الأخوة في الله من أوثق عرى الإيمان!!
سائلا الله السلامة والعافية للجميع من كل سوء.
كاتب وأستاذ أكاديمي وعضو التحكيم وعضو المصالحة
fahd-a-s@hotmail.com