Al Jazirah NewsPaper Monday  30/11/2009 G Issue 13577
الأثنين 13 ذو الحجة 1430   العدد  13577
ظلم ذوي القربى
د. سعد بن محمد الفياض

 

(قبّل النبي - صلى الله عليه وسلم- الحسن أو الحسين وكان عنده الأقرع بن حابس التميمي فشده المنظر النبوي فقال: أتقبلون صبيانكم؟! إن لي عشرة من الولد ما قبلت واحدا منهم!! فقال له النبي صلى الله عليه وسلم: أو أملك لك إذا نزع الله من قلبك الرحمة؟ ثم قال من لا يَرحم لا يُرحم) فإذا كان هذا في حال عدم التقبيل والتي هي علامة لنزع الرحمة فكيف بمن يقسو على أبنائه ويضرب وربما استخدم أدوات التعذيب في عقابه كاستخدام مكواة الملابس أو الصعق بالكهرباء او ربط اليدين والقدمين بالحديد!! كم سمعنا بحالات كثيرة من الإعاقة والتشويه الجسدي والقهر النفسي والتي لا زمت أطفالا في عمر الزهور طوال حياتهم نتيجة لهذا التعذيب الأليم والعنف الشديد كل هذا من دون ذنب اقترفوه أو جريرة فعلوها إلا أنهم أولاد لآباء نُزعة من أفئدتهم الرحمة وجفت في قلوبهم ينابيع العطف والألفة لذا فإن لرحمة أثرها وكمالها التي تجعل المرء يرق لألام غيره ويشعر بمعاناتهم لان تبلد الحس تهوي بالانسان إلى غير مسماه! ما أعظم الظلم وما اشد آثاره إذا كان من الآخرين فكيف إذا كان ممن يتصل بك بقرابة أو رحم!!

(وظلم ذوي القربى اشد مضاضة على النفس من وقع الحسام المهند)

حديثنا عن ذلك العنف الذي لا يقتصر تدميره على فرد أو أسرة بل على المجتمع بأكمله انه العنف الأسري والتي بلغت آخر إحصائياته للعام الماضي 780 حالة كما أعلن ذلك مدير عام الحماية الاجتماعية بوزارة الشؤون الاجتماعية وإنها لإحصائية مخيفة تدعو لتوقف والتأمل.. ما الذي جعل هذا العنف وهذا الاعتداء النفسي والجسدي ينتشر فينا وفي مجتمعنا وبين أسرنا ومن اقرب الأقربين إلينا مع ما نعيشه من الأمن والاطمئنان ورغد العيش وقبل كل شي وبعده إننا مجتمع مسلم ذو عقيدة صافية سمحة شاملة لجميع جوانب الحياة ومشاكلها والتي منها الحث على حسن التربية وحسن العشرة والمعاملة الحسنة بل والرفق والحلم، والتوقير والاحترام.. ما أجمل الإنسان وهو يرتقي درجات الكمال أن يرافق ذلك إحساس مرهف ورحمة جياشة وإيناس وبر بالآخرين يمسح ألامهم ويخفف أحزانهم ويهون مصائبهم. وخصوصا الأبناء وفلذات الأكباد.. لا أن نزيدها ألماً وتوجعا لأن هذا العنف في حق من ولاه الله أمرنا من البنين والبنات ستنعكس آثاره عليه عندما يكبر من زرع الحقد والكراهية والقطيعة والعقوق.. إن العنف الأسري الجسدي والنفسي لا يولد الا التحطيم والانطوائية والعقد النفسية.. أو العدوانية وحب الانتقام وما كثرت الجرائم والجنايات والهروب من المنزل.. الا نتيجة حتمية لمأساة اسمها العنف الأسري والإحساس بالظلم والحرمان.. إن أولادنا لا يريدون منا مالاً ولا غذاء ولكن يريدون الإحساس بالأمن يريدون الرحمة والمودة والحب والملاطفة يريدون الشعور بحب الآخرين لهم من خلال القبلة الحانية والضمة الدافئة والانس المتبادل..



Saad.alfayyadh@hotmail.com

 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد