Al Jazirah NewsPaper Sunday  21/03/2010 G Issue 13688
الأحد 05 ربيع الثاني 1431   العدد  13688
 
المتطرفون..!
رمضان جريدي العنزي

 

المتطرفون رسم مخدوش وقبضة رماد عار وبشر من التيه، موغلون بالروائح الشاحبة، حياتهم مبتورة مليئة بالصديد، مساءاتهم عتيقة ليس لها قمر ولا نجم، وصباحاتهم لها لون السواد، يحبذون القنابل بدل البيض...

...وأصابع الديناميت بدل أصابع الحلوى، طرقهم موحشة مفزعة وضيقة وصحارى من رمل ورياح سموم، هم مثل جسد هزيل ينخر في عظامه الوهن، لهم سطو وعربدة وسحر مبين، يشدون أحزمه النسف على خصورهم تسبقهم أسطوانات الغاز المميتة، ثمة انكسارات لديهم وليس لهم قبسات من نور، لهم صدمة وشرخ وكأس مليئة بالسم الزعاف، الجهل والخرافة هي جذور المعرفة لديهم، مثيرون للشفقة وللسخرية في أنهم ظواهر سرطانية كالفاشية والنازية تحمل في طياتها محرضات الموت والهلاك والدمار، يستوي في ذلك أولهم وأدناهم داعمهم والمصفق لهم والمهرجون، إن وقائع المتطرفين عصية على التدوين لأن جراحهم العميقة لا تندمل بالتقادم ويظل أدنى تذكير بها إعلاناً للصداع المر المخيف، المتطرفون يخلقون اضطراباً عميقاً بروح الجاهلية الأولى، لهم أضغاث أحلام وعويل يتماهى بالنبض وأحلام فأرة لا تندم ولا تهزأ من أحلامها لكنها ترمي بنفسها إلى التهلكة، ليس عندهم أحلام تساعدهم على العيش ولا كيف يتحسسون الخيال ولا يقدرون على مواجهة المستقبل، فاشلون يؤمنون بالخرافة وليست عندهم حلول لخلاصات استثنائية، بل هي حلول أقرب إلى الفنطازيا والوهم، يحاولون أن يكونوا أبطالاً تراجيدين يملكون شروط الإنقاذ والتطهير وإعادة تأهيل المكان لكن لديهم تجاذبات خراب وعدوى دمار ومحنة وهشاشة بنى وتحزب وتشويه للروح وللحرث وللنسل وللأرض، إنهم يملكون عطالة الحضور وعطالة الوعي وإشكاليات الماضي بكل عقده وأزماته وأوهامه وإيقونات متحفة، ليس هناك فرق بينهم وبين ألمانيا (الهتلرية) إلى كمبوديا (بول بوت) وروسيا (موسليني) وصولاً إلى كافه قيادات الدكتاتورية والتطرف والقتل والاستبداد والطغيان والمهوسين بالدم، إنهم يشبهون بالضبط سرطان الغدد اللمفاوية المنتشرة في مختلف مناطق الجسم التي لا ينفع معها إلا العلاج الإشعاعي والكيمياوي أو الاستأصالي الجراحي المخيف، إنهم يسيرون على سطح أملس ساخن مطلي بزيت فلا ثبات لديهم ولا تأمل ولا تطلع، إن المتطرفين جاءوا بأطروحات ومحمولات فكرية ولغوية، لا يعلمون ما يطروحون ولا يفقهون منه شيئاً، يعيشون عكس حركة التاريخ والحضارة والمعرفة، ويتشبثون بلغة ثابتة مشدودة إلى الماضي بقوة، لا يحبذون التحرر من قيود الإفك الصارمة ولا يتفاعلون مع إيقاع العصر ولا يخضعون للاشتراطات الحضارية وحركة التاريخ والتطور والنمو، وسيبقون يهرفون بما لا يعرفون ويعانون من الدوار العقائدي والفكري واللغوي إلى يوم البعث الموعود.



ramadan.alanazi@aliaf.com

 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد