Al Jazirah NewsPaper Friday  26/02/2010 G Issue 13665
الجمعة 12 ربيع الأول 1431   العدد  13665
 
لما هو آتٍ
أي تهافت هذا...؟
د. خيرية إبراهيم السقاف

 

كثرت وتعددت رسائل الهاتف المجانية مختلفة الأغراض، ولم يُجدِ نفعاً مع شركة الاتصالات، الكتابة عن مدى ما تسببه من إزعاج لمستلميها, الذين لا حول لهم ولا قوة أمام سيلها.., كل ذلك لم يعد المرء يكترث به، فهو أحد منغصات التقافز على حقوق الراحة، والخصوصية، لإنسان هذا الزمن الذي لم يعد شكاءً بكاءً فقط، بل بلغ تذمره من كل الذي يقتحمه, فيورطه فيما لا يريد, مبلغاً بعيداً، بدءاً بملوثات البيئة الخارجية، ووصولاً لمنغصات ما يُزجُّ في حيزه الصغير, حين يجلس لنفسه أو ولده أو خاصته، فتقتحمه الصور والأصوات، والأفكار التي قليلها مفيد، وأغلبها سقيم...

ما يلفت النظر وبقوة، أن هناك ما يوحي من خلال مضامين هذه الرسائل، إلى أن المرء بعد تلقيها وقراءتها، يجد نفسه أمام أسئلة من مثل: هل كل الناس جهلة، ومرضى؟ مصابون بأمراض جلدية، وبصرية، بل نفسية وعقلية وسلوكية؟ بعد أن تهافت أصحاب رؤوس الأموال، على افتتاح عيادات ومراكز للتجميل، وللياقة، ولم تقف عند لياقة الجسد بل تخطت عند المتكسبين، إلى لياقة الأذهان والنفوس والعقول، وتحولت مرافق المجتمع للتنابز في مقدرات القائمين على تقديم الدورات التدريبية, التي تعيد من شأنها لياقة التصرف، ومعرفة الذات، واتقان أساليب التفكير, وإدارة الوقت، ولم يبق إلا من يقول لك: متى تستنشق، ومتى تزفر، وكيف تمشي.., ومتى تجلس.. ومثل هذا يحدث، بل يُستقدم له خبراء من الخارج..,

تُرى، هل الناس اكتشفت على حين غفلة، أنهم كانوا فقراء للمعرفة، تائهين في تخبط، جاهلين على غير إدراك، مرضى، لا يدركون، ولا يحسنون التصرف, وبعيدين عن أجسادهم، وعقولهم، ونفوسهم كل البعد، وان قد حطَّت عليهم, ملائكة الرحمة، على هيئة كلِّ من يزج لهم برسالة، تقض من راحتهم، وتشغل وقتهم، وتقتحم خصوصيتهم، ليتعرفوا أنفسهم بعد جهل، ويجدوا ضالتهم بعد فقد,,.؟..

أي منقلبٍ آل إليه الناس..؟ وأي وعي مفتعل.., وعلم مغلف بلمعة..؟




 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد