Al Jazirah NewsPaper Sunday  21/03/2010 G Issue 13688
الأحد 05 ربيع الثاني 1431   العدد  13688
 

حضارة وصراعات خفية
هدى ناصر الفريح

 

ركب النهضة والتطور تتسارع خطاه بل أصبح يهرول وطالت خطاه حتى اتسع مداه فالدنيا سباق وها هي أمم تنهض نهضة مبهرة ومعجزة بعد كبوات مفجعة لاحت للوهلة الأولى لمن قرأها واطلع على تاريخها أنها هلكت بها واندثرت أبدا ولكنها ما لبثت إلا أن امتطت جوادها وسابقت بكدح وعزيمة وإصرار متفان، وفي أعوام نالت التقدم وسادت بحضارتها ومجدها وكل ذلك حينما يعمل الفرد بروح الجماعة أي ألا يقتصر من هدفه من العمل قط من أجل الحصول على المرتب والوظيفة المعينة بل يؤدي عمله بالغاية الذي وجد هو لأجلها واضعا أمام عينه رؤية واضحة من الإخلاص والإتقان الجاد للعمل والتطوير المستمر له لا الروتين الجامد وأداء المهام لمجرد أدائها بلا ابتكار وإبداع وتطلعات متجددة..!

فأيا كان العمل المنوط بابن آدم تظل هناك حاجة مهمة لتطويره وتغييره ربما تبعا لتطور المجتمعات فلا وقوف واتباع لقرارات فعالياتها اندثرت منذ عهود بل تدبر وتفكر لمقتضى الحال والعمل بفاعلية لا تقف لكي يطيب الحال وتظهر الثمار اليانعة والحضارة الخالدة المثبتة الوجود على واقع مأمول.

وفي عالم اليوم قد يصاب الإنسان صاحب الضمير النقي والإخلاص المتفاني مع امتزاجه مع مختلف الأطياف في أي أرض كان.. بوقفات تدعوه لأن يكف يده ويهمل قليلا فلا ضير يرى ويعلم عنه فهناك الكثير هكذا أو بعض من هذا ممن تتراءى سعادتهم الظاهرة لا بواطنهم البائسة في أبهى حلة فتتضاءل القيم وتمحى المبادئ ويخبو خير الإيمان ويسقط للقاع فتضعف أمة ويكثر المدنسون لترابها ممن يتنفسون هواءها لكن فقط لفسادها! وتزخر المكتبات برسائل للبشر ممن تصدح دواخلهم الحية بالنقاء وتكتنفهم صراعات النفس وكم يحتاج إليها إنسان هذا اليوم ممن يشكو فراغا أم انشغالا.. من أروعها ما كتبه الرافعي -رحمه الله- في وحي القلم:

(كما يضر أهل الشر غيرهم إذا عملوا الشر يضر أهل الخير غيرهم إذا لم يعملوا الخير). وفي ذلك أيضا تزخر حروف الشعراء مخاطبة بني الإنسان في هذا الشأن وغيره مرارا وتكرارا منذ زمن طويل فالتاريخ قد يعيد نفسه من هناك إلى هنا ربما يدعوك للانتماء وإن جال بك الانبهار للبعيد..

كتب أبو إسحاق الألبيري - يقف الحبر معها-:

أنت المخاطب أيها الإنسان

فأصغ إلي يلح لك البرهان

أودعت ما لو قلته لك قلته لي

هذا لعمرك كله هذيان

فانظر بعقلك من بنانك واعتبر

إتقان صنعته فثم الشان

لله أكياس جفوا أوطانهم

فالأرض أجمعها لهم أوطان

جالت عقولهم مجال تفكر

وتدبر فبدا لها الكتمان

ركبت بحار الفهم في فلك النهى

وجرى بعض الإخلاص والإيمان

فرست بهم لما أتوا محبوبهم

فرسى لهم فيه غنى وأما

البكيرية


 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد