هو عبد الرحمن أبو جعفر الخازن، عاش في مَرو رقيقاً عند الخازن المروزي، وأخذ العلم في مجالس شيوخها، وشجعه مولاه على الدرس والبحث ومتابعة علومه، وتوفي سنة 1155م
أحاطت بحياته غيوم كثيفة، ولحق به إجحاف واهمال، كما أن سوء الترجمة نسبت آثاره إلى غيره كما نسبت آثار غيره إليه.
والخازن فيزيائي وفلكي ومهندس برع في علم الحركة والميكانيكا، وقد ابتدع جهازاً لمعرفة الثقل النوعي لبعض السوائل، ووضع نسباً لها وكان الخطأ فيها لا يتجاوز 6 من الغرام في كل ألفين ومئتي غرام، بمقارنتها مع النسب الحديثة التي توصل إليها علماء الفيزياء بمعداتهم الحديثة نراها تتقارب وتكاد تتساوى رغم الفرق الشاسع بين ميزان الخازن البسيط والموازين المتطورة حالياً وابتدع الخازن ميزاناً لوزن الأجسام في الهواء والماء ولهذا الميزان خمس كفَّات تتحرك إحداها على ذراع مدرج، مع العلم بأنه في كتب الفيزياء يُذكر بأن توريشللي أول من درس وزن الهواء وكثافته والضغط الذي يحدثه، لكن ثبت من خلال كتاب ميزان الحكمة بأن الخازن هو أول من تناول ذلك قبل توريشللي بخمسة قرون، ولم يقف الأمر عند هذا الحد، بل أشار إلى أن للهواء قوة رافعة كالسوائل وأن وزن الجسم المغمور في الهواء ينقص عن وزنه الحقيقي، وأن مقدار ما ينقصه من الوزن يتبع كثافة الهواء.
بحث الخازن في الكثافة العظمى للماء عندما يكون قريباً من مركز الأرض قبل روجر بيكون بقرنين من الزمن.
وبيَّن الخازن بأن قاعدة أرخميدس لا تسري على السوائل فحسب، بل تسري على الغازات أيضاً، ولا شك بأن هذه البحوث مهَّدت لابتكاركالبارومتر ميزان الضغط والمضخات المستعملة لرفع المياه،كما يذكر أن الخازن قد استعمل الإيرومتر لقياس الكثافات وتقدير حرارة السوائل، وبذلك يكون قد مهَّد السبيل أمام غاليلو لصنع الترمومتر ويعد الخازن من أوائل العرب الذين بحثوا في الجاذبية، وأظهر العلاقة بين سرعة الجسم والمسافة التي يقطعها والزمن الذي يستغرقه قبل غاليلو بخمسة قرون.
ويقول: إن هناك قوة جاذبة على جميع جزئيات الجسم وإن هذه القوة هي التي تبين صفة الأجسام، وقد ثبت حديثاً بأن لهذه النظرية أهمية قصوى في عمليات التحليل الكيميائي.