في هذه الأيام ومع اقتراب موسم الحج أخذت هذه البلاد في استقبال ضيوف الرحمن وتوفير أقصى متطلبات الراحة والهدوء لضيوف الرحمن حتى يؤدوا مناسكهم بأمان واطمئنان، والحج كما جاء في القرآن الكريم أشهر معلومات لا رفث ولا فسوق ولا جدال، وعلى المسلم أن يلتزم بما أمر به رسوله -عليه الصلاة والسلام- وبما أ كده وقاله في حجة الوداع: (اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي ورضيت لكم الإسلام ديناً) إنها فرصة لتلاقي القلوب والأرواح على قلب واحد وسلوك قويم، إنها معان سامية يهدف إليها الحج وما زال نوراً وضياء يضئ جنبات النفوس.
وهكذا تستقبل هذه البلاد بالبشر والترحاب حجاج بيت الله، يأتون من فجاج الأرض ومختلف أقطارها يرفعون أصواتهم بالتهليل والتكبير والتلبية (لبيك الله لبيك، لبيك لا شريك لك لبيك إن الحمد والنعمة لك والملك)، والحج أحد أركان الإسلام وعبادة تقوم على الإيمان والتوحيد والإخلاص والخشوع والإنابة إلى الله تعالى: {الْحَجُّ أَشْهُرٌ مَّعْلُومَاتٌ فَمَن فَرَضَ فِيهِنَّ الْحَجَّ فَلاَ رَفَثَ وَلاَ فُسُوقَ وَلاَ جِدَالَ فِي الْحَجِّ وَمَا تَفْعَلُواْ مِنْ خَيْرٍ يَعْلَمْهُ اللّهُ وَتَزَوَّدُواْ فَإِنَّ خَيْرَ الزَّادِ التَّقْوَى وَاتَّقُونِ يَا أُوْلِي الأَلْبَابِ}، هكذا يعلمنا الله أن نؤدي هذا الركن بكل إيمان وخشوع وخضوع وعبادة وطاعة وسكون وهدوء وآداب. إن الحج لمظهر رائع وعنوان عظيم تتحقق من خلاله الأخوة والمساواة، فما أجدرنا أن نتعرف على الحكم العظيمة في ذلك والمنافع الكثيرة والمقاصد الشرعية كما قال تعالى: {لِيَشْهَدُوا مَنَافِعَ لَهُمْ وَيَذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ فِي أَيَّامٍ مَّعْلُومَاتٍ عَلَى مَا رَزَقَهُم مِّن بَهِيمَةِ الْأَنْعَامِ}، وما أروع الأهداف والمنافع والغايات السامية للحج حيث يتجرد الناس من زينتهم وثيابهم ونزعاتهم وأطماعهم وأنانيتهم وينفقون عن أنفسهم شوائب الدنيا وآثامها ورواسب الخطايا، وتسري في قلوبهم وأفئدتهم دفقات الإيمان وينابيع الخير والمحبة والمودة والصفاء ويبذلون النفس والنفيس في سبيل الله، ويتعلمون في الحج دروسا شتى في الصبر والإيثار والتضحية وقوة الإرادة والاحتمال وضبط النفس والبعد عن الغضب والعفو والتسامح والتكافل؛ حيث يرتدون لباساً واحداً ويرددون دعاء واحدا، لا فرق بين غني وفقير وكبير وصغير لا ترفع ولا استعلاء، بل محبة ومودة وتطلع إلى عفو الله ورحمته ومثوبته العظمى.. إن الحج لدرس عملي ومنهج خالد يربط بين الجميع بروحانية ظاهرة وصفاء ديني سليم فكم فيه من عظات إذ تتلاقى القلوب والأفئدة حول معاني الحج وفهم غاياته والتقرب إلى الله به، ولا شك أن إنجازات المملكة في مكة المكرمة والمدينة المنورة من توسعة الحرمين الشريفين والمشاعر المقدسة ستمكن الحجيج من أداء حجه بيسر وسهولة واطمئنان، ونتمنى للجميع حجاً مبروراً وسعياً مشكوراً وذنباً مغفوراً والله الهادي والموفق إلى سواء السبيل.