ليس غريباً أن يرد اسم شخص على لسان أحد الشعراء فكثيراً من الشعراء يلجؤون إلى ذلك لمخاطبة صديق أو قريب أو أخ بحيث يسند إليه إما شاكياً أو شاكراً أو معاتباً بحيث يجد في ذلك الشخص متنفساً للبوح عما يكمن في داخله من حزن أو ضيق أو فرح وهذا الأمر طبيعي في عالم الشعر والشعراء ولكن اللافت هو تكرار اسم (علي) في الكثير من القصائد ولشعراء مختلفين في الزمان والمكان ومن المؤكد أن الصدفة لعبت دوراً في ذلك التكرار. ولعل ما يدعو لتسليط الضوء على هذا الموضوع هو أن أكثر تلك القصائد ظلت حاضرة ولم يطوها النسيان. ولو استعرضنا بعضا من هذه النماذج سنجد أن أشهر من تغنى بهذا الاسم هو شاعر الغزل محمد بن لعبون وذلك من خلال قصيدته التي تغنى بها بعض من الفنانين والتي يقول فيها مع بعض التصرف في عدم التسلسل للقصيدة:
|
يا علي صحت بالصوت الرفيع |
يا مره لا تذبين القناع |
شاقني راعي الصفراء الصنيع |
سنها يا علي وقم الرباع |
غرّني يا علي قمرا ربيع |
يوم انا آمر وكل امري مطاع |
هم بروني وانا عودي رفيع |
يا علي مثل ما يبرى اليراع |
أما الشاعر بصري الوضيحي والذي أعتقد أنه من أرق وأعذب الشعراء وله نهج خاص من حيث الصياغة والتلاعب بالألفاظ واختيار المفردة. يقول من قصيدة يسندها إلى صديقه علي الفريحي:
|
يا علي واشكي لك بليّا مهونة |
كني بحبس موقفين النطاير |
يا علي علة ضامري تبخصونه |
عليه واعيني تهل العباير |
الناس كل مكسّر يجبرونه |
والقلب ما تلطي عليه الجباير |
لا واعشيري غابت الشمس دونه |
وانا ورا الشطين دوني جزاير |
وله من قصيدة أخرى لا تقل عذوبة وجمالاً عن سابقتها وكلا القصيدتين تغنى بهما أشهر عازفي الربابة في القرن الماضي محمد بن صافي (توفي في شعبان 1384هـ) يقول الوضيحي:
|
يا علي ما خلتوا من المزن خلناه |
بوارقٍ يم الحجر له صجاجي |
يم الصليب وعقرب نثّرت ماه |
يسقي الحماطيات وهاك الهباجي |
يا علي هيّا بس انا وانت ننصاه |
من فوق مفتول الذراع الرواجي |
يا علي ملزومٍ نزوره بمرباه |
نبي نشوف اللي تقل عظم عاجي |
يا علي كن قذيلته يوم يازاه |
مثل الغلب من فوق هاك الحجاجي |
يسقي عروق القلب لهلاه لهلاه |
غرّ حدر شذرة زمامه لواجي |
وفي هذا المجال لابد لنا أن نعرج على الشاعر الكبير (صقر النصافي) وهو شاعر نظم مميز وكذلك شاعر محاورة قدير يقول من قصيدة يسندها لابنه علي:
|
يا علي خلّ العيد لام الدناديش |
اللي تغسّل كل يومٍ جسدها |
تبي تباري ناقضات العكاريش |
في كل ملفاحٍ تنقّض جعدها |
يا علي لاجيت العرب لا تجي دِيش |
خبلٍ إلى جاب السوالف سردها |
أما الشاعر سليمان الطويل وهو من الأسرة المعروفة في (شقراء) له قصائد جميلة ومقتطفات حلوة يقول من قصيدة له:
|
أمس الضحى عديت راس الجذيبة |
يا كثر دمع العين يوم اخذفت به |
عسى الحيا يسقي جوانب شعيبه |
حيث انها يا علي قد وقفت به |
يا علي ما بين الترايب وجيبه |
خط كما فرخ القلم قبل كتبه |
يا علي صيّور الليالي تجيبه |
الا ان غدت بي عنه ولا غدت به |
والقصائد في هذا الجانب كثيرة ولا تقتصر على شعراء منطقة دون أخرى فهذا الشاعر أحمد بن رفاده يقول مخاطباً ابنه:
|
يا علي كان انك تضم الوصاية |
ضم الوصاة اللي تسّمع من ابوك |
أن أمهلت فيك الليالي ورايه |
رحب باهل عوص النضا كلما جوك |
والشايب اللي ماضيٍ له حكاية |
يا علي كبّر واجبه كنه ابوك |
وكذلك الشاعر علي الجبالي (راعي القصر) في مجاراته لقصيدة دغيّم الظلماوي حيث يقول:
|
يا علي شب النار يا علي شبه |
لا مال فيّ مشمرخات الهضابي |
وادغث لها يا علي من جزل خبه |
وقلّط لها اللي مثل لون الغرابي |
وهناك بعض الأبيات التي سنوردها مفردة للاختصار مثل قول الشاعر محمد العبدالله القاضي:
|
يا علي قتل الروح هو ذكر مسنون |
افتون بيّا مذهب حل وكتاب |
ويقول محمد الأحمد السديري راثيا ابن شعلان من شيوخ الرولة:
|
يسقيك يا دارٍ شمالي عنازة |
غرب الولج يا علي شرق الطريبيل |
أما الشاعر عبدالله إبراهيم السليم فله قصيدة يسندها على علي العبدينه يقول:
|
يا علي عيّت عيوني تنام |
من عذاب الهوى طول السنين |
ولو تجاوزنا الحدود إلى مناطق أخرى سنجد في (الشام) مثلاً أن المطربة اللبنانية سميرة توفيق قد تغنت أيضاً بهذا الاسم في أغنيتها التي تقول فيها:
|
بيع الجمل يا علي |
واشتري مهرٍ إلي |
يا علي بيع الجمل |
بيع النعجة والحمل |
أنا ما عندي أمل |
إلا حبك يا علي |
والواقع أن هناك قصائد كثيرة قد لا يتسع المجال لذكرها لكنها ظاهرة قد تكون لافتة للنظر.
|
صالح بن عبدالكريم المرزوقي |
|