يعدّ الدفاع عن بلاد الحرمين الشريفين (المملكة العربية السعودية) من أوجب الواجبات وأفضل القربات إلى الله عز وجل إذ هي مهبط الوحي، والدار الأولى في الدعوة إلى الله، محظن الحرمين الشريفين، وفيها جسد نبينا الطاهر صلى الله عليه وسلم وصحابته الكرام، وهذه البلاد المباركة في العالم الإسلامي بمنزلة القلب النابض للجسد، وهي محط أنظار المسلمين في جميع أصقاع الدنيا من لم يكن لها في قلبه حباً، ففي إيمانه شيء، ذلك لما يوجد فيها من المشاعر المقدسة، وعليه فإن الدفاع عنها والاستبسال في قتال أعدائها من الجهاد في سبيل الله الذي قال عنه رسول الله صلى الله عليه وسلم: (من قتل دون ماله فهو شهيد، ومن قتل دون دمه فهو شهيد، ومن قتل دون دينه فهو شهيد، ومن قتل دون أهله فهو شهيد) ولا شك أن هذا الاعتداء السافر من هذه الشرذمة التي تسللت من شمال اليمن إلى بلادنا قد جمعت لمن تصدى لهم وقاتلهم جميع تلك الصفات التي ذكرها رسول الله صلى الله عليه وسلم في هذا الحديث فهم يعتدون على الدين والمال والنفس والعرض والوطن، فالذي يقتل في هذه المعركة من جنودنا نحسبهم والله حسيبهم أنهم شهداء في سبيل الله يجري عليه عمله ورزقه ويؤمن الفتان كما ورد ذلك في حديثٍ آخر, وأما من جرح في هذه المعركة فتزف إليه البشرى بحديث أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (ما من مكلوم يكلم في سبيل الله إلا جاء يوم القيامة وكلمه يدمي، اللون لون دم، والريح ريح مسك).
ومن أوقف نفسه وحبسها رباطاً في سبيل الله فقد قال عنه رسول الله صلى الله عليه وسلم: (رباط يومٍ في سبيل الله خيرٌ من الدنيا وما عليها، وموضع صوت أحدكم من الجنة خيرٌ من الدنيا وما عليها، والروحة يروحها العبد في سبيل الله أو الغدوة خيرٌ من الدنيا وما عليها). فيجب علينا أن نشد من أزر جنودنا البواسل ونشيد بمواقفهم البطولية والتي أثلجت صدور الجميع ولله الحمد والمنّة ويكفينا فخراً ما رأيناه من صاحب السمو الملكي الأمير خالد بن سلطان وهو يتنقل هنا وهناك في وسط أرض المعركة يصدر توجيهاته من أرض المعركة نفسها يصيبه ما يصيب الجنود من التعب والإعياء ويناله الكثير من غبارها صابراً محتسباً الأجر عند الله ولا شك أن هذا العمل يعطي جنودنا الأبطال علواً للهمة ورباطةً في الجأش وفي مقابل هذه البطولات الفذة رأينا عجز تلك الحثالة المرتزقة والتي ظهرت في كثير من المواقف منها على سبيل المثال: تلغيم الأطفال الأبرياء بالمتفجرات والزج بهم في أرض المعركة دون مراعاة لطفولتهم وبراءتهم، وحشو أمعاء الماشية بالمواد المتفجرة والتي ستكون عاقبتها وخيمة لو لم يتفطن لها أسود هذه البلاد المباركة.
وأخيراً لا ننسى أننا في بيوتنا آمنون مطمئنون نعاشر النساء ونلاعب الأبناء ونذهب هنا وهناك لقضاء مصالحنا وإخواننا على جبهات القتال يواصلون الليل بالنهار في حراسة ديننا ووطننا وأعراضنا وممتلكاتنا وبهذا فإن الواجب علينا أن نلهج بالدعاء لهم دون كللٍ أو ملل.
فاللهم انصرنا على عدوك وعدونا، اللهم من أرادنا وأراد بلادنا وأراد أمننا وإيماننا بسوء اللهم فشل أركانه وأخرس لسانه وأعمِ بصره، اللهم لا ترفع لهم راية، ولا تحقق لهم غاية واجعلهم لمن خلفهم عبرةً وآية، اللهم احفظ جنودنا من كل سوءٍ ومكروه اللهم انصرهم نصراً مؤزراً، اللهم اكتب موتاهم شهداء وأحياءهم سعداء، اللهم داوِ جرحاهم واشف مرضاهم. يا رب العالمين.