Al Jazirah NewsPaper Friday  04/12/2009 G Issue 13581
الجمعة 17 ذو الحجة 1430   العدد  13581
إذا لم تجد ما يرضيك فارض بما تجد!
نايف بن حمود الرضيمان

 

في سنة من السنوات وفي موسم الحج أوقفت مركبتي في حجز السيارات المخصص لذلك قبل دخول مكة، وبعد انتهاء موسم الحج وبينما أنتظر على الطريق سيارة أجرة وقفت عندي سيارة من نوع تويوتا غمارتين ويقودها شاب في العشرين من عمره أخبرته بوجهتي التي أريد واتفقت معه على الأجرة، ثم انطلقنا، فلما رأيته شابا يقوم بهذا العمل بدأته بالحديث كعادتي، أحب الحديث مع الشباب العقلاء وأتعرف من خلال الحديث معهم على أشياء في الحياة أستفيد منها وأطمع أن أفيد غيري، دار الحديث بيني وبينه وكان حديثا ماتعا، وإذا به من أحد العائلات المعروفة، وقد تخرج في إحدى الجامعات المحلية، ولم تتسن له الوظيفة بعد، سألته عن عمله هذا هل هو مقتنع وراض به فقال تلك الكلمة التي لم تفارق مخيلتي من يومها إلى كتابة مقالتي هذه رغم ما مر عليها من السنين قال: (إذا لم تجد ما يرضيك فارض بما تجد) فعلمت أن ذلك الشاب شاب عاقل، فاستطردت معه الحديث أستوضحه عن مقولته هذه ولعلي أجد في ثنايا كلامه أمثالها وقد استفدت منه أشياء.

في الحقيقة أن هذا الموقف وأمثاله يحدونا إلى أن نقول بملء أفواهنا وبأعلى أصواتنا: ألا انهضوا أيها الشباب من رقدتكم، وانفضوا الغبار عن أكتافكم، وانزلوا إلى ميدان العمل الشريف، فأرزاق الله في أرضه ليست مقصورة أو محصورة على الوظائف، بل إن البركة في زماننا هذا في غير الوظائف أحرى وأكثر لما يلابس الموظف من تقصير وعدم إتقان ونحو ذلك مما لا يخفى، وشاهدٌ واحد يدل على ذلك فهل رأيتم موظفاً سواء كان ذكراً أم أنثى حينما وقف على باب داره في الصباح مُيمماً مقر عمله يسأل الله أن يرزقه؟ لا تجد أحداً البتة. ذلك أنه ضمن رزقه على حسب اعتقاده، وأنه يأتيه في نهاية كل شهر, بل ربما علم مصرفه قبل أن يستلمه، أما المسلم صاحب العمل الحر كالتجارة والزراعة والصناعة ونحوها فهو يسأل ربه كل يوم أن يرزقه الرزق الحلال، قد تعلق قلبه بالله أكثر من الموظف. ويغفل كثير من الناس عن التفطن لمثل هذا. ومع هذا فإنه لا يفوتنا أن ننبه الموظف على أن يستحضر الدعاء المأثور..... وبارك لنا فيما أعطيت.... فهيّا يا شباب إلى العمل، ودعوا النوم والكسل، فالأمة بحاجتكم والمستقبل بانتظاركم. ولا بطالة حقيقة ولكنها بطالة مبطنة ومصطنعة، ونحن على علم ويقين أن (من يتق الله يجعل له مخرجا ويرزقه من حيث لا يحتسب), وأن قليلا مباركا خير من كثير من سحت.



hailQQ@Gmil.com

 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد