لست هنا بصدد الحديث عن أمجاد العرب وحضارتهم وتاريخهم ولو فتشت وإياك ديوان العرب واستعرضنا نجاحاتهم وتجاربهم ورصيدهم وأمجادهم لنفد الحبر قبل أن تنفد نجاحات وحضارة وإنجازات العرب المسلمين السابقين.. لكن دعنا نتحدث عن العرب اليوم.. دعنا نفتش عن رصيد وإنجازات ونجاحات عرب اليوم.. الحقيقة مؤلمة وواقع أمتنا العربية والإسلامية اليوم مؤسف ومزري.. وهم اليوم في موقف لا يحسدون عليه فالعالم يتحرك من حولهم والأمم تتقدم وتتطور وهم ساكنون واقفون.. الأمم تأتلف وتتكتل وهم في جدل وصخب وتمزق في الكلمة وتباعد وتنافر وفرقة.. فالعرب اليوم في أضعف حالاتهم أقالميهم ومنطقتهم مضطربة والأحداث تتقاطر وتتزاحم عليهم ومع ذلك لا يتعلمون السباحة ولا يعدون قوارب النجاة للخروج من هذا المستنقع السياسي الخطر.. وفي السابق كان لنا صوت وكان هناك ظاهرة صوتية كما سماها بعض المفكرين لكن اليوم اختفت هذه الظاهرة وسكت الصوت وأصبحنا نتفرج على الأحداث ونستمع لنشرات الأخبار وننتظر ولا أدري ماذا ننتظر وإلى متى ونحن ننتظر فهل ننتظر رئيسا جديدا لأمريكا حتى يتعاطف معنا ويحرك عجلة السلام الواقفة منذ زمن مثلما استبشرنا بأوباما.. أم ننتظر تغيرا في السياسات وتقلب في المناخ وتغيرا في التضاريس وأن تزول بعض الدول من الخارطة ونستمع للدعاية والشعار التي يصدح بها أحمدي نجاد صباح مساء (سأزيل إسرائيل من الخارطة).
استيقظوا يا عرب فما أصابكم هو من عند أنفسكم {قُلْ هُوَ مِنْ عِندِ أَنْفُسِكُمْ}، وقال تعالى: {مَّا أَصَابَكَ مِنْ حَسَنَةٍ فَمِنَ اللّهِ وَمَا أَصَابَكَ مِن سَيِّئَةٍ فَمِن نَّفْسِكَ}، وقال تعالى: {إِنَّ اللّهَ لاَ يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُواْ مَا بِأَنْفُسِهِمْ} هذه قاعدة مؤصَّلة في علم التغيير فمن أراد النجاة فليعد القارب ويجدِّف إلى الشاطئ.
فالتغيير لا ينزل علينا من السماء وإنما يبدأ بفعل الأسباب من عن أنفسنا من داخلنا.. فعلينا أن ننهض وأن نتحرك وأن نتحين الفرص ونقتنصها لأنها إذا سنحت أي الفرصة ولم تستغل وتستثمر تغيب ولا تعود.
والأزمة علينا خانقة فنحن بين فكي التمساح بين نووي إيراني وإسرائيل والخروج من هذا المأزق يبدأ بخطوة وأول خطوة وأهمها هي أن نتقارب ونزيل الحواجز والشوائب فيما بيننا وأن نجمع كلمتنا ونوحِّد صوتنا بعد ذلك ننشئ مراكز دراسات تقرأ الواقع وتسبره وتعي الحدث وتصبح مرجعية لنا في التفاوض مع الدول وفي عملية السلام مع إسرائيل طبعاً نحن ضعفاء وخطواتنا البسيطة قد لا تضغط وتؤثر على الدول الكبرى لكن لنا مصالح ولهم عندنا مصالح والسياسة تحركها المصالح فعلينا أن نحرك أوراقنا وأن نستثمر هذه المصالح للضغط على صانع القرار لتحرير قضايانا والدفاع عن حقوقنا.
الأمر الآخر لا ينبغي أن يكون دوري دور المتفرج على الأحداث فمثلاً القضية الملتهبة بين أمريكا وإيران لماذا لا نستغلها نحن العرب للضغط على إسرائيل وإرغامها على الالتزام بمشروع السلام وذلك بأن يصدر عمرو موسى عن طريق الجامعة العربية تصريح يصب في صالح إيران.
بعد هذا التصريح أخطو خطوة إستراتيجية للتحالف والتصالح مع إيران وقبل فترة عمرو موسى خطى خطوة جريئة ونادى مناداة قوية طالب الدول العربةي بأن تتحاور مع إيران.. لا شك أن أمريكا تحاول أن تعزل إيران عن محيطها وأن تحاصرها وأن تخنقها ولا تريد أبداً من العرب أن يتقاربوا معها وعندما يخطو العرب هذه الخطوة ويتحالفون مع إيران ستهرول أمريكا مسرعة وتبعث مفوضها لمناقشة الأمر عندها يطرحون العرب على الطاولة قضيتهم ويطالبون أمريكا بأن تكف يد إسرائيل عن قلع الأشجار وهدم المنازل وتهجير السكان وتوسيع المستوطنات وممارسات الاستفزاز لهدم الأقصى التي تقوم بها الآن وإقامة الكنائس والحفريات لزعزعة أساسات الأقصى ومن ثم هدمه وإقامة مكانه الهيكل المزعوم.. أوراق الضغط التي بأيدينا كثيرة لكن تريد رؤية ثاقبة وقراءة واعية تحركها وتستثمرها وهذه مسؤولية الجامعة العربية فعلى رئيسها عمرو موسى ألا يكتفي بلجان أو أقسام تقرأ الواقع وتسبر الحدث وتستشرف المستقبل بل عليه أن يطالب الدول العربية بأن تنشئ مركز دراسات يعد البحوث ويصدر التقارير والدراسات الواعية والموثقة عن كل دقيق وجليل يجري حولنا ويصبح هذا المركز مرجعية لكل مفاوضاتنا وتحركاتنا العربية وأن تستقطب لهذا المركز كل العقول الناضجة والأفكار الواعية من شتى البقاع.. آمل أن يصل صوتي وأن تُسمع كلمتي.
سطورة أخيرة:
فشلنا مع إسرائيل في الحرب وهزمتنا
حتى في السلام فمع أن قضيتنا عادلة إلا
أننا لم نستطع أن نحرجها أمام الرأي العام العالمي
لماذا؟ لأننا نفاوض لنقنع إسرائيل
وهي تفاوض لتقنع العالم (الأمريكي والغربي)
Alhamada1427@hotmail.com