Al Jazirah NewsPaper Tuesday  29/12/2009 G Issue 13606
الثلاثاء 12 محرم 1431   العدد  13606
أهمية القيم للفرد والجماعة والمجتمع
د. ليلى عبد الرشيد عطار

 

غرس القيم في المنهج التربوي الإسلامي يتطلب من المجتمع بكل أفراده رجالاً ونساءً، شيباً وشباباً، وفي جميع مؤسساته العامة والخاصة أن يتعاونوا في نشرها وتثبيتها في النفوس ثم متابعتها حتى تصبح جزءاً أصيلاً في سلوكهم وتعاملهم مع بعضهم البعض.

والمنهج التربوي الإسلامي حافل بالآيات القرآنية والأحاديث النبوية التي تحث على القيم الفاضلة كالصدق والأمانة والوفاء بالعهد واحترام الوقت والإخلاص والعدل والعفة والحق والشجاعة والاستقامة والفضيلة.. وغيرها من القيم التي تنظم العلاقة بين الفرد وغيره، وتضبط الرغبات، وتوجه السلوك، قال تعالى: (وَلاَ يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ عَلَى أَلاَّ تَعْدِلُواْ اعْدِلُواْ هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى وَاتَّقُواْ اللّهَ إِنَّ اللّهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ) (8) سورة المائدة، وقوله: (إِنَّ اللّهَ يَأْمُرُكُمْ أَن تُؤدُّواْ الأَمَانَاتِ إِلَى أَهْلِهَا) (58) سورة النساء، وقوله صلى الله عليه وسلم: (إن الصدق يهدي إلى البر وإن البر يهدي إلى الجنة وإن الرجل ليصدق حتى يكون صديقاً، وإن الكذب يهدي إلى الفجور وإن الفجور يهدي إلى النار وإن الرجل ليكذب حتى يكتب عند الله كذابا) وقوله صلى الله عليه وسلم: (كلكم بنو آدم وآدم خلق من تراب ولينتهين قوم يفخرون بآبائهم أو ليكونن أهون على الله من الجعلان)، وقوله صلى الله عليه وسلم (آية المنافق ثلاث: إذا حدث كذب وإذا وعد أخلف وإذا اؤتمن خان وإن صام وصلى وزعم أنه مسلم)... إلخ.

فالقيم لها فوائد في حياة الفرد فهي التي تُشكّل شخصيته المتزنة القوية المتماسكة، لأنها تسير وفق مبادئ وقيم ثابتة، كما أنها توحد ذاته، وتقوي إرادته، وتنظم عناصره، من خلال توحيد وجهتها، فنرى الشخص غير الأخلاقي متذبذباً مشتت النفس، تنتابه الكثير من الصراعات النفسية قال تعالى: (أَفَمَن يَمْشِي مُكِبًّا عَلَى وَجْهِهِ أَهْدَى أَمَّن يَمْشِي سَوِيًّا عَلَى صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ) (22) سورة الملك.

كذلك من فوائد القيم أنها تجعل للإنسان الخلوق قيمة ومنزلة ومكانة بين الناس، وبقدر ما يتأدب ويتحلى بهذه القيم تزداد ثقة الناس به واعتمادهم عليه ويتسابقون في تكليفه بالأعمال والمهام، قال تعالى: (وَلِكُلٍّ دَرَجَاتٌ مِّمَّا عَمِلُواْ وَمَا رَبُّكَ بِغَافِلٍ عَمَّا يَعْمَلُونَ) (132) سورة الأنعام، وقوله تعالى: (أَمْ نَجْعَلُ الْمُتَّقِينَ كَالْفُجَّارِ) (28) سورة ص.

كذلك من فوائد تطبيق القيم في حياة الفرد أنها تجعله دائم الإحساس بالرضا والاطمئنان والسعادة القلبية، كما تجعله متميزاً بالجلَد والصبر والثقة بالنفس، وقوة الإرادة وتجنبه مظاهر الإحباط والضجر والتبرم والسخط من جميع أحواله.

أما أهمية القيم في الجماعة، فمن المعروف أن المجتمع يتكون من أفراد وهؤلاء الأفراد يُشكِّلون الجماعة، لذلك اهتم المنهج التربوي الإسلامي بالحياة الاجتماعية في جميع مظاهرها وعلاقاتها وضوابطها، قال عليه الصلاة والسلام: (مثل المؤمنين في توادهم وتراحمهم كمثل الجسد الواحد إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمى).. وقوله صلى الله عليه وسلم: (اثنان خير من واحد وثلاثة خير من اثنين وأربعة خير من ثلاثة، فعليكم بالجماعة، فإن الله لن يجمع أمتي إلا على هدى).

وقد جاءت الآيات القرآنية والأحاديث النبوية الشريفة لتحدد العلاقة بين الحاكم والمحكوم وما يتعلق بهما لضمان استقرار المجتمع وأمانه، لأن الحياة في المجتمع تتطلب نظاماً وقانوناً وقيماً وضوابط توجه مساره، وتنظم شؤونه، وتنهض به، حتى تدفعه لعمارة الأرض وإقامة الحضارة الزاهرة، لذلك فحاجة الفرد للقيم حاجة ماسّة لصلاحه وصلاح مجتمعه، ولن تستقيم حياتنا إلا بتمسكنا بكتاب الله وسنة رسوله الكريم صلى الله عليه وسلم لأنه حافل بالقيم والآداب والأخلاقيات والعبادات والأحكام التي تنظم حياتنا كلها بطريقة فعَّالة منتجة للفرد والمجتمع.

أستاذ مشارك - التربية الإسلامية بكلية التربية للبنات - الأقسام الأدبية- جامعة الملك عبدالعزيز - جدة



 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد