هناك العديد من الأمراض المزمنة والفتاكة التي باتت تهدد المجتمع ووحدته وتماسكه ومن بين هذه الأمراض ما هو عضوي يصيب أعضاء الجسم وما هو غير ذلك ولكنه أكثر فتكاً وأشد ضرراً بالمجتمع من الأمراض العضوية وهو مرض (الحسد) الذي يصيب القلوب وسببه عدم الرضا والقناعة بما قسم الله، وتمني زوال نعمة الغير، فالحسد مرض خطير وصفة ذميمة من صفات إبليس، ومن صفات شرار خلق الله لأنه اعتراض على الله في قدره، وعدم الرضا بقسمته?..?
فالحسد بلا شك هو وبال على الحاسد في الدنيا والآخرة، لأن الحسود يعيش في هذه الدنيا يتألم، وتجده دائماً في كمد وغم يتمنى زوال نعمة الغير عنهم جزعاً وفزعاً بأن يسمو المحسود بالنعم وترتفع مكانته ويعلو شأنه وبالتالي يتفوق عليه في المنزلة والمكانة، بل الحاسد يتعذب بكل نعمة يراها، ويتألم بكل بلية تنصرف فيبقى مغموماً ومحروماً متشعب القلب ضيق الصدر.
وفي هذا الزمان اشتد الحسد بين الناس وتفاقم ضرره واستشرى بينهم من دون أي وازع ديني، فنجد الزميل يحسد زميله في العمل حتى لا يرتقي إلى درجة أعلى منه، ونجد الصديق يحسد صديقه إذا أنعم الله عليه بنعمة المال والمكانة الاجتماعية ونجد هذا يحسد هذا لما ناله من محبه وغيرها. بل الأقارب دب بينهم الحسد والبغضاء والتنافر حتى وصل الأمر عند البعض منهم التلذذ بطعن قريبه والتشويش عليه، ولم يقف الحسد عند هذا الحد بل ظهر وسط رجال الدين وكبار المسؤولين لنيل المرتبة العليا والتقرب إلى الحاكم للوصول إلى المال والجاه.
وتكمن خطورة الحسد في عدم معرفتنا (للحسود) الذي يخفي أفعاله السيئة وأعماله الخبيثة ولا يظهرها بل يعمل في الخفاء ويبذل قصارى جهده لإلحاق الضرر بالمحسود، فتجد الحاسد يحفر ويكيد الدسائس ويحيك المؤامرات حتى لا يعلو زميله أو قريبه ويكون أفضل منه بل بعض الحساد يحاول يظهر ما لا يبطنه ويتباهى بأنه يحب المحسود ولكن أفعاله تثبت غير ذلك لأنه بطريقة أو بأخرى سيقع في شر أعماله.
فالحاسد دائماً يتمنى ويسعى إلى زوال النعمة عن المحسود، ويغتابه في المجالس، ويعتدي على عرضه ويشمت فيه، لأن الحاسد يريد أن يمدح هو في المجالس، وأن يجلس هو ويتربع على ذلك الكرسي الذي يسيل لأجله لعاب الكثيرين، ومن خبث النفس وحبها للشر تجد الحاسد إذا ذكر عنده رجل ومدحه النّاس تلون وجهه وتوغر صدره ولم يطق المكان الذي هو فيه، أمّا إذا ذكر عنده رجل حصلت له مشاكل ونكبات استنار وجهه، وخرج إلى مجلس آخر ليبث وينشر خبره وربّما أتى بإشاعات وإضافات وهذا من ذله وخبثه وطبعه اللئيم.
وللحسد أضرار عظيمة منها أنّه يورث البغضاء بين النّاس، ويقطع حبل المودة والصداقة؛ لأنّ الحاسد يبغض المحسود. فتجده لا يمانع نفسه باتباع مواطئ المحرمات حتى لو كان عليه مظاهر التدين فالخبث داخلي والملبس الطيب خارجي .
فلذلك يجب علينا جميعاً أن نحمي أنفسنا وأهلنا من الحسد ومحاربته والقضاء عليه واستئصاله لأنه أصبح آفة خطيرة باتت وبكل صراحة تهدد المجتمع وتفرق بين الإخوة والأقارب والأصدقاء والزملاء وذلك يكون بالرجوع الصحيح إلى تعاليم دينا الإسلامي الحنيف الذي حثنا على الرضا بقضاء الله وقدره وأن يحب المسلم لأخيه المسلم الخير كما يحبه لنفسه وأن يدفع المسلم الحسد عن نفسه بالسعي في الأسباب التي تجلب له الخير وتدفع عنه الشر،
ختاما أسأل الله أن يجنب الجميع شر الحسد والحاسدين لينعموا بحياة سعيدة يسودها الود والمحبة والإخوة الصادقة.
sms602@GMAIL.COM