تخرج من كلية الشريعة ليجد نفسه من ضمن الأسماء المرشحة للقضاء ورغم ثقل المسؤولية عليه وعدم رغبته في مثل هذا العمل وتهربه منه إلا أنه سَلّم أخيراً بالأمر الواقع وبدأ مشوار القضاء ليبدأ مرحلة الملازمة لمدة ثلاث سنوات رسم خلالها تصوراً لحياته الجديدة والتي تأكد له أنه سيمضي جزءاً كبيراً منها خارج موطنه الأصلي مدينة الرياض بل وخارج نطاق الحضارة والمدنية، حيث صدر قرار تعيينه في أحدى المناطق النائية..
فشد الرحال وانطلق متوكلاً على الله، وحينما حطت به الرحال في مقره الجديد استشعر المسؤولية الكبيرة الملقاة على عاتقه في المساهمة في خدمة أهل هذه المنطقة كونه بالإضافة إلى أنه هو قاضي هذه المنطقة فهو المرجعية الشرعية والاجتماعية لأهلها ولذلك كان أكبر ما يشغل باله أن يستثمر وقته في دعم جهود الجهات الحكومية للمساهمة في تنمية هذه المنطقة من خلال التواصل مع رجال الأعمال والمؤسسات الخيرية الداعمة لتسديد حاجات هذه المنطقة ودفعها نحو مزيدٍ من التنمية والتقدم، فبدأ بحصر الاحتياجات الضرورية ورسم المشاريع الخيرية التنموية ذات الأولوية وعمل الدراسات التفصيلية لها وتجهيزها لتقديمها لأصحاب الأيادي البيضاء والذين عمل لهم قاعدة معلومات متكاملة بأسمائهم وعناوينهم، وقرر أن يمضي إجازته السنوية بمدينة الرياض ليتمكن من التواصل مع هؤلاء المحسنين والذي بدأ له متفائلاً بأنه لن يخرج منهم بخفي حنين، بل سيجد عندهم كل دعم ومؤازرة كونه سَيدلُهم على أبوابٍ من الخير قد يجعل الله لهم فيها رفعة الدنيا والآخرة، ولم يخطر بباله إمكانية فشل مشروعه كونه سيتواصل معهم شخصياً بصفته قاضياً في هذه المنطقة عارفاً باحتياجاتها ناقلاً لهم الصورة كما هي بدون واسطة بالإضافة إلى كونه هو من سيشرف شخصياً على هذه المشروعات الخيرية التنموية، وكانت المفاجأة التي لم يتوقعها أبداً ليس فقط فشل مشروعه بعدم حصوله على الدعم المطلوب بل تهربِ أصحاب المال من مقابلته والمماطلة في ذلك ورده بالأبواب بدون تقدير لمكانته الاجتماعية أو العمل السامي الذي جاء من أجله، فأصبح وكأنه متسولاً على الأبواب وعاد أدراجه بعد انتهاء فترة إجازته وبدون خفي حنين مترحماً على المسئولية الاجتماعية التي يتشدق بها بعض رجال الأعمال عبر الصحف والفضائيات والتي أثبتت تجربته وتجارب غيره من الناشطين الاجتماعيين أنها مجرد فرقعات إعلامية وجعجعات بلا طحين.
- الرياض
Imis1234@hotmail.com