Al Jazirah NewsPaper Tuesday  26/01/2010 G Issue 13634
الثلاثاء 11 صفر 1431   العدد  13634
 
نظام الاستثمار الأجنبي يستند إلى معايير عالمية تعزز التنافسية
د. محمد عبدالرحمن الشمري

 

استطاعت المملكة خلال ما يزيد على عقد من الزمن إجراء إصلاحات جذرية على النظام التجاري لديها لكي تستطيع الدخول في منظومة منظمة التجارة العالمية التي تشترط توفر معايير موحدة في الكثير من الأنظمة والقوانين التجارية الداخلية للدول الأعضاء لتيسير التجارة وإزالة العوائق الفنية أمام التجارة الدولية، وتشجيع تنقل رؤوس الأموال والاستثمارات بين الدول الأعضاء.

وتمثلت تلك الإصلاحات على وجه الخصوص في تعديل بعض الأنظمة التجارية السعودية مثل: نظام العلامات التجارية ليستوعب معايير حماية العلامات التجارية المشهورة عالمياً، ونظام حقوق المؤلف ليتضمن حماية آفاق واسعة من المنتجات الفكرية وحماية حقوق المؤلفين وأصحاب الحقوق المجاورة لحق المؤلف مثل حقوق المنتجين والمؤدين وأصحاب البث الفضائي، ونظام براءات الاختراع ليتضمن التعديلات التي أدخلتها منظمة التجارة العالمية عليه. كما أصدرت أنظمة جديدة مثل نظام حماية التصميمات الخارجية للسلع، ونظام الأصناف النباتية، ونظام حماية الدوائر الإلكترونية، ولائحة حماية الأسرار التجارية، وأصدرت لائحة التدابير الحدودية ذات المعايير العالمية التي تهدف إلى منع تدفق السلع المقلدة على السوق السعودي، وعززت ذلك بإجراء تعديلات على نظام مكافحة الغش التجاري.

ومن ناحية أخرى، أجرت المملكة تعديلات مرنة جداً على نظام الشركات بهدف السماح للبنوك بإنشاء شركة الشخص الواحد خروجاً على القاعدة الموضوعية العريقة في نظام الشركات المتمثلة في شرط (تعدد الشركاء). وذلك بهدف تيسير وتشجيع إنشاء الشركات.

وهناك مجالات أخرى حظيت بالتنظيم وفقاً لمعايير عالمية مثل نظام الاستثمار الأجنبي، ونظام مكافحة غسيل الأموال، ونظام التأمين، وأنظمة أخرى لها صلة بقواعد التجارة مثل النظام الخليجي الموحد لمكافحة الإغراق والتدابير التعويضية.

والمجال هنا لا يسمح باستعراض جميع الأنظمة التي حظيت بالمراجعة والتعديل، لكن نستطيع القول إن النظام التجاري السعودي أصبح متوافقا مع المعايير العالمية، وسيساهم في تشجيع التجارة وتعزيز التنافسية إن أحسنت السلطات التنفيذية تطبيق الأنظمة بصرامة وفرضت مبدأ سيادة النظام، واستند ذلك إلى قضاء تجاري مهني وفعال. فلا مجال للقول إذا بغياب النظام، وإنما يمكن القول بالحاجة لتعزيز دور الجهات المعنية في تطبيق النظام خاصة في مجال الملكية الفكرية والغش التجاري الذي يشوه السوق السعودي.

فالعقبة التي يجب تضافر الجهود لتجاوزها تتمثل في تشتت القضاء التجاري المتمثل في تعدد اللجان المختصة التي أنيط بها النظر في النزاعات الخاصة ببعض فروع العمل التجاري.

فقضايا الملكية الفكرية وحماية برامج الحاسب الآلي تشكل هاجساً وقلقاً للكثير من الشركات الأجنبية والجهة المعنية في تنظيمها وحسم الخلافات الناشئة عنها هي لجنة قضائية مشكلة في وزارة الثقافة والإعلام.

والقضايا ذات الصلة ببراءات الاختراع وتسجيلها تنظر من قبل لجنة مشكلة في مدينة الملك عبدالعزيز للعلوم والتقنية. وهناك لجنة خاصة بنظر القضايا الجمركية مشكلة في مصلحة الجمارك. ويوجد عدة لجان في وزارة التجارة مختصة بنظر قضايا المنافسة، والشركات التجارية، والوكالات التجارية، ولجان خاصة بقضايا التأمين، وأخرى بالنزاعات المصرفية، بالإضافة إلى الاختصاص الممنوح لديوان المظالم في نظر قضايا العلامات التجارية والأسماء التجارية.

والحل - كما هو مخطط وفق مشروع خادم الحرمين الشريفين لتطوير القضاء - يكمن في تركيز المرجعية القضائية تحت مظلة واحدة (المحكمة التجارية) وإنشاء محكمة استئناف ومحكمة تجارية عليا وإلغاء دور اللجان القضائية. فالقضاء التجاري جدير بأن يعطى الأولية في الاهتمام لمساسه بالحياة الاقتصادية والتجارية والمصالح المتعارضة للتجار والمستهلكين، وتوفير متطلبات السرعة في البت في القضايا التجارية والإجراءات التحفظية وحسن إدارة قضايا الإفلاس ومعالجة وضع الشركات المتعثرة. فهذه هي البيئة الصحية لتنمية التجارة الداخلية وجذب الاستثمارات الدولية؛ أي الاستناد إلى أنظمة حديثة، وقضاء فعال، وآليات تنفيذ للأحكام القضائية والتدابير التحفظية الضرورية لحماية الائتمان التجاري. ويجب عدم التردد في الاستعانة بكوادر بشرية مهنية من العريقين في مجال الأعمال والمختصين في القانون لبناء القضاء التجاري على أسس سليمة ووفقاً للمعايير الدولية التي لا تتعارض مع ثوابت المملكة.

من ناحية أخرى، لا أحد يغفل أهمية التحكيم التجاري باعتباره قضاء العصر الذي يفضله رجال الأعمال والمستثمرون بما يتميز به من سرعة ومهنية، وضرورة إجراء تعديلات على نظام التحكيم التجاري السعودي ليتلاءم مع قوانين التحكيم الدولية، وإنشاء مركز تحكيم سعودي يستوعب القضايا التجارية التي يضطر أصحابها للجوء إلى مراكز تحكيم إقليمية ودولية.

إن طفرة الإصلاحات في النظام التجاري للمملكة خطوة مهمة نحو تحقيق التنافسية وستكتمل عوامل المنافسة عند تحقيق إصلاحات القضاء التجاري.




 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد