Al Jazirah NewsPaper Thursday  25/02/2010 G Issue 13664
الخميس 11 ربيع الأول 1431   العدد  13664
 
حديث المحبة
الموظف بين ولاء.. وولاء
إبراهيم بن سعد الماجد

 

عندما يكون المسؤول الكبير في وزارة ما لا يهتم ولا يتحرك عندما ترده ملاحظة على جهاز وزارته، وعندما تتراكم سلبيات وزارة ما ولا تجد من المسؤولين فيها أي تحرك يعيد الأمور إلى نصابها، وعندما تراجع وزارة ما وتجد أغلب المكاتب فارغة من الموظفين، وعندما يرمقك موظف بطرف عينه وينهرك عندما تستفسر عن معاملتك، وعندما نكتب.. ونكتب ولا نجد أي صدى لما نكتب فبماذا نفسر هذا..؟

يفسره البعض بأنه ضعف في ولاء هؤلاء المسؤولين لوظائفهم، لذا فهم لا يعبأون بأي نقد يوجه لإداراتهم، ولا ينظرون إلى مسألة تطوير العمل والاستفادة من ملاحظات الجمهور، وليس لديهم الوقت الكافي لدراسة الشكاوى والملاحظات التي تعني وزاراتهم، فهم مشغولون بما هو أهم وأجدى، مشغولون في تزويق ذواتهم لنيل الرضا وتحقيق المبتغى بترقية أو مكافأة أو تحسين لوضع متردٍ، شرها لا حاجة وافتقاراً.

ويفسره البعض بأنه عدم تأهيل هؤلاء الموظفين التأهيل النفسي والسلوكي الذي يجعلهم يعون ماذا يعني أن تكون موظفاً منتجاً فعلاً، وماذا تعني خدمة الآخرين في قاموس الإنسانية بشكل عام وفي قاموس المسلم تحديداً.

إن النفس الإنسانية إذا لم تجد من يقومها ويدربها على أن تكون عفيفة غنية ذات شوق لمعالي الأمور، فإنها ستورد صاحبها مهاوي السفه والخنوع.

ولذا من الأهمية تلك الدورات النفسية والسلوكية التي تمنح الإنسان هذا التأهيل المعنوي ليكون فاعلاً في مجتمعه، مؤثراً في مسيرة وطنه إيجاباً لا سلباً، ولعل في ذكر بعض القصص والمواقف المشرفة لأصحابها ما يعين على هذا الهدف النبيل، أذكر في هذا المقام موقفاً عظيماً للفقيه عطاء بن أبي رباح فقد دخل على عبدالملك بن مروان فأجلسه عبدالملك بين يديه وقال له: ما حاجتك يا أبا محمد؟ فقال: حرم الله وحرم رسول الله صلى الله عليه وسلم فتعاهده قال نعم، ثم قال: واتق الله في أولاد المهاجرين والأنصار، فإن بهم بلغت هذه المنزلة، فلا تقطع عنهم الأرزاق، من هو ببابك، ومن هو ناء عن بابك، وأنت مسؤول عنهم، قال: أفعل ولم يسأله لنفسه حاجة فقال عبدالملك: هذا وأبيك الشرف والسؤدد.

مثل هذه المواقف وهذه القصص قد تحرك بعض الأنفس النقية، التي تكون مراقبة الله ما زالت في ذاكرتها في أن تخلص في عملها وتؤدي ما أنيط بها من مسؤولية على الوجه الذي يرضي الله أولا ثم ولي الأمر.

عطاء العالم الورع جاء للخليفة مذكرا له بأمر فئة من الناس يرى أن لهم حقوقا يجب أن تصلهم بلا منّ ولا أذى، فكيف لو كان على سدة مسؤولية رسمية..؟

أورد هذه القصة، وأمثالها كثير وأنا أرى أوضاع بعض المسؤولين الذين ضعفت ذممهم، وخارت قواهم أمام مصالحهم الخاصة ومطامعهم، أراهم لا يعيرون المسؤولية التي أوكلت لهم أي اهتمام، ولا يعنيهم شأن المواطن رضي أم سخط، فالهدف أن يحققوا مطامعهم ويستغلوا وجودهم في هذا المنصب، وفئة أخرى من هؤلاء الموظفين عفيفة صالحة لكنها مهملة غير مبالية بأداء عملها على الوجه المرضي، غير آبهة بأوقات المراجعين، هؤلاء وهؤلاء بحاجة ماسة لمزيد من التوعية ومزيد من تطوير الذات، ولا يستثنى من ذلك كبار المسؤولين فهم أولى وأحق، وأعتقد أن إعطاء الدورات يجب أن يكون إلزامياً بغض النظر عن كونه ضرورياً في حالة الترقية من عدمه، بل يجب أن يكون إلزامياً لبقاء الموظف في وظيفته.



almajd858@hotmail.com

 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد