إن سطوة بهاء العمل وسناء الإحساس بالمسؤولية هي الأثقل وطأة وإدهاشاً ورسوخاً عندما تتم المقارنة مع رهافة الخمول، هذا البهاء وهذا السناء هما اللذان تتسربل بهما بعض سيدات بلادي النبيلات الصابرات المثابرات العاملات واللائي يتحملن مسؤوليات متشعبة عظيمه وجسيمة، إن مثل تلك السيدات اللاتي وخزن المسافات بخطاهن لإيقاظ الأرض والحياة والوطن والصبية الصغار، وتحملن بما لا طاقة للعقل على التعقل، هن هكذا في مسيرتهن مثل قصيدة وشاعر ليس غاويا ولا يحتاج له شهود بلا تذكارات ولا أرشيف يحصي سندباديات وقائعهن، إنهن يشبهن شجرة الصنوبر وفاكهة الرمان ومثل لوحة خزفية تتميز ألوانها بثراء مثير بعيداً عن السطوع الصريح، يفجرن ضوء المكان ويرنين لضوء بعيد، يحملن في أيديهن جرة الماء وتراتيل عذبة وأيدٍ حانية تربت فوق الجرح وينتشر الفرح، لهن ظلال وارف وصفاء لون وغيمة حبلى بالمطر ونور ساطع يخرج من نافذة بيضاء، إنهن سيدات صنعن أنفسهن بأنفسهن، بما يحملنه من قوة فكرية وأخلاقية وهدوء وسلام، لأعمالهن دهشة الفعل الطولي حين يصنع الأطفال جمالهم الخاص ودُماهم، ليست هناك حدود كلاسيكية لعملهن وتعبهن، إن روح العمل وتحمل المسؤوليات المتوهجة بالبريق وباللون والبراءة والعفوية تنضح بها روحهن الخلابة، ربما بسبب سنواتهن التي عشنها موزعة ما بين العمل والبيت والزوج والأبناء والعلاقات الأسرية الأخرى، إن خصوصية الرؤية المتوهجة لبعض هؤلاء السيدات من بلادي قد جعل منها تجربة ثرية مستديمة وقدرة هائلة لها روح ورائحة الفخار المنحوت، إن إخلاصهن في أعمالهن المهنية والبيتية الذي يشبه الأحجار الكريمة والحصى السحرية وبقايا الصخور التي تحمل كتابات بابلية وسومرية ورومانية، حيث كتبت ببدائية واعية ولكنها ملغزة بمغاليق عوالمها الإنسانية، إن تعب بعضهن الكادح يشبه شكل وعذوبة الجمال وبريقه، إنهن يدمجن الأسطورة المتخيلة بالواقع، إن بعض هؤلاء السيدات في المجمل أشبه بتحولات أو محولات الميكانزمات الدفاعية كالتسامي والرقي الوجداني، وإن تعامل بعضهن مع فسيفساء الحياة المتشعبة والكثيرة قد منحهن قوة البقاء والتأثير والقدرة على الاستمرار، فمثل هؤلاء السيدات لا يندثرن بسهولة على الرغم من كل المتغيرات لأن تجاربهن وصراعهن مع الحياة قد منحهن ثراء التفرد والبراءة والسحرية عبر الصياغات الشكلية واللونية وعبر طرائق الإدهاش الواعي لمناطق البناء والعمل والتنشئة.
ramadan.alanazi@aliaf.com