Al Jazirah NewsPaper Tuesday  29/12/2009 G Issue 13606
الثلاثاء 12 محرم 1431   العدد  13606
الحقيقة شمس
إذا كان لديك دافعية فأنت إنسان!!!
رجاء العتيبي

 

يبدي كثيرٌ من الموظفين الذين يعملون في المنظمات الحكومية الكبيرة شكوى متفاوتة تجاه وظائفهم ويشعرون نحوها بالقلق وعدم الرضا؛ وذلك بسبب القيود البيروقراطية التي تعطي أولوية للأنظمة واللوائح والقوانين أكثر من إشباع الحاجات الإنسانية لدى موظفيها.

هذه النقطة بالذات تحيلنا إلى المدرسة السلوكية في الإدارة التي بدأت طلائعها في عقد الثلاثينات والأربعينات الميلادية من القرن العشرين كثورة على الإدارة الكلاسيكية التي تهتم بالإنتاجية والربح والأنظمة واللوائح أكثر من اهتمامها بالإنسان بصورة لا تفرق بينه وبين الآلة.

ولا يبدو لرواد النظرية السلوكية أن هناك تعارضاً بين إشباع حاجات المرؤوسين وبين تحقيق أهداف التنظيم الذين يعملون فيه, بمعنى أن إشباع حاجات المرؤوسين سيقودهم إلى تقديم أعلى مستوى من الأداء ,كما أن القيادة - التي تمثّل أهداف التنظيم وتسعى لتحقيقها - ستحاول تسخير كل القوى التي تمكن المرؤوسين من إشباع حاجاتهم إلى تحقيق أهداف التنظيم الإداري, كما أشار بينس في الخمسينات.

وجاءت الأبحاث السلوكية المتواصلة التي استغرقت سنوات طويلة لتؤكّد ولأول مرة أهمية الإنسان في المنظمات الإدارية, أهمها دراسات ألتون مايو وتجاربه في شركة جنرال إلكتريك بشيكاغو بين العامين: في العشرينيات الميلادية, وكشفت الدراسة أهمية النواحي النفسية والاجتماعية وأن الخلل في الإنتاج يرجع بالضرورة إلى حالة نفسية سيئة لدى العاملين.

وتعد نظرية تدرج الحاجات الإنسانية التي أوجدها ماسلو من أشهر النظريات السلوكية التي تتمحور حول دوافع الإنسان.

ويشير (ماسلو) في واحدة من فرضياته التي ضمنها نظريته حول الحاجات الإنسانية, إلى أن «الدافعية يجب أن يكون محورها الإنسان وليس الحيوان» وتأتي هذه الفرضية لتحيلنا إلى ضرورة تشغيل عنصر الدافعية عند الإنسان ليرتقي فوق مرتبة الحيوان.

وأهمية هذه الفرضية ليست فيما قالته نصاً وإنما فيما أوحت به إلينا بصورة تؤكّد مدى تحريك الدافعية نحو مستويات عليا. ف ماسلو لم يختر التعبير الخطأ حينما أشار إلى الحيوان في هذه الفرضية وإنما أراد أن يرمي حجراً تنداح له البحيرة الراكدة بمئات من الحلقات المتتابعة, حتى يبقى الإنسان في نظر الجميع إنساناً لا تشوبه شائبة.

هل يمكن أن توصف المنظمات الحكومية الكبرى بالبحيرة الراكدة؟

هل تحتاج إلى (حجر ماسلو) حتى تعيد النظر في دافعية العاملين بها حتى يصبحوا في حكم البشر؟

ثمة أسئلة أخرى من هذا القبيل لا تتجاوز الإنسان ذاته باعتباره الخصم والحكم, وهي تساؤلات مشروعة في عالم الإدارة طالما أن مصبها النهائي في البحيرات الراكدة تمهيداً لتجديد مائها.



nlp1975@gmail.com

 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد