Al Jazirah NewsPaper Tuesday  26/01/2010 G Issue 13634
الثلاثاء 11 صفر 1431   العدد  13634
 
بطالة.. وأربع وظائف!!
د. محمد أبو حمرا

 

شاب ممتلئ الساقين، وله عينان كعيني ذئب حاقد يريد انتهاز الفرصة، وهو لا يعرف ما يعانيه الشباب من بطالة؛ فهو يستعمل دهن العود الذي تعادل قيمته شهرياً راتب طالب جامعي يعيل أسرة ترجو من توظيفه حياة أفضل، له صوت أهّله لأن يكون مؤذناً في مسجد، ثم ليدخل في عالم غير عالمنا، عالم يفتح الأبواب لهؤلاء، ويعطيهم الدخول المادية الهائلة، وهو عالم متكاتف ويسيطر على أشياء ذات دخل مُغرٍ جداً، لكن لا بد من مواصفات، ولا يشترط صفات ولا قناعات داخلية، المهم (الشكل، واللغة المتحذلقة)، ومن شروطهم ألا تلبس العقال؛ لأنهم يقولون إنه يحجب العقل، أو على الأقل «هو بدعة لا تستحب لأهل العلم».

هذه الفئة التي تسيطر على النشاطات ذات الحراك المالي الذي هو عصب الحياة، تعطي أكثرهم - ولا أقول كلهم - الحق في أن يصبحوا أصحاب أربع وظائف أو خمس، أو أكثر من ذلك حسب ذكاء ودهاء أحدهم.

فهو مؤذن مسجد.

وهو يحصل على بيت بجوار المسجد ليسكن فيه مجاناً أو له الحق أن يؤجره؛ لأنه أُعطي إياه من قِبل ولاة الأمر، ولأنه حق له مستحق.

وهو يقوم بتحفيظ القرآن في المسجد.

ويقوم بتوزيع الصدقات وتهيئة إفطار الصائمين في رمضان.

ويقوم بتوزيع كتيبات ومطويات وعظية.

وفوق ذلك فلديه الاستعداد لأن يقوم بالحج والعمرة نيابة عن الأثرياء، وكل حجة أو عمرة يختلف سعرها حسب معرفته لحالة موكله من الثراء والبطر!! ولكنه يوكل فراش المسجد ليؤذن عنه.

لا يُشترط لهذه الوظائف أعلاه أية شرط تعليمي، ولا نظامي أيضاً، سوى أن يجد مَنْ يدفعون به ويزكونه، وأنه «شاب صالح»!! وهذه أهم المؤهلات، ولها مفعول مؤقت حتى يصيبه داء الثراء ثم يعتزل!! ولعل شرط التزكية القوي هو «من الجماعة جزاك الله خيرا».

والسبب في كل هذه التناقضات هو أنه لا يوجد تقنين لوظيفة مؤذن المسجد أو غيرها من الوظائف أعلاه سوى أن يكون له دعم قوي من فئة مناطقية درجت على أن تشكِّل حلقة مُحْكمة لا يمكن اختراقها، ولها هيبتها وقوتها في الحراك، ولها دور في أن تدفع أعضاءها إلى أن تطير بملايين الريالات وتعدد الوظائف، أما الشباب الجامعي فليبق منتظراً رقمه في وزارة الخدمة التي تقف مثل أبي الهول المقطوع الأنف على ناصية الشارع الفسيح الذي تحتل زاويته بمبنى جميل جداً!!

فاكس: 2372911


abo_hamra@hotmail.com

 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد