Al Jazirah NewsPaper Sunday  14/03/2010 G Issue 13681
الأحد 28 ربيع الأول 1431   العدد  13681
 
هذرلوجيا
جمليوتر (22)
سليمان الفليح

 

أقول إنني في المقالة السابقة قد تناولتُ علم الباراسيكلوجي، وتحدثتُ في سياق المقالة عن استشراق الشاعر أو الفنان للمستقبل، وضربتُ مثلاً بقصيدة لي نشرت في أواخر السبعينيات الميلادية في ديواني الأول (الغناء في صحراء الألم). تلك القصيدة التي حقيقة لم أكن أعيرها أي اهتمام خاص، لأنها جاءت بما يشبه الحلم الكابوسي أو التهويمات الشعرية التي تمرّ بالمحنلة. ولكن بعض النقاد - فيما بعد- رأوا غير ذلك(!!) إذ كانت بعنوان (الغزو)، والتي اعتبروها (تنبؤاً) بما حدث في أول التسعينيات - أي غزو واحتلال الكويت. وقد علق بعض (الخبثاء) على هذه (الحالة الشعرية) المحضة، بأنها استظهار خيالي ليس له علاقة ب(استشراف الشاعر للمستقبل)، الأمر الذي حداني لأن أبحث في علم الباراسيكولوجي (الاستشراف والتخاطر) وأكتب بحثاً صغيراً عن هذا الموضوع في مجلة العربي لاحقاً، وقد استشهدت باستشرافات شعراء عدة سواء أكانوا عالميين - أو شعراء فصحى- بل وحتى شعراء شعبيين أمثال (اداموس، المتنبي، مالك بن الريب، عبد يغوث الحارثي، رميح الخمشي، شاكر الخمشي وسعدون العواجي وغيرهم).

ولعل الملّم بدراسة الاستشراف الباراسيكولوجي يتذكر أن غرق السفينة تايتانيك كان -قبلاً- مجرد رواية خيالية كتبها روائي إنجليزي، ولكنها حدثت بالتفاصيل لاحقاً بعد عدة أعوام. وكذلك أن عظيموف حينما كتب رواية خيالية يتحدث فيها عن آلة حديدية تجيب على أسئلة الإنسان وتحمل ذاكرة مثله، أصبحت تلك الرواية واقعاً بل سبباً في اختراع الكمبيوتر. كذلك الأمر من يلم بتاريخ الشعر يعرف أن مالك بن الريب قد رثى نفسه قبل الموت، وكذلك عبد يغوث الحارثي في الشعر الشعبي نعرف كيف تصور الشاعر (الخمشي) ما سيحل بإحدى الهجر النجدية لاحقاً وقد حل بها ما تصور.

واليوم وبعد أن قرأت خبر (جمل الصداوي) هاأنذا أستحضر القصيدة التي كانت تتحدث عمَّا حدث في العراق، والتي نشرتها في الثمانينيات الميلادية، والتي تتحدث عن حالة الوطن العربي وما حلَّ به مجسداً بالعراق، إذ تقول:

(أنه الوطن العربي

وطن بدوي

جمل رأسه في الغيوم

«يتخبط فوق العمائر أو ناطحات السحاب»

ويجتر شوكاً ويزيدُ

أو/ ليطلق قهقهة كالدويّ

إنه الوطن البدوي

مجرد ضبّ يرتب في جحره (معملاً نووي)

فماذا الدويّ

أل يفزع هذا الجراد المرابط في الأفق الذي له شقره المرض البرصيّ،

ليجتاح هذي المدائن

كيما يصير العدو صديقاً

يمدّ له دعمه الأخويّ

يا لهذا الدويّ

الهدير - الغرير

الثغاء

الذي يتحول يوماً رغاءً غبيّ).

يبقى القول أخيراً يا لسطوة الشعر في الذاكرة، ويا لبؤس من (يتحول هديره رغاءً) كما يقول أهلنا في البادية لأننا نعيش زمن الكمبيوتر لا زمن الجمليوتر..!!




 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد