أصبح واقعا شاخصا بين أيدينا وتحت أنظارنا استشهاد بعض أبناء هذا الوطن في سبيل سلامة أهل الوطن، واستقرار وسلامة الوطن، وقد دأب ولاة الأمر -رعاهم الله- على ممارسة سجاياهم المحمودة، بتكريم المتميزين ممن أثروا بإنتاجهم بمثار جهودهم، وشكلت مناسبة تكريمهم بانوراما اجتماعية أبهجت حياتهم، وهو تكريم مشكور لمن استحقه، وهو حق لكل مستحق على وطنه، إلا أننا لو جمعنا إنجازات أي من كرموا من الرموز بالأوسمة والجوائز على إنتاجهم، أو ابتكاراتهم وأفعالهم وهم أحياء، الخ.. فلن يكون أكثر من قدر وحجم تضحية من قدم روحه راضياً على طبق التضحية في سبيل أمن وسلامة الوطن والمواطن، لن يكون في تقديري كافياً وضع صور شهداء الواجب في لوحات الشرف المعلقة في مداخل بعض المراكز الحضارية في بعض مدننا، فلو تعدى تكريمهم الاجتماعي بالإذن للبلديات ولجان تسمية وترقيم الشوارع بإطلاق أسماء شهداء الوطن على بعض الشوارع أو الميادين - ولو في بلداتهم ومساقط رؤوسهم كأن يكون شارع أو ميدان الشهيد.. ليكون بمثابة شهادة تقدير واعتراف بجليل ما قدم الشهداء وتضحياتهم، وصفحة مكتوبة بمداد العرفان، يعتز بها أبناؤهم وترغبهم في التأسي وتلمس سيرة آبائهم، وأن تضحية آبائهم في سبيل أمن الوطن تضحية مقدرة محفوظة مؤبدة في قلوب من أهداهم الشهيد روحه، ومن أجلهم تيتم أطفاله، واكتوى بحرارة الحزن قلب والديه وذويه، ورمل زوجته، وأن تقديرهم وإكرامهم ليس عارضا أملاه الموقف والمناسبة ينتهي بنسيان الحدث، لكيلا يقع على كاهل ذويهم كل الممكن حفظه لأبناء شهدائهم وهو ما يستطيعون لملمته من الصحف، ليطوي النسيان تضحياتهم بتجاوز الصحافة تناول حدث استشهاد هذا أو تشييع ذاك، إلى موضوع أو خبر آخر، خصوصاً أن شهادات وفاة الشهداء الذين قضوا في ميدان المواجهة مع المتسللين على الحدود وهي أهم وثيقة يرثها أبناء الشهداء دون وصية من أبيهم، خلت من أدنى إشارة تدل على استشهاد الشهيد، حيث اكتفت شهادات وفاة الشهيد على الاسم، وتاريخ الوفاة، واسم المستشفى الذي أصدر شهادة الوفاة - وسبب الوفاة طلق ناري - أيعقل أن تعجز إمكانات المستشفيات العامة والخاصة بتبعياتها المختلفة، عن إعداد نموذج شهادة وفاة للشهداء تتضمن بياناتها صفة وفاة المتوفى كأن تشتمل (مات شهيداً في ميدان المواجهة مع. في المكان.. بتاريخ.. بدلاً من أن سبب الوفاة طلق ناري، حيث لا يوحي بمدلول السبب لافتقار شهادة الوفاة للمعلومات إلا أن المتوفى مات نتيجة طلق ناري.