Al Jazirah NewsPaper Friday  20/11/2009 G Issue 13567
الجمعة 03 ذو الحجة 1430   العدد  13567
لا رفث ولا فسوق ولا جدال في الحج
محمد سكيت النويصر

 

الحج الركن الخامس من أركان الإسلام وأحد مبانيه العظام، فرض في العمر مرة واحدة لمن استطاع إليه سبيلاً، هكذا جاء في كتاب الله. والحج وهو أحد أركان الإسلام عبادة لله خالصة لا شريك له فيها ولا ند ولا مثيل. إذاً يجب على المسلم الصادق في إسلامه والكامل في إيمانه أن يكون كذلك يقصد بالحج عبادة الله وإخلاص ذلك له وعليه أن يتعبد ويمتثل ما أمره به ربه وهو يؤدي هذه العبادة البدنية في تلك الأماكن الطاهرات وخلال تلك الأيام المعلومات لا زيادة فيها ولا نقصان.يعقد العزم إلى الحج بنية صافية وبقلب ملؤه الأمل بثواب الله ورجاء لما عنده ويكون زاده إلى الحج من حلال وكذلك مركبه وملبسه وهو في كل أحواله يرجو ربه المغفرة من كل ذنب وخطيئة، ويأمل أن يعود من حجه كيوم ولدته أمه خالصاً من الذنوب والمعاصي كما أخبر بذلك الصادق المصدوق ما لا ينطق عن الهوى محمد بن عبدالله عليه أفضل الصلاة والسلام. وجاء عنه -صلى الله عليه وسلم-: الحج المبرور جزاؤه الجنة. وهل هناك أعظم وأغلى من هذه السلعة الجنة التي يأمل الإنسان المسلم أن تكون دار عيشه في الآخرة.إذا كان هذا الحج وهذه فوائده وهذه عوائده على المسلم والمسلمة كيف تسول له نفسه أن يتعدى في الحج ويفسد حجه بما يفعله مما نهى الخالق جل وعلا عنه في كتابه الكريم والتي جاءت عنواناً لهذا المقال كيف يرجو المسلم ربه وهو يرفث وهو يفسق وهو يجادل غيره من إخوانه حجاج بيت الله أو من يقومون على خدمته وهو يؤدي هذا النسك هل هذا حقق معنى الإخوة الإسلامية التي أرادها الله لعباده المؤمنين {إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ} كيف ينسى أو يتناسى قوله صلى الله عليه وسلم: (المسلم من سلم المسلمون من لسانه ويده..) وغير ذلك مما جاء في كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم. أين تحقيق الإسلام والإيمان فيمن يحول الحج إلى مزايدات ومظاهرات وجدال وأذى لإخوانه الذين قدموا من كل فج عميق ليشهدوا منافع لهم. كيف تتحقق تلك المنافع إذا بعض الحجاج استجاب لهوى نفسه المضل وتلك الإيحاءات الشيطانية من العدو اللدود إبليس وحوّل أيام الحج المباركات إلى خلاف ما يجب أن تكون أيام سكينة ووقار أيام دعوات وتلبية وذكر لله وإقامة لشعائر الدين الحنيف كما جاء عن المصطفى عليه أفضل الصلاة وأزكى السلام وسلف الأمة الصالح، أن تلك التصرفات من بعض الحجاج لا يقصد بها إلا إفساد الحج على الآخرين وقلب الموازين وإشغال ضيوف الرحمن عما جاؤوا من أجله ألا وهو أداء الركن الخامس من أركان الإسلام. ولكن من تسول له نفسه المساس بأمن الحج أو جعله زمناً أو مكاناً للشعارات والمنازعات. فها هو خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز -يحفظه الله- يوجه بذلك خلال ترؤسه لجلسة مجلس الوزراء في قصر اليمامة بالرياض يوم الإثنين 15-11-1430هـ ويعلنها صريحة: (سياسة المملكة لن تسمح لأي جهة بتعكير صفو الحج ومحاولة شق الصف الإسلامي) وهذا النهج السليم والقويم درجت عليه هذه البلاد من عهد المؤسس - رحمه الله- الذي كان حريصاً على تأمين طريق الحج وبالتالي يؤكد -طيب الله ثراه- أن يؤدي الحجاج حجهم بكل طمأنينة وراحة بال بعيداً عن كل الشعارات والصراعات العقدية ولم يكن يسمح -رحمه الله- بتحويل الحج عن مقاصده الشرعية التي من أجلها فرضه رب العزة والجلال وعلى هذا النهج القويم سار القادة وولاة الأمر من بعده وبإذن الله سيكون هذا ديدنهم إلى أن يرث الله الأرض ومن عليها.

فدعوة صادقة إلى كل من يؤم هذا البيت أن يتحلى بالسكينة والوقار وهو يتنقل في تلك البقع الطاهرات ويقصد بحجه وجه الله ويدعو بإخلاص لمن ولاهم الله هذا البيت أن يجزل لهم الأجر والمثوبة لقاء ما يبذلون خدمة للمشاعر في مكة المكرمة وطيبة الطيبة حيث تجد كل العناية والرعاية من قادة الوطن الذين يحرصون على أن تظهر المقدسات الإسلامية في مكة والمدينة بأكمل وأجمل صورة لذا تجد كل عام التجديد والتطوير قائماً على قدم وساق ويتم صرف مليارات الريالات على مشاريع المشاعر المقدسة حتى يؤدي ضيوف الرحمن أداء نسكهم بيسر وسهولة وطمأنينة ولا أدل على ذلك من الزيادة في أعداد الحجيج كل عام.

فلله الحمد والمنة وله الشكر على ما أنعم به على هذه البلاد.. من نعم شتى أجلها نعمة هذا الدين القويم. ثم الشكر موصول لولاة أمرنا على حرصهم وعنايتهم بهذه المشاعر المقدسة التي كل عام تستقبل قرابة مليوني حاج ومعتمر بل آلاف الزوار والمعتمرين على مدار العام، وتذكر فتشكر تلك الجهود التي تبذلها لجنة الحج العليا بتوجيهات سمو رئيسها ولجنة الحج المركزية في جهودها المستمرة قصداً للوصول بخدمات الحج وفق المطلوب.. ثم شكراً وشكراً لكل من يساهم بأي جهد مخلص خدمة للمشاعر المقدسة وعباد الله والله أسأل أن يجزل لهم الأجر والمثوبة والله من وراء القصد.

- مدير المعهد العلمي في محافظة الرس - جامعة الإمام



 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد