ستة وعشرون عاماً ونحن ندعي أننا نحاول أن نغير من سلوك المواطنين حين قيادتهم سياراتهم الخاصة، والنتيجة الواضحة للكل رغم مرور هذه السنوات لا شيء، بل ربما تكون النتيجة سلبية وللأسف الشديد!!، والأرقام والمقابر خير شاهد وأعظم برهان، والسؤال الذي يطرح نفسه: ترى لماذا كانت هذه هي المحصلة مع أن رجل الأمن جرب فيما يعرف بأسابيع المرور كل الشعارات الممكنة ووظف جميع العبارات الإعلامية الرنانة، ووظف وما زال يعمل على توظيف ما تفتق عنه العقل وأبدعه الإنسان من أجل استدرار مشاعر الناس والتأثير على عقولهم، هل المشكلة في وسيلة الإقناع وقناة التواصل، أم في عدم القناعة بالمقنع من قبل المواطن، أم أنه العناد والمكابرة والرفض شعوراً من قائد المركبة بأنها محاولة من رجل المرور للسيطرة وفرض الرأي والحصول على المال عن طريق رصد المخالفات التي تقع بكل وسائل التربص والمكر؟.. وقد يتعلق الأمر بالشأن العقدي الذي يرتكز عند كل منا بأن ما يصيبنا هو بقدر الله (ولا يغني حذر من قدر). ماذا بقي لم يجرب من أجل تقليل الحوادث وضمان السلامة في شوارعنا الواسعة والطرق العامة السريعة، المرور السري وكاميرات الرصد والغرامات المضاعفة والسجن والإيقاف للسائق والمركبة، وفي أسبوع المرور الخليجي الورود عند الإشارات واللوحات الإرشادية والنشرات التوعوية والمعارض والحفلات الرسمية التي يشرفها أمراء المناطق ويدعى لها الجميع، وقد يستضاف في هذه المناسبات من ذاق مرارات الحوادث وعانى وما زال يعاني من ألم خطأ ارتكبه قبل سنوات أو ارتكب في حقه علاوة على المحاضرات والندوات في المدارس والمنتديات، كل هذه الأشياء وقفة عاجزة عن تغيير القناعات، هناك من قال إن لدينا مشكلة في الطبع والتركيب فنحن لا نقبل الانصياع للأوامر ولا نرضى الالتزام بالنظام، فالانضباط في عرفنا الاجتماعي غطاء ثقيل يكبلنا، يأسرنا، يحطم شخصياتنا، يقلل من شأننا!!، وهناك من يقول إن ما يعاقب عليه النظام المروري في المملكة العربية السعودية ليس هو السبب الحقيقي للحوادث فعدم ربط حزام الأمان أو السرعة فوق ال120 خاصة في الطرق السريعة وعندما تكون السيارة جديدة ومريحة، والتحدث بالجوال وأنا أقود السيارة وعدم حمل الرخصة.. ليست أخطاء تستحق العقاب المالي أو غيره، وفرض الغرامات المالية عليها تأتي من باب التعنت وإيجاد المسببات للحصول على المال بغير وجه حق، علاوة على أن المساواة والعدل غائبة عند البعض من منسوبي هذا القطاع الهام فهم يفرقون بين الناس ويخضع الأمر عندهم للمزاجية والمعرفة وربما كان التركيز على أخطاء بسيطة وترك ما هو أكبر وأخطر كالتفحيط وقطع الإشارات والدوران المتكرر بلا سبب و....
ولأن القول عندهم يخالف أفعالهم كان مصير كلاماتهم أدراج الرياح، وهناك من قال المشكلة سببها العمالة الوافدة التي جاءت من بيئة لم تركب فيها السيارة من قبل وفور وصولها سلمت سيارة خاصة وصارت تجوب الشوارع بلا رقيب، وآخرون قالوا الشوارع الضيقة والتخطيط السيئ وهناك.. والذي يتفق عليه الجميع أن مثل هذه الأسابيع لم ولن تغير من واقعنا المروري شيء ولم تضف إلا سبل سلامتنا جديد ولذا لا بد أن نعيد النظر في كيفية التعاطي معها وآلية توظيفها التوظيف الأمثل حتى تقل الأرقام ويرتفع الوعي وتتحقق السلامة بإذن الله، وحتى نكون منصفين لا بد من الإشادة هنا برجال الأمن العام عامة وبرجل المرور على وجه الخصوص وتثمين الجهد الذي يبذل في هذا القطاع الهام، كما أن من الأهمية بمكان تكاتف الجهود من قبل قطاعات التنشئة الاجتماعية المختلفة حتى تتحقق لنا بإذن الله السلامة والأمن حين انتقالنا من مكان إلى آخر ذلك. أن الأمر أولاً وأخيراً يرتكز على الوعي المجتمعي، والسلوكي الجمعي ولذا تختلف قيادتنا للسيارة في المملكة عنها حين نسافر إلى بلاد طابعها العام الالتزام والانضباط حين القيادة ومن القلب أسأل الله عز وجل أن يحفظ الجميع ويقيهم شر أخطار الطريق وأخطاء الآخرين وإلى لقاء والسلام.