Al Jazirah NewsPaper Tuesday  26/01/2010 G Issue 13634
الثلاثاء 11 صفر 1431   العدد  13634
 
طاقتها الإنتاجية 60 مليون طن حالياً.. وتوقعات باستثمار 100 مليار في 2015
المملكة مرشحة لاستقطاع 14% من السوق البتروكيماوية العالمية خلال السنوات الخمس المقبلة

 

«الجزيرة» - عبدالعزيز العنقري :

أكدت خطط التنمية المتعاقبة في المملكة خلال الثلاثين عاما الأخيرة أهمية التصنيع، بوصفه البديل الأمثل للإسراع في تحقيق أهداف التنمية الرامية إلى تنويع القاعدة الإنتاجية وتخفيف الاعتماد على إنتاج وتصدير النفط الخام فتطورت الصناعة تطورا كبيرا، ونمت بفضل بناء قاعدة صناعية قوية شملت القطاعات الثلاث وهي الصناعات البتروكيماوية وصناعة تكرير النفط والصناعات التحويلية الأخرى.

وكان قطاع البتروكيماويات حجر الزاوية في هذه التنمية الصناعية, أما قطاع تكرير النفط فقد عمل على زيادة القيمة المضافة للنفط علاوة على إسهامه في دعم الصادرات الصناعية، وقد عملت الجهات الحكومية ذات العلاقة على تطبيق سياسات وبرامج التنمية الصناعية ممثلة في وزارة التجارة والصناعة والهيئة العامة للاستثمار والهيئة الملكية الجبيل وينبع وصندوق التنمية الصناعية السعودي.

وقد أسهمت هذه التطورات الاقتصادية الإيجابية التي شهدها الاقتصاد السعودي في إيجاد بيئة جاذبة للاستثمارات العالمية؛ ما جعل المملكة تصنف في المرتبة (13) عالميا من بين (178) دولة من ناحية الاستقطاب للاستثمارات الأجنبية.

الصناعات البتروكيماوية في المملكة

تقدر اليوم الطاقة الإنتاجية للقطاع البتروكيماوي في المملكة ما يقارب (60) مليون طن بما يمثل 62% من إجمالي إنتاج دول مجلس التعاون الخليجي ونحو 8% من الإنتاج العالمي. ويتوقع المهندس علي النعيمي وزير البترول والثروة المعدنية ارتفاع هذه الطاقة الإنتاجية إلى 80 مليون طن و باستثمارات تصل إلى 100 مليار دولار بحلول العام 2015. ما يعني أن حصة المملكة من السوق العالمي للبتروكيماويات ستقفز من نسبة (8%) إلى (14%) في السنوات الخمس القادمة.

إن النمو الكبير الذي شهده قطاع البتروكيماويات السعودي منذ ثلاثين عاما وحتى اليوم جعل من المملكة لاعبا أساسيا في هذه الصناعة ودفع إلى التدفق الهائل من الاستثمارات الأجنبية على هذا القطاع الحيوي، خصوصا مع انتقال مناطق إنتاج البتروكيماويات العالمية من الدول المرتفعة التكاليف إنتاجاً إلى بلدان تعتبر الأفضل لناحية التكاليف وتتمتع بالقرب الجغرافي من الأسواق العالمية، وهما ميزتان تتمتع بهما المملكة بلا منازع في منطقة الشرق الأوسط. فتطور قطاع البتروكيماويات في المملكة لم يأت، كما هو الحال في دول أخرى، رداً على تزايد الطلب على هذه المواد، بل نظراً لوفرة الإنتاج الغازي في حقول الغاز في المملكة. وهو ما يعرف بالغاز (المصاحب) الذي يحتوي على نسبة عالية من غاز (الإيثان) وهو الغاز الأهم في صناعة البتروكيماويات.

تعد المملكة حالياً أكبر منتج في العالم لمادة الميثانول وثاني أكبر منتج في العالم لمادة الايثيلين. وهذا بحد ذاته يعد إنجاز ضخم إذا ما قورن في البدايات المتواضعة لهذه الصناعة التي انطلقت باستثمارات مباشرة بلغت نحو ملياري دولار في ثمانينيات القرن الماضي لترتفع بنهاية التسعينيات إلى (20) مليار دولار ولتصل اليوم إلى مئات المليارات، فبرزت شركات سعودية تبوأت مكانة عالمية وعلى رأسها شركة سابك التي تعد اليوم إحدى أكبر 10 شركات عالمية في إنتاج البتروكيماويات، إضافة إلى 13 شركة أخرى، كما زاد عدد المجمعات البتروكيماوية من مجمع واحد عام 1983 إلى 24 مجمعا عملاقا يمثل 14 مجمعا منها مشروعات مشتركة عملاقة عالمية، كما يوجد حالياً العديد من المشروعات الهائلة قيد الإنشاء أو قيد التخطيط. حيث تعكف المملكة حالياً عبر شركة أرامكو على تطوير مجمعات متكاملة لإنتاج المواد البتروكيماية من خلال تطوير عدد من مصافيها القائمة حالياً عبر تنفيذ مشروعات مشتركة مع شركة داو كيميكال في رأس تنورة ومع شركة توتال في الجبيل ومع شركة كونونكو فيليبس في ينبع، كما ستوفر مصفاة جازان فرصا سانحة للتعاون في مجال الصناعات البتروكيماوية.

وتسعى المملكة في الأعوام المقبلة كما أكد وزير البترول السعودي إلى زيادة كميات ونوعيات الصادرات وكذلك تنويع الصناعات البتروكيماوية وتحويلها إلى منتجات أكثر تطورا وتميزا مثل الكيماويات المتخصصة وهو ما سيضاعف من إيرادات المملكة في هذه الصناعة إلى خمسة أضعاف مما هي عليه حالياً، كما أكد الدكتور(فلوريا بود) مدير الكيماويات في شركة ماكينزي في فرانكفورت الذي قال إن الدخول في الصناعات الكيماوية المتخصصة سيرفع مبيعات المنتجات البتروكيماوية في العالم من 700 مليار دولار إلى 2,5 تريليون دولار وستكون الحصة الأكبر للدول الخليجية بسبب ميزتها التنافسية.

نمو الصادرات البتروكيماوية

أولت المملكة اهتماما كبيراً لتنمية الصادرات الصناعية تمشياً مع استراتيجيات التنمية الاقتصادية الشاملة للدولة في توسيع القاعدة الإنتاجية وتنويع مصادر الدخل. وقد حققت الصادرات الصناعية السعودية نمواً سريعاً وكبيراً خلال السنوات الماضية، حيث نمت الصادرات الصناعية السعودية بمعدل (12.6 )% سنوياً خلال الفترة (1992- 2006) م، ولترتفع بذلك قيمتها من (12.5 ) مليار ريال عام (1992) م إلى أكثر من (64.4 ) مليار ريال عام (2006) م.

وبالنظر إلى نسبة الصادرات الصناعية إلى الناتج المحلي غير النفطي للمملكة نجد أن هذه النسبة قد ارتفعت من (4.2)% في عام (1992) م لتبلغ (11) % في عام 2006م. ولقد كان للصادرات البتروكيماوية السعودية السبق في الدخول إلى الأسواق العالمية، كما ساعدت في إعطاء الصورة الحقيقية للمنتجات السعودية من حيث الجودة والسعر. ومثلت حوالي ثلثي إجمالي الصادرات الصناعية السعودية، وقد شهدت الصادرات البتروكيماوية تزايداً مطّرداً منذ عام 1994م حيث ارتفعت قيمتها من (8) مليار ريال في عام 1993 لتصل إلى (42) مليار ريال في العام 2006م.

الصادرات البتروكيماوية والصادرات السلعية الأخرى خلال الفترة 1992-2006م.

*المصدر مصلحة الإحصاءات العامة - وزارة الاقتصاد والتخطيط. مستقبل الصناعات البتروكيماوية في المملكة:

رغم التحديات التي تواجهها صناعة البتروكيماويات في المملكة جراء السياسة الحمائية التي بدأت تتبعها بعض الدول التي ستكون سببا في مزيد من الانخفاض في التجارة العالمية، إلا أن هناك عوامل استراتيجية تصب في مصلحة المملكة من أهمها تمتعها بمزايا تجعلها مهيأة لأن تكون مركزا عالميا لإنتاج البتروكيماويات بحيث لن تستطيع هذه الإجراءات الحمائية أن تغير من هذه الحقيقة ذلك أن مزايا المملكة تستند إلى الجغرافيا والموارد الطبيعية والإنتاج المتطور.

أضف لذلك التوقعات بارتفاع التعداد السكاني وارتفاع مستوى المعيشة في كل من الصين والهند والبرازيل وبعض الدول الصناعية الأخرى في السنوات القادمة ما سيؤدي إلى تصاعد الطلب على المنتجات البتروكيماوية بنفس تصاعد الإقبال والطلب عليه خلال الأعوام 1960 - 2000م حيث يتوقع الاستشاري «اس آر إن» في نشرة صناعة البتروكيماويات العالمية أن ثلثي سكان العالم ربما يرتفعون من خط الفقر على مدى الثلاثة أو الأربعة عقود القادمة.

ان هذا التطور سيدفع بالمملكة إلى أن تصبح مركزاً عالمياً رئيسياً لصناعة البتروكيماويات في القريب العاجل، كما أنه سيدفع إلى توسيع هذا القطاع في المملكة بسرعة أكبر من السابق، وهو ما سيرفع الضغط على قطاع البترول الخام السعودي الذي يعتبر المصدر الرئيسي للدخل في المملكة حالياً حيث سيحتل قطاع البتروكيماويات مركزاً متقدماً في قائمة مصادر المملكة في الدخل .




 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد