Al Jazirah NewsPaper Monday  21/12/2009 G Issue 13598
الأثنين 04 محرم 1431   العدد  13598
بين قولين
التطوع المالي
عبد الحفيظ الشمري

 

في قضية طوفان جدة الأخير رأينا كيف هرع الناس بمختلف فئاتهم إلى نجدة إخوانهم الذين أصابتهم سهام الفاجعة، ونالتهم نبال المعضلة، ليلمس الجميع الكثير من هذه المواقف النبيلة والقلوب الرحيمة من هذا المجتمع الذي لا تزال فيه بذرة العطاء الإنساني، فلم تستطع قشور المادة أن تذهب به بعيداً.ما إن توقفنا عند النجدة الأهم، و(الفزعة) الأجدى المتمثلة في الدعم المادي فإننا ندهش حقيقة من تواري بعض رجال المال والأعمال في جدة عن فتح باب التبرع، مثلما فعل الناس البسطاء حينما تطوعوا بمواقفهم وبذلهم، فالتبرع المالي هو التطوع المهم، وهو النجدة الحقيقية والمؤثرة للمحتاجين والمنكوبين ومن فقد أعز ما يملك. فالتطوع الذي يتفاعل هذه الأيام سيكون بلا شك نوعياً ومعبراً وحافزاً لجميع هؤلاء العاملين حينما يجدون أن المادة لا مشكلة فيها، ليقيموا - ما وسعتهم الحيلة - ما اعوج وإصلاح ما تلف، وتضميد الجراح لتجاوز تفاصيل هذه المأساة الأليمة.

إلا أن ما يلاحظ وهذه حقيقة لفت إليها بعض المهتمين في شأن معاناة الناجين من غرق الطوفان الفاجع أن الحساب الذي ستودع فيه المساعدات ربما لم يُفَعَّل بعد، ولم يعد أمر التبرع متاحاً حتى الآن رغم أن هناك من بذل وأعطى. ربما باتت الغلبة في أمر (كارثة شرق جدة) للتطوع الإنساني المعنوي الذي يبذل فيها المتطوعون والمتطوعات جهوداً جبارة لمد يد العون والمساعدة للأسر والمحتاجين، وهم كثر في هذه الآونة، إلا أنه يظل التطوع المالي من قبل التجار بتبرعات سخية ملحاً وضرورياً. فلا ننسى محاولات القلة من التجار وأصحاب الأموال الذين تفاعلوا مع خطوة مد يد العون مادياً حيث يقف على رأس هذه المبادرة وغرتها معالي الدكتور ناصر الرشيد حينما تبرع برقم مالي لا بأس فيه، ليكون نواة لتبرع محتمل؛ تُغلَّبُ فيه النظرة الواسعة للعطاء الحاني بدلاً من هذه الرؤية الضيقة لدى البعض بأن الأمر لا يعدو كونه مشكلة وقعت هناك.. (شرق السريع).

المدهش في أمر التطوع الميداني أنه جاء من جيل الشباب والشابات الذين ظلت القراءات السلبية نسبياً إلى أنهم باتوا في غمرة انشغالات المادة والموديلات، إلا أنهم عكسوا النظرة المشرقة للعطاء الإنساني، فها هم ينهضون بمجد المحبة، ليلتقوا معاً خدمة للمصلحة العامة، وللمساعدة المفيدة والنافعة، ولا أدل على ذلك ما شاهده المواطنون من محاولات كبيرة من قبل المتطوعين بمختلف فئاتهم وأعمارهم حينما ظلوا يبذلون ما بوسعهم رغم بعض المثبطات التي يقف أولها غياب الحساب الموحد أو الدفع الفردي أو المبادرة الواضحة من أجل خدمة هذه المشاريع الإنسانية التي تحاول الآن أن تزيح ولو اليسير من هول الصدمة التي حدثت قبل أسابيع على مرأى من العالم. نود أن نرى الحساب الموحد للتبرع وأن تكون الأسماء من أبناء جدة مشاركة بقوة خدمة لهؤلاء المتضررين الذين يحاولون بمساعدة المتطوعين الرائعين تجاوز الأزمة ليهب هؤلاء الموسرون والتجار ورجال المال والأعمال ومن استيقظ ضميره بعد الكارثة ليكفِّر عن زلات تأخره، وتردده في مد يد العطاء لمن حل بهم البلاء بشرق الطريق السريع أعانهم الله وجبر مصابهم.



hrbda2000@hotmail.com

 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد