Al Jazirah NewsPaper Tuesday  29/12/2009 G Issue 13606
الثلاثاء 12 محرم 1431   العدد  13606
لك الحق أن تغضب
د. سعيد أحمد العويس

 

لحظات قاسية مرت على الوطن ولعل أكبر من عانى منها هو خادم الحرمين الشريفين الذي كانت عيناه إحداها تراقب وفد الرحمن لتتأكد من وصولهم إلى المشاعر لتأدية فريضة ربهم وأخرى تتابع حدود الوطن. إنه الرجل الذي يحمل هم الوطن والأمة وقد فجعه الحدث الكبير وهو يرى ويسمع صرخات الثكالى وأنات الأيتام من قلب جدة المدينة التي سابقت المدن السعودية في التعرض لنفحات ميزانيات الرخاء والنماء وحصلت على ما أرادت. جدة التي بنت صورتها الجميلة في أذهان عشاقها وألهمت الشعراء قوافيهم بدت اليوم جثة هامدة بسمتها مزقتها سنوات من عمليات ومساحيق التجميل الرخيصة. ذهلت كثيراً من الأرقام الفلكية التي ضخت إلى البنى التحتية لمدينة جدة كما ذهل غيري خلال عقود من الزمن ثم وبكل بساطة تحدث هذه الفاجعة المؤلمة بكل المعايير والمقاييس.

لو حدث مثل هذا قبل خمسين سنة لكان أمراً مقبولاً ولكن أن يحدث في زمن الشهادات العلمية والأقمار الصناعية والإحصاءات العالمية فهذا أمر لا يمكن تبريره. يستطيع أي رجل بسيط من رعاة الإبل أو الغنم في الصحراء أن يحدد المكان الأكثر أماناً لخيمته وإبله دون الاستعانة بمجالس الخبرة العالمية ولا بالأقمار الصناعية.

تابعت قرار خادم الحرمين الشريفين بتشكيل لجنة للتحقيق قي هذه الأحداث وأحسست بمرارة الحدث في اللغة التي صدر بها القرار فقلت لك الحق أن تغضب بعد أن تفانيت في العطاء للبناء والرخاء. كم تألمت كما تألم غيري وأنا أرى المشاهد المعروضة على الإنترنت لهذه الفاجعة فقلت من المسؤول. لماذا تحولت النعمة إلى نقمة ولماذا تتحول مظاهر الرحمة إلى عذاب؟!

إن هذه اللجنة التي كانت في تشكيلها العزاء الكبير للجميع هي الآن محط قلوب أنظار الشعب السعودي من شرقه إلى غربه ومن شماله إلى جنوبه لأنها تشكل الإستراتيجية البعيدة المدى لمستقبل الوطن وأبنائه. إن القضية الآن يجب أن تكون أكبر وأبعد من جدة حتى لا ننتظر فاجعة أخرى في مكان أو زمان آخر, وكما ورد في الأثر ليس هناك شر محض ففي كل محنة هناك عدة منح وكما قال تعالى: (فإن مع العسر يسرا) فلننظر إلى الأمام ولنستفد من الفرص الموجودة التي في ثنايا هذه الأحداث.

كلية العمارة والتخطيط - جامعة الدمام


alawaissaeed@yahoo.com

 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد