Al Jazirah NewsPaper Friday  26/02/2010 G Issue 13665
الجمعة 12 ربيع الأول 1431   العدد  13665
 
الأشرعة
غازي القصيبي
ميسون أبو بكر

 

أطل القصيبي من نوافذ الروح على شرفاتنا في ليلة تكريمه، الليلة التي أقامها نادي الرياض الأدبي الثقافي في ليلة ساحرة جمعتنا بكوكبة ممن جاءوا ينثرون نجوم الكلمات في فضاء الرياض التي حضرت موشحة بقصيدة عاشقها القصيبي والتي شدا بها معالي الشاعر الوزير عبد العزيز خوجة.. كأنك أنت الرياض.

صرنا نحن الرياض وصارت قلوبنا غازي.. وتوحّدت أرواحنا في دوحة الشعر الذي اتسع به المكان وامتلأ بالحاضرين الذين لما امتلأت بهم مقاعد المسرح فاضت ردهات القاعة وخارجها يسترقون السمع على ما قيل من شعر وحب.

الرحلة كانت عذبة مع الشاعر والأديب والروائي غازي القصيبي الذي حمل حقائب السياسة كما حقائب الشعر.. غازي القصيبي شاعرٌ حاك روحهُ من تراب يثربَ على مهَل وتَؤُدَة.. استجمع خيوط َ فطرته من بداوة ممزوجة بالدم، نقّت لغَتَه وغربلت رؤيتَه، لتُصفيها كرمال بكر في صحراءَ عذبة لم تعكّرها لغاتٌ مهجّنة ولا رياحٌ مطعمةٌ بأخرى تهب من جهاتٍ مضادة.. هو شاعرٌ خبأ في دفاتره كلماتٍ استعارَها من قلبِه حينا أو كتابٍ اعتاد أن يرافقَه في سفره، أو من حلمٍ بالغياب.. وعطش لسقيا سماء نخيل الأحساء التي لطالما اعتذر لها عن غيابه وحنينه.

ماذا نقول عن القصيبي ومن أي بحر نغرف.. وأي حنين هو الذي تستطيع أن تشفيه الكلمات.

كان لحديث الأستاذ خالد المالك عن غازي السياسي وغازي صاحب الحقائب الوزارية المتعددة وصاحب المواقف الوطنية الموحدة.. انفرادية بالمسيرة الإدارية لهذا الرجل ذي المقدرة العالية والخارقة.. الرجل (السوبرمان) الذي لطالما ملأ الدنيا وشغل الناس.

حين كان وزيراً للكهرباء.. كان قنديل النور في مكتبه هو آخر القناديل التي تنطفئ في البلدة، وحين كان وزيراً للعمل كان المثل للشباب السعودي الذي افتخر بهذا الوزير قدوة له.

غازي صاحب المدائن التي تنقل بها بحقائب وزارية وأخرى شعرية.. هو ابن المملكة وفتى القاهرة وعاشق البحرين وقلب بيروت وحبيب القدس وزائر لندن.. المدنُ نساء.. تكحلن بحبر قصيده.. وارتدين عباءة القصائد.. المدنُ حورياتٌ تتنفس الفجر على شواطئِِ هذا الشاعر العربي العاشق.. سكنها سنوات ولما رحل عنها (أي المدن) بقيت تسكنه طوال العمر.

لن أكتب هنا بقدر ما فاض به القلب تلك الليلة الاستثنائية التي أتت بغازي القصيبي من أمريكا على أشرعة الكلمات التي استحضرت روحه العذبة ومسيرته.. ولا يسعني إلا أن أشكر سعادة الدكتور عبد الله الوشمي رئيس نادي الرياض الأدبي على هذه الأمسية الرائعة والفكرة الساحرة ليكون احتفاء بشاعر نحب.

سأرفع أكف القلب والضراعة إلى الله أن يعيد هذا الفارس سالماً معافى.. يشتاقه الشعر ونشتاقه جداً.

من آخر البحر لغازي القصيبي

في الخريف..

يسقطُ الحزنُ من الأشجارِ كالأوراقِ

تذروه الرياحُ

فهو في كلِّ مكان..

في الشتاءْ..

يسكنُ الحزنُ الغيومْ

ويزورُ الأرضَ زخّاتِ مطرْ..

في الربيع..

ينبتُ الحزنُ من التربةِ أعشابًا

وشوكاً ووروداً

ومع الصيفْ..

يسيلُ الحزن في كل الوجوهْ

فهو حباتُ عرقْ





maysoonabubaker@yahoo.com

 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد