Al Jazirah NewsPaper Wednesday  14/10/2009 G Issue 13530
الاربعاء 25 شوال 1430   العدد  13530
حقائق ومعلومات مثيرة تكشف تورط إيران المباشر في دعم المتمردين الحوثيين مالياً وعسكرياً

 

صنعاء - الجزيرة - عبدالمنعم الجابري:

فوجئ اليمنيون بذلك الاهتمام المتصاعد الذي ملأ الفضائيات العربية والإقليمية والدولية الناطقة بالعربية.. وذهل الشباب والمثقفون والإعلاميون وهم يرون زحمة الاهتمام بما يجري في مناطق ومديريات محافظة صعده اليمنية من صور حية على (اليوتيوب) ومن تسابق (الكاميرات) والمراسلين على استقصاء المعلومات عن سير المعارك في صعده وحرف سفيان.. وخاصة أن العديد من تلك المناطق أرض (بكر) لم تلامسها يد التطور والتمدن.. ولكن لأول مرة يشعر أتباع المذهب السني وهم غالبية في اليمن الاهتمام الإعلامي الفضائي.. وكذا الاهتمام السياسي بما يحدث في صعده.. كما ساد اعتقاد قوي لدي أتباع المذهب الزيدي بان أيدي إيران ليست ببعيدة عن تمويل الحوثيين وعن دعم سخي.. وان كان هذا الاعتقاد قد ساد لديهم في السابق، ولكنهم لم يكونوا يدركون تماماً الانقلاب الكبير الذي أحدثته لدى الفتيان والشباب والرجال في مناطق صعده وفي جانب من مديرية حرف سفيان.. بان يتربى هؤلاء على ثقافة وتعاليم دينية مغالية في التطرف والتَّشدد وأبانت المواجهات المسلحة والمعارك مدى الاستماتة لديهم في الدفاع عن: الأسرة التي تزعمتهم وهي أُسرة وأبناء بدر الدين الحوثي الذي يرونه مرجعاً دينياً مقدساً يتدافعون إلى الموت من اجله ومن أجل اتساع نفوذه الديني إلى مناطق أخرى خارج صعده وحرف سفيان، بل إلى مناطق تدين بالمذهب (السني الشافعي.. ويعتبرون قتالهم جهاداً ولأول مرة بدا التوتر الخفي بين التجاذبات المذهبية بصمت.. وكانت (وزارة العدل) اليمنية في وقت سابق قد أبعدت من رفوف مكتبتها الرئيسية في الوزارة (كتباً) رأت أنها تدعو إلى تكريس طائفية والى ترويج قناعات مذهبية، وعرفت هذه الواقعة بعد اهتمامات عدد من الصحف الأهلية والحزبية في اليمن التي أفصحت عما يجري في (السراديب) من تسويق أفكار مذهبية غير متفقة مع الزيدية، ولامع الشافعية..

ويحسب للقيادة السياسية وللحكومة اليمنية والمؤسسات الثقافية الرسمية وغيرها القدرة على التوعية وعلى التحرك بهدوء في أوساط جيل المستقبل الشاب لتعزيز قناعات الوسطية والاعتدال.. دون استفزاز للقناعات القائمة من زيدية وشافعية.. وما أن ظهرت مشكلة التمرد الحوثي الذي كما يقول بعضهم انه انسل من عباءة الزيدية إلى عباءة أخرى تميل كثيراً إلى التَّشدد والى إضمار الكراهية للمذاهب الأخرى وتحديداً للمذهب السّني.. حتى ارتفعت الأصوات التي كانت تهمس همساً في الأمس إلى إعلان الاتهامات بان (الوهابية) بدأت تجد لها قبولاً أوساط اليمنيين، وتحديداً في أوساط مناطق كانت تعتبر ثقلاً مهماً للزيدية.. ولم تخف الفضائيات ذات اللون الشيعي الصارخ من استغلال مشكلة صعدة لتصور ما يجري فيها حرباً سعودية تخوضها اليمن بالوكالة، مما يعني أن تطورات غير محسوبة، قد تكون قادمة في علاقات فيما بينهم.. وكذا في علاقات اليمنيين مع الدور الإيراني الذي ينتظر منه أن يحقق قبولاً اكبر وتحديداً في المناطق التقليدية للتواجد الزيدي الأكبر.

تسامح الدولة:

وعلى صعيد آخر يرى العديد من الخبراء المحللين السياسيين والمهتمين بالشأن اليمني أن القيادة السياسية والحكومة في اليمن قدمت خلال الفترة الماضية بتنازلات كبيرة للمتمردين الحوثيين ومن أبرز تلك التنازلات القبول باتفاقية الدوحة مع أن الإقرار بأي اتفاقية مع متمردين وارهابين وجماعات خارجة عن القانون ومتعالية عن النظام من دولة ذات سيادة ولها حضورها الشرعي في أطرها الإقليمية والدولية وهي دولة منضوية في اطار المنظومة الدولية، يعتبر عملا غير مقبول.. وهو إجراء لا يسمح به الدستور ولا تقر به القوانين النافذة في البلاد!!.معتبرين أن التزام القيادة السياسية في اليمن وتسامح الشعب اليمني مع مثل هذا الالتزام جاء دفعاً للضر ودرءاً للمفاسد المستفحلة لعصابة الإرهاب والتمرد وهي مفاسد وصلت في مخاطرها حد استمرار تزيف الدم اليمني.

غير أنه وبرغم كل ذلك فقد ازداد تعنت عناصر الإرهاب والتمرد التابعة للحوثي ،وزادت جرائمها وأعمالها الإرهابية وخروقاتها الدستورية والقانونية.. وهو الامر الذي حتم على الحكومة ممثلة بالمؤسستين العسكرية والأمنية اتخاذ الاجراءات المناسبة التي تكفل سيادة مبدأ النظام والقانون وحفظ الامن والاستقرار وحماية المواطنين وممتلكاتهم وأعراضهم من جرائم الإرهابيين الحوثيين ووضع حد فاصل ونهائي للأعمال والممارسات الإجرامية لتلك العناصر.

المد الشيعي الايراني وتصدير الثورة

وفي سياق الحديث عن الحركة الحوثية في اليمن يرى كثير من المراقبين والمهتمين أن هذه الحركة قد أوجدت فرصة للطامعين في وحدة اليمن وأمنه واستقراره لإحداث ثغرة وشرخ عميق في اليمن أرضاً وإنساناً.

معتبرين أن الأطماع الصفوية قد أحسنت اختيار البيئة المناسبة لتروج لأفكار غريبة ودخيلة على المجتمع اليمني عقيدة ومذهباً وعادات وتقاليد وسلوكاً بهدف نشر مذهب صفوي يجعلون من صعدة نقطة انطلاق إلى باقي محافظات اليمن.

* وكما يشير الكاتب والمحلل السياسي حمدون علي محمد (فإن ما يحدث في محافظة صعده اليمنية) فتنة فارسية وأنه مرتبط بصورة مباشرة بالمد الشيعي الايراني.

المد الشيعي القادم من (قم). والمحمل برداء (الهوية الفارسية). وبمشروع كبير بدأت ملامحه تتضح بعد سقوط العراق- البوابة الخلفية لدول الخليج العربي-، وباتت مهددة بابتلاعها في أي وقت.

مد شيعي تقف وراءه أوهام فارسية تتطلع لإعادة مجد غابر وملك مضاع طوته السنون كانت في حينه للإمبراطورية الفارسية صولة وجولة.

إذاً هي فتنة فارسية بثت سمومها في مختلف المناطق العربية منها ما تأجج وظهر للملأ مكشراً عن أنيابه كما هو في العراق والبحرين والقطيف بالسعودية ولبنان واليمن ومنها ما زال جمراً تحت الرماد ينتظر وقوداً جديداً لاشتعال وتوقد أكثر.

ويضيف الكاتب حمدون علي محمد بأنه وعندما أشعل المتمرد حسين بدر الدين الحوثي في محافظة صعدة الفتنة لم يكن يسير من تلقاء نفسه.

وحسب رأي الدكتور علي نوري مدير مركز الدراسات الإيرانية بلندن- فقد عمد الصريع حسين بدر الدين الحوثي إلى اشعال تلك الفتنة لتنفيذ مخطط النظام الإيراني لزعزعة الأمن في اليمن ولنشر التفرقة بين أبناء الشعب اليمني.

ويقول الدكتور علي نوري: إن النظام الايراني يعتبر اليمن بوابة عبور جنوبية ملائمة لوصول دول المنطقة ومصر ، خاصة بعد مبايعة بدر الدين الحوثي لخامنئي خلال زيارته لإيران في أعقاب الحرب التي شهدتها اليمن في صيف عام 1994م باعتباره ولي أمر المسلمين في العالم، مما يؤكد أن النظام الإيراني في سبيله لإيجاد حزب الله آخر في اليمن، والحوثيون قادرون على محاربة القوات اليمنية بطريقة أفضل من ذي قبل نتيجة التدريب الإيراني المستمر الذي يتلقونه.

* من جانبه يرى عبد الرزاق الجمل (مؤلف كتاب (الحرب في صعدة من أول صيحة إلى آخر طلقة)) أن منطلقات تمرد الحوثيين إمامية، والشعار الذي يرددونه في المساجد جاء من إيران، والدعم إيراني، وتمردهم مستمد من روح ثورة الخميني بدليل إعجاب بدر الحوثي- الأب الروحي للحركة الحوثية- بثورة آية الله وبمقاومة حسن نصر الله.

وكان لسفر بدر الدين بعد 1994م إلى إيران ومكوثه هناك فترة من الزمن فرصة للتشبع بالأفكار الشيعية الصفوية، كما صاحب ذلك تشبع تخمة بالعتاد والأموال بما يكفل تنفيذ ثورة حوثية في اليمن تبدأ من صعدة على غرار ثورة الخميني في إيران.

أما مؤلف كتاب الزهرة والحجر (عادل الاحمدي) فيقول إن (الحوثية) حركة سياسية تعد تطوراً لتيار الإمامة الشيعية الجارودية في اليمن، مستغلة التوغل الاثنى عشري الإيراني في المنطقة، وكشفت عن نفسها عبر سلسلة من الأحداث بين عامي 2004- 2006 مستغلة سوء الأحوال الداخلية في اليمن سياسياً ومعيشياً وكذلك الأوضاع الإقليمية والدولية المتمثلة بأحداث الحادي عشر من سبتمبر 2001، ثم الاحتلال الأمريكي للعراق.

ذلك أن فكرة الإمامة في الفكر الزيدي الجارودي ترتكز على (استحقاق البيعة لمن يخرج من أبناء الحسنين (الحسن والحسين رضي الله عنهما) داعياً لنفسه إماما مجتهداً قوياً وأضاف بعضهم: وخالياً من العيوب الجسدية والعاهات، وأن يخرج على الظلمة شاهراً سيفه ويدعو إلى الحق. وجوزوا خروج إمامين في قطرين يستجمعان هذه الخصال ويكون كل واحد منهما واجب الطاعة..(كما جاء في كتاب ? الملل والنحل).

ويضيف الكاتب عادل الاحمدي بأن العداء بين إيران وأمريكا وإسرائيل، عداء كاذب ليس له وجود، بل هناك علاقة تعاون وتكامل في الأدوار لضرب القوة الإسلامية.

ومن ذلك مواقف إيران من القضية الفلسطينية ،فحين جاء عرفات إلى إيران لتهنئة الخميني قامت الطائرات الإيرانية الحربية بحصاره في الجو وحين تعرض الفلسطينيون للذبح على يد مليشيات أمل سكت وصمت الخميني عن ذلك!!

وتوجت بصفقة (إيران جيت) وهي صفقة السلاح الإسرائيلي الأمريكي إلى إيران! يخلص المؤلف إلى أن ثورة الحوثي هي مخطط إيراني يهدف إلى إشعال المنطقة لتشتيت قدراتها وصرفها عن عدوها وهو إسرائيل.

وأن هذا المخطط ليس له حدود فهو يمارس في العراق ولبنان واليمن والخليج و غيرها من البلاد.

- أما الدكتور خالد الفهد /رئيس قسم العلوم السياسية بجامعة صنعاء.. فيرى أن ما يحصل في محافظة صعده بالنسبة للحوثيين (هو أن ثمة مذهبا جديدا نما على الأرض اليمنية) له علاقة بما يعرف بتصدير الثورة الإيرانية إلى شعوب العالم الإسلامي مشيراً إلى أن هذا الفكر والذي سبق وأن حذر منه إمام الزيدية الراحل مجد الدين المؤيدي يعمل على إحياء التمردات.

وحيث يسعى المتمردون الحوثيون جاهدين الى قلب الحقائق وتصوير ما يجري الآن في محافظة صعده على أنه حرب من جانب الحكومة اليمنية على المذهب الزيدي (في محاولة منهم لإثارة رجال القبائل من أتباع المذهب الزيدي في اليمن وتأليبهم على الحكومة من جهة) ومن جهة أخرى إيهام الرأي العام المحلي والخارجي بأن الحرب الدائرة هي حرب طائفية مذهبية (إلا أن كل محاولاتهم تلك باءت بالفشل ولم تحقق أي من أهدافها) فكل أبناء اليمن وفي مقدمتهم أتباع المذهب الزيدي باتوا على يقين كامل بأن المذهب أو الفكر الذي تعتنقه الجماعة الحوثية وتروج له (إنما هو فكر مبتدع ودخيل على المذهب الزيدي ولا يمت له بصلة.

وكما يقول الشيخ/ عبد الله بن غالب الحميري) والذي يشغل منصب نائب رئيس مؤسسة الإمام الشوكاني للدراسات والبحوث العلمية والثقافية، وعضو مجلس إدارة جمعية الحكمة اليمانية الخيرية، وعضو في رابطة الأدب الإسلامي.

فإن مذكرات حسين بدرالدين الحوثي، والملخصة لأطروحاته وأفكاره تؤكد على أنه (حسين الحوثي) تشرب بالمذهب الجعفري الرافضي واعتنقه وكرَّس حياته للدعوة إليه وإن ادعى أنه زيدي أوهادوي، فكلامه الصريح يظهر فيه مدى الإسفاف بالمذهب الزيدي لكونه لم يطبق حديث الثقلين ، وطعنه الشديد في الصحابة واتهامهم وتنقصهم ونزعة التكفير للأمة كلها واضحة بينة بترفضه وتجعفره.

دعم مالي وعسكري:

- ولعل هناك الكثير من الأدلة والبراهين التي تؤكد صلة إيران وتورطها المباشر في الأحداث الجارية في محافظة صعده اليمنية.. ويتمثل التورط الايراني بتقديم الدعم المالي والفكري والعسكري واللوجستي للمتمردين الحوثيين.. ويرى المراقبون أن ذلك الدعم يأتي نظير تصدير ما يسمى بالثورة الإسلامية الإيرانية إلى اليمن وباقي دول المنطقة، حيث وجد النظام الإيراني في الحركة الحوثية الأداة أو الوسيلة التي يمكن أن تمهد للعبور الفارسي الى المنطقة وبلوغ أهدافه.. وهناك من المتابعين من يرى أن الاعداد لهذا المخطط قد بدأ منذ النصف الأول من عقد التسعينيات من القرن المنصرم، حيث كان الحوثي الأب ونجله (حسين) قد قاما بزيارة طويلة إلى ايران في العام 1994م، وتم خلال تلك الزيارة التي شملت طهران وعدة مدن إيرانية أخرى من بينها (قم) و (النجف) وضع سيناريو وآليات العمل المشترك بين الحوثيين والإيرانيين، بما في ذلك تحديد طرق وأساليب وأنواع الدعم الذي يمكن أن تقدمه السلطات الإيرانية للحوثيين في اليمن.. وتشير تقارير لمصادر موثوقة إلى أن الحكومة الإيرانية عمدت إلى تقديم عشرات الملايين من الريالات سنوياً عبر سفارتها بصنعاء كدعم مباشر وغير مباشر للحركة الحوثية والتنظيم التابع لها والمعروف بتنظيم الشباب المؤمن إضافة الى مراكز التعليم التابعة للحوثي في محافظة صعده.. هذا الى جانب الدعم الذي يتلقاه الحوثيون من عدة جهات ومؤسسات وجمعيات شيعية إيرانية سواء داخل إيران نفسها أو تلك التابعة لها والمتواجدة في بعض الدول ومن بينها مثل مؤسسة أنصارين في قم الإيرانية ومؤسسة الخوئي في لندن، ومؤسسة الثقلين في الكويت، ومؤسسات تابعة لحزب الله في لبنان.

وهناك الدعم العسكري الواسع الذي أخذت تقدمه إيران للحوثيين في اليمن والذي شمل إلى جانب السلاح والعتاد جوانب التدريب لعناصر المليشيات الحوثية سواء داخل اليمن من خلال إرسال خبراء ومدربين إيرانيين وكذا من أتباع حزب الله إلى صعده مستفيدة في بالتسهيلات التي تقدمها السلطات اليمنية فيما يتعلق بدخول المواطنين العرب إلى أرضيها، ومن الجوانب التي يشملها الدعم اللوجستي والتدريبي للمتمردين الحوثيين في اليمن (تدريبهم على صناعة مختلف المتفجرات والألغام محلياً) وإعداد وتأهيل مدربين من أوساط تلك العناصر في هذا المجال، وهناك كميات كبيرة من الألغام التي ضبطها الجيش اليمني في المواقع والأوكار التي طرد الحوثيين منها وكذلك التي تم انتزاعها بعد أن قام الحوثيون بزرعها في العديد من المناطق (أن الحوثيين يعتمدون بدرجة أساسية على اسطوانات (الغاز) المنزلية ومادة البارود لإعداد الألغام الأرضية) وقد تمكن الجيش اليمني في الأسابيع القليلة الماضية من ضبط عدد غير قليل من الشاحنات المحملة بكميات كبيرة جداً من أسطوانات الغاز والبارود والمواد البترولية القادمة من بعض المناطق وبالذات من محافظة الجوف اليمنية وهي طريقها إلى الحوثيين بمحافظة صعده.

وهناك عدد من العناصر الحوثية ممن ألقي القبض عليهم أدلوا باعترافات مثيرة عن وجود عناصر أجنبية من إيران وحزب الله تقوم بتدريب المتمردين الحوثيين (بل وبعضها يقاتل في صفوفهم) وكما تفيد معلومات من مصادر محلية موثوقة بعضها مقربة من الحوثي (فإن توجيهات صدرت من القائد الميداني للمتمردين عبدالملك الحوثي إلى أتباعه بأن يقوموا بفصل رأس كل من يقتل في المواجهات ممن يقاتلون في صفوفهم ممن لا يحملون الجنسية اليمنية) عن جسده وذلك حتى لا يتم التعرف عليه.

وكما أشارت مصادر إعلامية محلية فإن عدداً من المتمردين الحوثيين الذين استسلموا لقوات الجيش أو تم القبض عليهم خلال المواجهات اعترفوا بتلقيهم تدريبات عسكرية مختلفة في معسكرات تابعة للحرس الثوري الإيراني.

معلومات وحقائق مثيرة

* هذا وكشف أحد القادة الميدانيين البارزين للمتمردين الحوثيين في صعده عن معلومات خطيرة ومثيرة عن تورط إيراني في الحرب الدائرة في محافظة صعده.

وأكد القائد الميداني للمتمردين في مديرية سحار بمحافظة صعده / عبدالله جابر المحدون (والذي سلم نفسه لسلطات الدولة أن المتمردين الحوثيين يتلقون دعماً غير محدود من السلطات الإيرانية وحزب الله اللبناني الذي قال: إن خبراء منه يدربون الحوثيين) وهو الأمر الذي ساعد على إطالة أمد الحرب بين القوات الحكومية والمتمردين الحوثيين وساعدهم على البقاء طيلة السنوات الماضية.

ولعل ما تجدر الإشارة إليه في هذا الصدد هو أنه سبق لليمن وأن حاكمت خلتين إرهابيتين تضمان عدة أشخاصة كانوا يعملون كجواسيس لصالح المخابرات الإيرانية (وهو ما يعد من ضمن الأدلة القوية التي تكشف عن حقيقة المخططات والأطماع التوسعية الإيرانية في اليمن والمنطقة.

- وفي شهر مارس من العام الجاري أدانت المحكمة الجزائية المتخصصة بقضايا أمن الدولة في اليمن مواطنين يمنيين اثنين من أفراد خلية ضمت ثلاثة أشخاص بتهمة التجسس لصالح إيران.

وقضت المحكمة بإعدام المتهمين الأول والثاني في هذه الخلية وهما عبدالكريم على عبدالكريم، وهاني احمد دين وبرأت المتهم الثالث اسكندر عبدالله يوسف لعدم كفاية الأدلة. واستندت المحكمة في قرارها إلى اعترافات المتهمين ، والتي بينت قيامهم في الفترة ما بين عامي (1997 ? 2008) بالتخابر مع ايران والاتصال غير المشروع معها، وذلك من خلال قيامهم بتسليم وإرسال وثائق وأخبار خاصة بالدفاع والأمن والاقتصاد عبر الملحقين الثقافي والتجاري بسفارة ايران بصنعاء, بالإضافة الى تقديم معلومات ووثائق خطيرة تتعلق بالأوضاع السياسية والأمنية في اليمن، ومن ذلك معلومات سرية عن حركة الملاحة في خليج عدن, أنشطة وتحركات قوات خفر السواحل اليمنية وحجم وطبيعة تسلحها من زوارق وغيرها، الى جانب معلومات متصلة بالحروب السابقة بين القوات الحكومية والمتمردين الحوثيين.

وقبل ذلك وفي عام 2005م أصدرت المحكمة نفسها حكما قضى بإعدام يحيى حسين الديلمي والذي يعد من المراجع الدينية بالنسبة للحوثيين، والحبس عشر سنوات لمتهم آخر وهو محمد مفتاح عشر سنوات، وذلك بعد إدانتهما بالتخابر وإقامة صلات مع إيران والتآمر للإطاحة بالنظام ودعم تمرد حسين بدر الدين الحوثي.

مواقف الأحزاب اليمنية

- وبالعودة الى ما يحدث في محافظة صعده سنجد أن المواجهات بين القوات الحكومية والمتمردين الحوثيين سواء الدائرة حالياً أو التي جرت في المرات السابقة قد كشفت عن كثير من الحقائق التي لا يخلو بعضها من المفاجآت فيما بمواقف القوى والأطراف والفعاليات السياسية والحزبية في الساحة اليمنية.

فعلى الرغم من أن الموقف الشعبي العام من جانب المواطنين اليمنيين يقوم على أساس من التأييد الجماهيري الواسع والمساندة الكبيرة للدولة في حربها ضد الجماعات الحوثية المتمردة، حيث تسود مختلف الأوساط الشعبية قناعة كاملة من أنه لا بد من القضاء على تلك الجماعات ووضع حد لتمرداتها وتخليص البلاد والعباد من فتنها وشرورها.

إلا أننا نجد في الوقت ذاته أن بعض الأطراف السياسية والحزبية في ساحة المعارضة وبالذات تلك المنضوية في تكتل ما يُعرف بأحزاب اللقاء المشترك، تتخذ مواقف مغايرة لا تنسجم أو لا تتفق مع المواقف الجماهيري والشعبي بحيث ذهبت تلك الاطراف بعيداً عن نبض وتوجهات الشارع اليمني في تعاطيها مع ما يحدث في محافظة صعده ومديرية حرف سفيان بمحافظة عمران المجاورة لها، وأخذت تتعاطى مع تلك الاحداق من منطلقات جهوية وحسابات ومصالح سياسية وحزبية ضيقة بعيداً عن الحسابات والمصالح الوطنية والقومية، غير مدركة أو أنها متجاهلة وغير مبالية بحجم وأبعاد تلك المؤامرات التي تقف وراءها بعض القوى والأطراف الخارجية الداعمة لحركة التمرد الحوثية، وما تحمله تلك المؤامرات من مخاطر بالنسبة لليمن بوجه خاص وللمنطقة عموماً.

- ولعل اللافت هنا أن حزب الإصلاح الإسلامي، وهو أبرز أحزاب المعارضة المنضوية في تكتل (اللقاء المشترك) قد سار في ركب تلك الأحزاب والتي من بينها الحزب الاشتراكي اليمني، وذلك فيما يتعلق بالموقف من الحرب الدائرة بين القوات الحكومية والمتمردين الحوثيين، بحيث عمدت تلك الأحزاب ومعها حزب (الاصلاح) إلى إصدار بيانات انتقدت فيها إجراءات الحكومة ضد المتمردين الحوثيين وبصورة يغلب عليها طابع المكايدات السياسية والحزبية، حتى إن كثيراً من المحللين والمتابعين وجدوا أن ما جاء في مضامين تلك البيانات يكاد يكون أكثر قرباً مما يطرحه ويروجه المتمردون الحوثيون. وقد استغربت الكثير من الأوساط الشعبية موقف حزب الاصلاح الذي ترى تلك الأوساط أنه كان يفترض أن يكون له موقف انفرادي واضح يقوم على مساندة الدولة وقواتها المسلحة في حربها ضد المتمردين الحوثيين، خلافاً لموقف (أحزاب اللقاء المشترك) خاصة وأن موقف تلك الاحزاب لا يتفق مع حقيقة التوجهات والرؤى الفكرية والإيديولوجية والنهج الذي نشأ حزب (الاصلاح).. غير أن المصالح السياسية الحزبية وتصفية الحسابات وعلى ما يبدو كانت هي المتحكمة بموقف حزب الإصلاح وجعلته يفضل المحافظة على تحالفة مع (المشترك) عن اتخاذ موقف وطني ينطلق من الحرص على المصالح العليا للوطن والأمة.

- وإذا ما جئنا الى موقف الحزب الاشتراكي اليمني الذي سخر وسائل إعلامه لصالح المتمردين الحوثيين، فذلك مرده بحسب بعض المراقبين الى وجود صلات حميمة تربط بين الجانبين تعود بدرجة أساسية الى عام 1994م عندما اتخذ الشيعة الحوثيون موقفاً مؤيداً ومسانداً للحزب الاشتراكي في الازمة والحرب التي شهدتها اليمن في ذلك العام.. ومن ثم فإن الحزب الاشتراكي اليمني يحاول بموقفه هذا رد الجميل للحوثيين. وهناك من المحللين من يرى في التحالف بين الحزب الاشتراكي والتيار الشيعي الذي تمثله أحزاب الحق واتحاد القوى وحركة الحوثي تقف وراءه دوافع مشتركة، منها غيابهم الكلي عن السياسة بعد أن كانوا يمتلكون مقاليدها، وحلمهم للعودة إلى السلطة، ونزعتهم العدائية للمذهب السني وللتيار السلفي المتنامي في اليمن -بشكل أخص!

الحوثيون.. القاعدة.. والحراك

وفي ذات السياق فإن الشيء الأبرز والأكثر إثارة للتساؤلات بالنسبة لما يحدث في محافظة صعده اليمنية، هو أن المواجهات الأخيرة الدائرة حالياً قد كشفت عن حقيقة ذلك التحالف غير المعلن بين (الحوثيين) و(القاعدة) ممثلة بالشيخ طارق الفضلي، الذي يعد من القيادات البارزة في تنظيم القاعدة التي قاتلت إلى جانب أسامة بن لادن في أفغانستان، ومن بين العناصر التي تتهمها الولايات المتحدة الامريكية بالتورط في حادثة تفجير المدمرة الامريكية (يو اس اس كول) في شواطئ مدينة عدن.

وهناك من يرى أن مثل هذا التحالف بين الحوثيين والفضلي الذي سبق له وأن أعلن الانضمام إلى ما يعرف بجماعة الحراك الجنوبي والتحالف معها، انما يعكس حالة التخبط والانهيار التي باتت تعيشها هذه الأطراف، ومن ثم فإن كل منها يسعى إلى محاولة تعزيز موقفه وتجاوز حالة الانهيار، معتقداً بأنه ربما يجد في حليفه الآخر ما يمكن أن يساعده في ذلك.

فبالنسبة لطارق الفضلي الذي سبق له وأن أعلن الانضمام الى ما يعرف بالحراك الجنوبي ثم أخيراً مع الحوثيين فيرى بعض المراقبين أن الدافع الرئيسي لذلك يعود إلى الحملات الامنية الواسعة والضربات الموجعة التي وجهتها أجهزة الامن اليمنية لخلايا تنظيم القاعدة وأسفرت عن مصرع وكذا ضبط الكثير من العناصر الإرهابية من اتباع (الفضلي) في تلك الخلايا وبالذات في محافظة أبين.. كما هو الحال بالنسبة (للحوثي) الذي بات يشعر بأن هزيمته باتت وشيكة.

وحسب المراقبين فإن تلك الضربات التي وجهتها السلطات اليمنية لخلايا تنظيم القاعدة قد جعلت طارق الفضلي يشعر أن أتباعه من أعضاء تلك خلايا تنظيم يتعرضون إلى تصفية حقيقية على أيدي رجال الأمن، ومن ثم لم يكن أمامه غير اللجوء الى مثل تلك الخطوات بدءًا بإعلان تحالفه مع جماعة الحراك الجنوبي ثم مع الحوثيين، وذلك على أمل أن يجد في ذلك ما يمكنه على مساعدة أتباعه وانقاذ ما تبقى منهم، في ظل التصميم الواضح من جانب الأجهزة الأمنية على التخلص التام من خلايا القاعدة وكل من لهم صلة بالحركات الجهادية، التي يعتبر طارق الفضلي أحد رموزها وقادتها، ولعل هذا هو الحال نفسه الذي ينطبق كذلك على زعيم المتمردين الحوثيين في صعده.




 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد